لهذه الاسباب الصادمة لم يتمكن الأهالي من التعرف على ضحايا حادثة البحر الميت .. “تفاصيل”
مع نهاية الدوام الرسمي يوم الخميس الماضي، تلقى مستشفى الشونة الجنوبية انذارا من مديرية الدفاع المدني برفع الجاهزية استعدادا للتعامل مع ضحايا الحادث المأساوي الذي تعرض له طلبة الرحلة المدرسية الذين قصدوا وادي زرقاء ماعين، بعدما داهمتهم السيول الجارفة المنحدرة من اعالي جبال ماعين والمناطق المتاخمة الى البحر الميت.
بداخل المستشفى الذي اسعف اليه جميع من ذهب في رحلة الموت ومن كان حاضرا عندما حولت السيول ذاك المكان الى قصص متناثرة على الصخور الباردة .. قصص تركت بعيدة هناك عبر الطريق ..عبر الوادي .. عبر الجبال والصخور والشمس التي غربت حزينة على ماجرى ..
دخلنا المستشفى من باب الادارة وهناك التقينا بمدير عام المستشفى الدكتور فايز الخرابشة لنقف معه على ما جرى في تلك الليلة وكيف كانت الاستعدادات وكيف واجه المستشفى حالة من الطوارئ لم يكن احد يعلم بها فاخبرنا ان الطواقم المناوبة بالمستشفى لم تكن على علم بطبيعة الحادث وحجم الاصابات الفعلي، موضحا ان انذار الدفاع المدني حملنا على تفعيل خطة الطوارئ الذاتية الموجودة اصلا في المستشفى، والعديد من الكوادر عادت من بيوتها بعد انتشار خبر الحادثة، فكان المستشفى بكامل جاهزيته من الاطباء والممرضين وكذلك اللوزام والمستهلكات الطبية.
واشار الى ان المستشفى بدا يستقبل الاصابات في تمام الساعة الخامسة، حيث وصلت اربع اصابات وضعها متوسط، ثم توالت الاصابات والجثامين تصل تباعا بشكل فردي واحيانا جماعي، فقامت الوزارة تحسبا لاي طارئ برفع الجهوزية في مستشفى البشير والحسين بالسلط والنديم في مادبا، تحسبا لاي طارئ.
وبين الخرابشة ان المستشفى استقبل 35 اصابة و 21 جثمانا، مبينا ان الاصابات كانت معظمها تعاني من رضوض وسحجات وكدمات، وليس بينها حالة تعرضت لكسور او استدعت جراحة، عدا حالة واحدة خضعت لعملية جراحية استكشافية في مستشفى السلط، بعد تقييم اطباء الجراحة لدينا للتأكد من عدم وجود نزيف داخلي.
اما الجثامين بحسب الخرابشة، فقد وصلت عن طريق الدفاع المدني وجميع الحالات وصلت متوفاة وتم معاينتها من قبل طبيب وكذلك من قبل مدعي عام منطقة الشونة، والذي قرر توثيقها مجهولة الهوية، وترك التعرف على الجثامين من قبل الاهالي، ولهذا السبب اعطيت الجثامين ارقاما، مبينا ان وظيفة الطبيب والمدعي العام كانت بوضع مواصفات الجثمان من حيث العمر والثياب وغيرها من الامور.
وحول تحويل بعض الحالات الى مستشفيات اخرى، اجاب ان التحويل لم يكن لعدم توفر الامكانيات او نقص في الاطباء، ولكن هناك حالات حولت فقط من اجل المراقبة، لان الحالة تحتاج الى مراقبة اكثر بعد التقييم، لاعطاء عناية اكبر للمصاب في مستشفى اخر حتى لا يتم التعارض، مشيرا الى ان هناك حالتين لشقيقين تم تحويلهما للسلط لاسباب اجتماعية، حتى لا تبقى العائلة منقسمة بين مستشفى السلط والشونة، والحالة الاخرى كانت بوضع صحي مريح ولا تحتاج الى اي مراقبة ولكن فضلنا وضعهما في مستشفى واحد.
واشار الخرابشة الى انه فور علمنا بالحادث دون ان نعرف عن حجم الاصابات، فعلنا خطة الجاهزية العالية وفتحنا مستودع لوازم الحالات الطارئة ولم نحتاج الى الاستعانة باي شيء من الخارج، فكل ما يلزم للحالات كان موجودا، وكنا مستعدين للجراحات او الكسور او الانعاش، وتعاملنا مع الاصابات في الاسعاف والطوارئ ضمن مرحلة تقييم الوضع اولا ليكون هناك اولوية في العلاج مادام هناك حالات تحتاج تدخلا اكثر من الاخرى، موضحا ان المستشفى بقي يستقبل الحالات حتى ساعات الفجر الاولى وان المستشفى بقي على جهوزيته حتى اعلان انتهاء حالة الطوارئ.
وبين الخرابشة ان عددا كبيرا من الحالات المصابة غادرت مع ذويها بعد الاطمئنان عليها، فيما تم نقل الجثامين الى مركز الطب الشرعي في البشير، لان ثلاجة الموتى بالمستشفى لا تتسع لهذا العدد الكبير الموجود من الجثامين، وما قمنا به فقط هو الكشف السريري على الجثامين ضمن الاعراف الطبية ايضا من قبل الطبيب والمدعي العام.
وحول وضع الجثامين، وفيما اذا كانت هناك صعوبة في تعرف الاهالي عليها، اشار الخرابشة الى ان الانسان عندما يتوفى تتغير ملامحه اساسا في الوفاة الطبيعية، اما ما تعرض له هؤلاء الاطفال ومعلماتهم وغيرهم من المواطنين تعرضوا الى وفاة غير طبيعية في سيل جارف حمل معه العديد من الحجارة وتعرضوا للارتطام بالصخور والاختناق، وبالتالي لابد ان تتغير الملامح، وهناك عائلات تعرفت على ابنائها من خلال «سلسال» او علامة فارقة.
ونوه الخرابشة الى ان المستشفى مجهز بكادر طبي وتمريضي مميز، بعدد كوادر في الاقسام كافة يبلغ 274 شخصا، مثلما يوجد في المستشفى العديد من الاخصائيين، حيث يوجد خمسة اطباء تخصص باطني، ومثلهم متخصصون بطب الاطفال، واخصائي عيون وانف واذن وحنجرة، واخصائي جراحة كلى ومسالك بولية واربعة اطباء تخدير وانعاش ومثلهم جراحة عامة وثلاثة اطباء اخصائيي عظام وستة اطباء عامين واخصائي اشعة وجلدية ونسائية وتوليد.
كما يعمل في المستشفى 69 ممرضا وممرضة قانونية و37 ممرضا وممرضة مشاركة وهناك 15 قابلة قانونية و15 مساعد ممرضة، عدا عن تخصصات اخرى من صيدلي ومساعد صيدلي وفنيي مختبر واشعة وفني تخدير وانعاش وفنيي علاج طبيعي وصحة عامة، مؤكدا اننا تعاملنا مع الحالات ضمن ادارة الازمات بشكل مريح ومميز.
واشار الخرابشة الى ان المستشفى دخل في عمليات اسعاف جماعية في حالات كثيرة، بالنظر لموقعه، من قبيل حوادث سير او مشاجرات او حالات غرق، موضحا ان المستشفى لا يخدم 70 الفا فقط هم سكان المنطقة، بل اكثر من ذلك بكثير.
واستغرب الخرابشة الهجمة التي طالت المستشفى رغم انه مستشفى مجهز باحدث الاجهزة الطبية على رأسها جهاز التصوير الطبقي الملون، مضافا الى ذلك ان المستشفى يمتلك احدث الاجهزة في المختبرات الطبية والقادرة على تشخيص العديد من الامراض، حيث يعمل المختبر على فحص انزيمات القلب ووظائف الكبد والكلى واملاح الدم، كما ان المستشفى مزود ببنك دم صغير ووحدة زراعة وثلاجة موتى وهناك 3 سيارات اسعاف وسيارة واحدة للطب الشرعي، اضافة الى ان المستشفى مجهز باربع غرف عمليات، واحدة منها للعمليات الصغرى و 15 سريرا في الاسعاف والطوارئ و4 اسرة في العناية المركزة واعداد اخرى من الاسرة في الاقسام المختلفة من غسيل كلى وتوليد واطفال ونساء ورجال، فضلا عن قسم الخداج الذي يتمتع باعلى المواصفات العالمية وفيه 10 حاضنات اطفال.
رئيسة التمريض في المستشفى، قالت ان التعامل مع الحالات لم يسبب اي ارباك، خصوصا وان عددا من الكوادر التمريضية عادت الى المستشفى بعد سماعها عن الحادث، مشيرة الى ان ظروف الحادث بشكل عام ادت الى ارباك كامل في المستشفى لاسيما بعد حضور العائلات المكلومة والتعرف على ابنائها او التفتيش عن ابنائها، ما اربك العمل في ضوء الخوف والذعر والهلع.