سيف بن زايد يشهد مصادقة قادة الأديان على “بيان أبوظبي” في واحة الكرامة
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية اليوم مصادقة قادة الأديان على “بيان أبوظبي” الصادر عن ملتقى “تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي”، والذين تعهدوا بتفعيل بنوده وتحقيق أهدافه والالتزامات التي جاء بها قادة الأديان السبعة ضمن ختام فعاليات الملتقى الذي استضافته أبوظبي يومي 19 و20 نوفمبر الجاري.
كما اصطحب سموه وبحضور الشيخ خليفة بن طحنون آل نهيان مدير تنفيذي مكتب شؤون أسر الشهداء في ديوان ولي عهد أبوظبي ، الضيوف في جولة في أنحاء واحة الكرامة .
ووصفت القيادات الدينية رفيعة المستوى المشاركة ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات في ابوظبي بأنه حدث تاريخي يشكل منعطفا مهما في تعزيز العمل العالمي المشترك في سبيل خير البشرية والإنسانية جمعاء خاصة في مجالات حماية الأطفال عبر العالم الرقمي.
وجرت المصادقة على “بيان أبوظبي” في واحة الكرامة، بحضور قادة وممثلين الأديان على مستوى العالم، الذين حضروا إلى أبوظبي إعلاءً لقيم الإنسانية وفي سبيل الحفاظ على الطفل وبناء وتعزيز شخصيته، والتأكيد على التزامهم تجاه تقديم كل ما في وسعهم للتأثير بالمجتمعات سواء الدينية أو غيرها، وبشكل مشترك، في سبيل تحقيق كرامة الأطفال وحمايتهم في العالم الرقمي.
شارك في المصادقة على “بيان أبوظبي” سبعة من قادة الأديان، هم: فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبطريرك برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والدكتور بهاي صاحب بهاي موهيندر سينغ رئيس مجلس إدارة جورو ناناك نيشكام سيواك جاثا، وسعادة القس كيشي مياموتو قائد مايوجيكاي، والحاخام مايكل شودريتش كبير حاخامات بولندا، بحضور قادة الأديان حول العالم ،وممثلين عن مؤسسات ومنظمات وهيئات دولية تعمل في مجال حماية ورعاية الأطفال.
وجاء في نص “بيان أبوظبي” : “في ظل الإيمان الراسخ بأهمية المحافظة على الكرامة المتأصلة لدى جميع الأطفال، تعهدت القيادات الدينية والإيمانية على مستوى العالم والمشاركين في الملتقى بالتوحد من أجل وقاية الأطفال من التعرض للإساءة، والإسهام بشكل بناء في العمل على تطوير قدرات وإمكانات أطفال العالم بدنياً، واجتماعياً، ونفسياً، وروحانياً، والدعوة إلى مفهوم عالمي مفاده أن التطور في أي مجال، لا يبرر أي شكل أو نوع من الإساءة للطفل وأنه يجب مراعاة ذلك في كافة المجالات”.
وأكد البيان أن البشر يولدون وهم يتمتعون بالحق في حياة كريمة لينموا ويزدهروا في بيئة مستقرة ومجتمع آمن يحترمهم ويعلي مكانتهم، فالطفل يمثل اللبنة الأساسية لبناء واستقرار المجتمعات، وسر نهضتها، وازدهارها، وتقدمها ..ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على كرامة الأطفال يمكن أن يلعب دوراً محوريا في تعزيز تقدم ونهضة مجتمعاتنا والعالم الذي نعيشه، وهو أمر تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والعادات والتقاليد والأعراف الإنسانية التي أكدت جميعها على حق الطفل في عيش حياة آمنة وكريمة.
وأشار البيان إلى أنه وفي الوقت الذي تمكن فيه الجيل الناشئ في عصرنا هذا من تسخير التكنولوجيات المتطورة، بات الأطفال اليوم يمثلون أكثر من ربع مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم بإجمالي ثلاثة مليارات نسمة، فإننا نجد أن الملايين من هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة والاستغلال في العالم الرقمي من خلال الاستخدام السلبي لبعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي أصبحت في كثير من الأحيان مصدراً رئيسياً للاستغلال الجنسي للطفل، والمتاجرة بطفولتهم البريئة وفي الإعلانات والمواد الإباحيَّة، وارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتجنيد الجماعات الإرهابية للأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت.
وأكد البيان ، أنه ولمواجهة هذا التحدي المعاصر، فإنه يتوجب على الجميع العمل سوياً وبشكل مشترك مع القيادات الدينية كافة، لوضع الحلول الفاعلة لهذه المشكلات وتفادي تلك المخاطر التي تستهدف الأطفال بما قد يؤثر على أمن واستقرار مجتمعاتنا، وذلك انطلاقا من الإيمان بأن حماية كرامة الأطفال هو أمر يسعى الجميع إلى تحقيقه وتوحيد الجهود والرؤى للوصول إليه على اختلاف المشارب والانتماءات الخاصة، وأنه هنالك اليوم ما نحتاجه من الفرص، والوعي، والحكمة، والابتكار، والأدوات التكنولوجية، لتحقيق هذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
إلى ذلك، تعهد المشاركون بتعزيز قيمة الحوار، من خلال دور العبادة للتأكيد على دور قادة المجتمعات في تعزيز أمن مجتمعاتهم وضمان كرامة الأطفال وحمايتهم وبخاصة في العالم الرقمي، وبناء الشراكات الفاعلة بين القيادات الدينية والإيمانية بمختلف مستوياتها بهدف معالجة تأثيرات الإساءة للطفل واستغلاله في العالم الرقمي، والعمل على إلهام القيادات الدينية والإيمانية بجميع مستوياتها ولجميع الأديان لتوحيد جهودهم الروحانية والعملية والتعليمية للتعامل بشكل متكامل مع كيفية الاستجابة لحالات إساءة معاملة الأطفال وكيفية تقديم يد العون للضحايا وعائلاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تعهد المشاركون بإطلاق الحملات والبرامج التوعوية للتأكيد على ضرورة مراعاة حق الأطفال في العيش بكرامة إنسانية وعدم تأثر ذلك بالتطورات التقنية والتكنولوجية، على أن تكون هذه الحملات بمشاركة القيادات الدينية والإيمانية والروحية والتي لها تأثيرها في المجتمع، وإعلان عام 2019 عام “كرامة الطفل وحمايته من المخاطر الناجمة عن العالم الرقمي” بهدف إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة والمهمة.
كما دعا المشاركون المؤسسات العلمية والتربوية إلى تبني مقرر دراسي يتم تدريسه في مراحل التعليم الأساسي لتوعية الأطفال من مخاطر الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة، ومطالبة المؤسسات الحقوقية بتعقب كافة مظاهر الاستخدامات السلبية للتقنيات الحديثة وتأثيراتها الضارة على الأطفال والكشف عنها وملاحقتها قانونياً وقضائيا، فضلاً عن عقد مؤتمر سنوي يناقش بشكل دوري الجديد في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى التي تتعلق بأمن المجتمعات واستقرارها وما تم تحقيقه من انجازات في هذا الجانب وما يطرأ من تحديات، بما يسهم في تنمية الوعي المجتمعي بهذه القضايا.
وشهدت فعاليات اليوم الثاني من اعمال الملتقى جلسات متزامنة سعت إلى إيجاد حلول وآليات مشتركة ضمن ثلاثة مجالات، هي الحماية والاستجابة والشراكات الفاعلة، وذلك بحضور واسع من قادة الأديان والمتخصصين وعدد كبير من الحضور.
يذكر أن ملتقى “تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات” نتج عن مؤتمر “كرامة الطفل في العالم الرقمي” الذي عقد خلال شهر أكتوبر عام 2017 وصدر عنه “بيان روما” وأيده البابا فرانسيس، حيث استعرضت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال المؤتمر جهودها في تعزيز حوار الأديان ورغبتها في استضافة ملتقى عالمي يؤكد التزامها بالمضي قدما في تمكين الحوار والعمل بين الأديان، حيث أثمرت جهودها في أن يكون ملتقى تحالف الأديان أحد مخرجات ذلك المؤتمر.
وشارك في الملتقى نحو 450 من قادة الأديان بهدف إثراء الحوار ومواجهة ومناقشة التحديات الاجتماعية الخطيرة، إضافة إلى تعزيز جهود قادة الأديان والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات وخاصة النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.
وحظي الملتقى بدعم من الأزهر الشريف، فيما ينطلق بالشراكة مع عدد من المؤسسات والهيئات والمنظمات الدينية العالمية، من بينها “تحالف كرامة الطفل”، ومنظمة “أرغيتو” الدولية غير الحكومية، والشبكة العالمية للأديان من أجل الطفل، ومبادرتي “نحن نحمي” و”إنهاء العنف ضد الأطفال”، ومنظمة “يونيسف”، و”الأديان من أجل السلام”، والجامعة البابوية الجريجورية، وجامعة الأزهر، ومنظمة “ورلد فيجين” الدولية، و”شانتي آشرام”، وبعثة العدالة الدولية