“ببجي” لعبة رقمية تعبث بالمنظومة الاخلاقية والسلوكية للمجتمع…
كلمة نابية باللغة الإنكليزية قالها “محمد”9 سنوات، دون وعي منه، خلال انغماسه في لعبة “الببجي” الالكترونية، ما اثار غضب والده، الذي طلب منه عدم تكرار هذه الكلمة خاصة انه لا يدرك معناها! في الوقت الذي بدأت الام بالإشارة له ليكتم الصوت على هاتفه لان اصوات المحيطين مسموعة عند بقية اللاعبين.!هذا ما تفعله لعبة الببجي التي شغلت الملايين، اذ تركز في جوهرها على تشكيل جماعات وعصابات، والتواصل فيما بينهم بالصوت والصورة من كافة انحاء العالم بالوقت نفسه، ومن كلا الجنسين، ومن شأنها ان تغير المنظومة الاخلاقية والسلوكية للمجتمع، وفقا لكتاب صادر عن مديرية الامن العام.
مديرية الامن العام ذكرت في كتاب تم تعميمه قبل يومين، أن اللعبة تساعد في تنمية العنف وتسيطر على نفسية اللاعب وتدخله في حالة من التشويق والادمان واستفزاز الخصم اكثر للقيام بأعمال القتل والتدمير.
وتسببت هذه اللعبة بالعديد من المشاكل الاجتماعية والسلوكية لدى فئة الاطفال والمراهقين والشباب، وحتى الكبار منهم، ولعل الخلاف الذي نشب بين شخصين في احد مقاهي محافظة الزرقاء بسبب قيام احد اللاعبين بشتم زوجة لاعب آخر خلال اللعبة، حسب ما افاد به احد المتنافسين، بركة زيد، مثال على اللاوعي الذي يصل اليه اللاعب اثناء اللعبة.
اخصائية علم الاجتماع الدكتورة ميساء الرواشدة، اشارت الى ان ( الببجي ) أثرت على اللاعبين بطرق مختلفة.. فقد أدت الى انفصال الشخص عن محيطه المجتمعي، بحيث تتكون لديه حالة تسمى بـ” الاغتراب” ، موضحة انه لا يمكن لهذا الشخص تكوين علاقات الا مع اشخاص افتراضيين من عوالم اخرى ومن دول اخرى غريبين بأطباعهم وصفاتهم واخلاقياتهم وقيمهم المجتمعية.
وتتمثل الحالة الثانية وفقا للرواشدة بمبدأ “اختراق الخصوصية”، موضحة انه عند قيام المتنافسين باللعبة، فان كل ما يدور حول اللاعب في محيطه الاسري والاجتماعي والعملي والدراسي، يكون مسموعا للأطراف الاخرى، ما يعرضه الى اختراق خصوصيته، وربما لمساءلة قضائية في حال قيام أحد المحيطين باللاعب بالعراك وشتم احدهم دون قصد، خصوصا في الدول التي تعاقب على تلك الحالات.
واشارت الى ان الحالة الاهم والاخطر، أن تلك الالعاب يمكن أن تعرض اللاعب الى أمرين في غاية الخطورة، كاستخدام اللاعب – بغير وعي – الفاظا غريبة على مجتمعنا قد تكون نابية احيانا، لأنه يقوم باللعب مع اشخاص غريبين وغير معروفي الاماكن، الامر الذي يدفع بالأخرين الى تداول تلك الالفاظ دون التفكير بها.
وبينت ان اللعبة غيرت مفهوم البطل والصفات الحقيقية التي يحملها من عطاء ونشر الخير ومحبة الاخرين، وتم استبدالها بكيف تكون انانيا او عنيفا، وكيف تتخلص من الطرف الاخر بشتى الطرق، ما يسهم بتغيير مفاهيم الادب والاخلاق والسلوك المتعارف عليه في مجتمعنا لدى ابنائنا.
وحذرت اخصائية علم الاجتماع، من احتمالية تعرض الابناء الى خطر التحرش والابتزاز الجنسي والمالي من قبل اللاعبين الاخرين بسبب غياب الاهل عن ما يقوم به الابناء خلال ممارسة تلك اللعبة.
اخصائي الطب النفسي والادمان الدكتور هاشم الفاخوري، قال إن لعبة” ببجي” تشكل خطورة كبيرة على المراهقين، لأنها توهمهم أن العنف هو الطريقة الوحيدة للدفاع على النفس، ما يجعله ( طريقة مثالية ) لحل نزاعاته بالواقع، وكأن الاذى اصبح امرا مألوفا لدى جيل الشباب.
من جهتها، اعتبرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير نشر على موقعها الالكتروني، ان التصنيف الدولي للأمراض، اظهر ان إدمان ألعاب الفيديو والألعاب الرقمية، يؤدي الى اضطراب الصحة العقلية لدى الانسان.
الببجي، لعبة الكترونية تحاكي الواقع الافتراضي، تبدأ بمائة لاعب في طائرة حربية تحلّق فوق جزيرة كبيرة، ويمكن للاعب أن يختار مكان قفزه من الطائرة، وعليه جمع الأسلحة والإضافات الأخرى الموجودة في الجزيرة لتساعده على النجاة.
المحفّز على القتال في هذه اللعبة، هو أن منطقة اللعب تتقلص بشكل مستمر بفعل ما يسمى بـ”الزون”، وأن اللاعبين خارج هذه المنطقة سينتهي بهم الأمر بالموت والخسارة، ويجب على الشخص ان يكون هو الأخير الحي على الجزيرة بقتل جميع المحاربين، ليكون هو الفائز ويحصل على مكافأة.