العثور على نقوش فرعونية بالسعودية.. فكيف وصلت إلى هناك؟
عثر علماء آثار سعوديون، في منطقة الزيدانية التابعة لمحافظة تيماء التابعة لمنطقة تبوك، على نقش باللغة الهيروغليفية يحمل توقيع الملك الفرعوني “رمسيس الثالث” أحد ملوك مصر الفرعونية في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.
ويقول محمد النجم مدير إدارة الآثار بمحافظة تيماء لقناة “العربية”: “جرت العادة أنه لا يتم نقش مثل هذه النقوش إلا بحضور فرعون نفسه، وهذه دلالة على أن رمسيس الثالث قد تواجد بنفسه في هذه المنطقة”.
وتضيف القناة، أن علماءُ الآثار السعوديون توصلوا من خلال بحوث ميدانية إلى طريق تجاري مباشر يربط وادي النيل بتيماء تسلكـه القوافلُ التجارية المصرية.
وأثار العثورُ على نقش “رمسيس الثالث” تساؤلا حول أسباب وجوده شمال غرب الجزيرةِ العربية.
ولا يقتصر الأمر في منطقة “الزيدانية” على نقش “رمسيس الثالث” بل يتعداه إلى الكثير من الشواهد الأثرية كالنقوش الآرامية والثمودية والنبطية، إلى جانب بعض الرسوم كالوعول والأبقار والنـعام والثعابين.
وسألت قناة “العربية” علماء آثار مصريين عن سر ظهور هذ النقش الفرعوني في واحة تيماء السعودية، وأكدوا أن الأمر لن يخرج عن احتمالين: الأول وهو الأرجح أنه كان طريقًا تجاريًا تسلكه القوافل في عهد رمسيس الثالث، وقام أحد أفراد القافلة برسم نقش الملك كدلالة على تواجده في المنطقة أو تسجيل رحلته، والثاني أنه كان طريقًا لقوات عسكرية كانت تتجه للمنطقة لتأديب بعض العصابات التي كانت تغير على مصر من بلاد الشام.
ويقول الدكتور أحمد صالح، المسؤول بوزارة الآثار المصرية ومدير النشر العلمي بأسوان، إنه من المعروف أن الفراعنة كانوا ينقشون صورًا ورسومات لملوكهم في أي مكان يتواجدون أو تحط فيه أقدامهم، مثل جزيرة سهيل في أسوان التي يتواجد بها 1500 نقش ورسمة لملوك فراعنة، مضيفاً أن هذا لا يعني أن الملك هو الذي نقش الرسم بنفسه، وإلا لكانت النقوش المتواجدة بجزيرة سهيل رسمها الملوك بأنفسهم، وهذا مستحيل بالطبع.
ويضيف صالح للعربية، أن الاحتمال المؤكد لظهور هذا النقش في واحة تيماء أنه كان طريقًا للقوافل التجارية المصرية التي كانت تتجه إلى الأردن وتقع تيماء بالقرب منها، مشيرًا إلى أن هذا الطريق كان يبدأ من مصر وتحديدًا في ميناء القلزم وهو السويس حاليًا وينتهي في اليمن.
من جانبه، يؤكد الدكتور مختار الكسباني مستشار الأمين العام السابق للآثار، أن الفراعنة كانوا يسجلون رحلاتهم وغزواتهم عبر الطرق التي يسيرون فيها بنقش رسومات لملوكهم، وتم الكشف عن هذه النقوش في عدة مدن عربية، وتحديداً ببلاد الشام وحتى تركيا، مضيفاً أن الفراعنة في عهد رمسيس الثاني استولوا على كافة بلاد الشام وحتى حدود تركيا واستمر حكمهم فيها 400 عام.
وأشار إلى أن هدف الفراعنة من الاستيلاء على تلك البلاد هو صد ومنع الغزوات والغارات التي كانت تشنها قوى كبيرة وقتها وعصابات على مصر، وغلق كافة الطرق التي كان يمكن أن تتسلل منها للبلاد.
ويقول الكسباني إن الفراعنة لم يستوطنوا أو يحتلوا أي دولة أخرى في أزمانهم غير سوريا والأردن وفلسطين، ولذلك فإن الشواهد التي تؤكد وجود حياة سابقة للفراعنة في منطقة ما، وإقامتهم واستيطانهم فيها هو وجود معابد أو مقابر أو وسائل حياة لهم بها، مؤكداً أن وجود نقش فقط في تيماء يعني أن الفراعنة مروا منها فقط، ولم يسكنوا فيها أو يستعمروها.
وأضاف أن ظهور النقش في تيماء يؤكد أن الواحة كانت تقع ضمن طريق تجاري للفراعنة في عهد رمسيس الثالث، وقام أحد أفراد القافلة بتسجيل رحلته وتواجده فيها برسم نقش للملك الذي كان يحمل 5 ألقاب وقتها منها أوسرو، وماعت رع وميسوبيني، والس راع.