كوبا أمريكا.. بطولة حافلة بالمواقف والطرائف على مدار قرن كامل …
منير حرب – مقاطعات، توقفات لفترات طويلة، تغييرات في نظام البطولة ومسمياتها وإقامة نسختين في عام واحد، كلها أحداث وعقبات مرت بها بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) على مدار تاريخها العريض لكنها لم تمنع البطولة من الاستمرار حتى أصبحت أقدم وأعرق بطولات المنتخبات في العالم.
وعلى مدار أكثر من 100 عام، شهدت النسخ المختلفة لكوبا أمريكا ما يفوق الألف مشكلة.
وانطلقت النسخة الأولى لكوبا أمريكا عام 1916 فيما تشهد البرازيل النسخة السادسة والأربعين للبطولة هذا الشهر.
– الحل في المدرجات
قبل 103 عام ، كانت الهواية هي السائدة في عالم كرة القدم. ولم يستطع ألبرتو أوهاكو قائد المنتخب الأرجنتيني، الذي سجل هدفين في المباراة الأولى لفريقه بكوبا أمريكا 1916 ليفوز الفريق على تشيلي 6 / 1 ، خوض المباراة الثانية للفريق أمام نظيره البرازيلي بسبب شعوره بالإجهاد الشديد.
ورفض اللاعب ريكاردو نايون صاحب الخبرة السابقة مع المنتخب الأرجنتيني المشاركة في المباراة نظرا لعدم الاستعانة به في العامين الأخيرين قبل تلك البطولة.
ونظرا لضرورة خوض المباراة بفريق مكتمل ، وافق خوسيه لاجونا لاعب هوراكان والجالس بين الجماهير في المدرجات على المشاركة في المباراة.
وركض لاجونا إلى غرف تغيير الملابس ليرتدي زي الفريق ثم عاد سريعا ليشارك في اللقاء. وسجل لاجونا هدف الأرجنتين الوحيد في هذه المباراة بعد عشر دقائق فقط من بداية المباراة ولكن المنتخب البرازيلي انتزع التعادل 1 / 1 .
وفشل المنتخب الأرجنتيني في تحقيق الفوز على منتخب أوروجواي في المباراة الختامية التي انتهت بالتعادل بعد أحداث شغب توقفت معها المباراة بعد بدايتها بخمس دقائق وانتقلت الأحداث إلى أرض الملعب لتعاد المباراة وتنتهي بالتعادل السلبي الذي منح أوروجواي أول ألقابها في كوبا أمريكا.
– حكم محلي:
شهدت نسخة 1920 من بطولات كوبا أمريكا ، والتي أقيمت في مدينة فينا دل مار في تشيلي ، موقفا غير معتاد على الإطلاق حيث أدار المباراة الختامية حكم ينتمي لبلد أحد المنتخبين المتنافسين في هذا المباراة.
وشارك أربعة حكام فقط هم كارلوس فانتا (تشيلي) ورافاييل خيمينيز (تشيلي) والبرازيلي جواو دي ماريا والأوروجوياني مارتن أفيستجوي في إدارة مباريات البطولة.
وخلال المباراة الختامية للبطولة بين منتخبي أوروجواي وتشيلي ، كان كارلوس فانتا هو الحكم الذي أدار اللقاء لكنه لم يتحيز على الإطلاق لمنتخب بلاده (تشيلي) وكان محايدا تماما لتنتهي المباراة بفوز أوروجواي بلقبها الثالث في أول أربع نسخ من البطولة ويلقب الفريق بـ “السماوي” .
تجدر الإشارة إلى أن فانتا كان مدربا لمنتخب تشيلي في النسخة الأولى من البطولة كما شارك كحكم في النسخة نفسها وأدار المباراة النهائية فيما اكتفى بدوره كحكم في النسخة الثانية عام 1917 .
– مشاكل وأزياء مختلفة:
بعد منافسة شرسة بين منتخبي الأرجنتين وأوروجواي على ألقاب 12 نسخة لكوبا أمريكا بين عامي 1916 و1929 ، حيث كانت البطولة تقام بشكل سنوي باستثناء عامي 1918 و1928 ، أخذ الصراع بين البلدين شكلا آخر بعد تبادل الاتهامات نتيجة كأس العالم 1930 بأوروجواي.
وتسببت هذه الاتهامات في تأجيل بطولات كوبا أمريكا لسنوات حتى نظمت بيرو نسخة خاصة من البطولة في 1935 بمناسبة مرور 400 عام على تأسيس العاصمة ليما.
وخلال كوبا أمريكا 1935 ، لم يرتد أي من المنتخبين زيه التقليدي ولكن المنتخب الأوروجوياني ارتدى زيا أحمر في المباراة الختامية التي فاز فيها منتخب أوروجواي 3 / صفر على المنتخب الأرجنتيني.
– البرازيل بالأزرق والأصفر وفنزويلا بالأسود:
بالطبع لم تكن المرة الوحيدة التي لا يستعين فيها أحد المنتخبات بقميصه المعتاد أو حتى الاحتياطي.
وبعد عامين وتحديدا في الملعب القديم لنادي بوكا جونيورز الأرجنتيني، كانت البرازيل هي من لعبت بزي غير مألوف يجمع بين اللونين الأزرق والأصفر.
وخلال الحقبة، التي كان يستخدم فيها اللون الأبيض وهو اللون ، الذي تخلى عنه بعد سقوطه في نهائي مونديال 1950 بملعب “ماراكانا” الأسطوري ، حضر المنتخب البرازيلي بزيه المعتاد ، ولكنه كان مشابها لزي منتخب تشيلي.
وبما أن الفريقين كانا لا يملكان قمصانا أخرى ، قام أحد المديرين بالنادي ، مستضيف المباراة ، التي أقيمت في الثالث من كانون ثان/يناير وانتهت بفوز البرازيل 6 / 4 ، بمنح منتخب تشيلي قمصان فريق بوكا جونيورز.
وحدث شيء مشابه لفنزويلا في مستهل مشوارها في إحدى بطولات كوبا أمريكا ، التي أقيمت بالعاصمة الأوروجويانية مونتفيديو عام 1967 .
وكانت قمصان المنتخب الفنزويلي باللون القرمزي قريبة الشبه من قمصان منتخب تشيلي باللون الأحمر، ولكنه لم يكن يحمل معه قمصانا احتياطية.
وقام بحل تلك المشكلة أحد المسؤولين في ملعب “سينتيناريو”، الذي فتح غرفة خلع الملابس، التي كانت تحتوي على قمصان للاعبي نادي بينيارول الأوروجوياني.
وهكذا سجلت فنزويلا بدايتها في البطولات القارية بهزيمة بهدفين نظيفين أمام تشيلي مرتدية قمصانا اكتست باللونين الأسود والأصفر.
– بطولة كوبا أمريكا للهواة:
وبعد أن شهدت الكرة في أمريكا الجنوبية تطورا كبيرا وزاد عدد المهتمين بهذه الرياضة ، جاءت حقبة الستينيات لتحمل القادة الكرويين هناك على تنظيم بطولة موازية مخصصة للاعبين الهواة.
وأقيمت البطولة الأولى في العاصمة البيروفية ليما في الفترة ما بين يومي 25 كانون ثان/يناير والخامس من شباط/فبراير 1962 بمشاركة باراجواي وتشيلي والبرازيل والأرجنتين.
وفازت البرازيل والأرجنتين بمبارياتهما ووصلتا إلى الجولة الأخيرة بنفس الرصيد من النقاط، بيد أن البرازيليين كانوا يحملون في جعبتهم عددا أكبر من الركلات الركنية ، وهو الأمر الذي اعتد به لكسر حالة التعادل بين المنتخبين.
وفي الجولة الأولى ، لعب منتخبا الأرجنتين وتشيلي مباراة انتهت بفضيحة بسبب ضربة جزاء مثيرة للجدل احتسبها الحكم البرازيلي أولتين ايريس، الذي أدار اللقاء ، ليحقق منتخب تشيلي التعادل 2 / 2 .
وبعد ذلك، فازت البرازيل على بيرو، مضيفة البطولة 3 / 1 وحصدت اللقب.
وبعد عامين من تلك البطولة ، أعيدت التجربة في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وشهدت تلك النسخة حضور ما يقرب من 30 ألف مشجع لجميع المباريات.
وبسطت الأرجنتين والبرازيل سيطرتهما مرة أخرى على البطولة ووصلتا إلى الجولة الأخيرة بعد أن حققتا العلامة الكاملة في عدد النقاط.
ولعب الفريقان المباراة النهائية وتسبب الهدف ، الذي سجله اللاعب الأرجنتيني خوسيه بينابي ليوناردي بالخطأ في مرماه في منح التعادل للمنتخب البرازيلي ومن ثم لقب البطولة ، بعد تفوق أبناء السامبا في فارق الأهداف.
ورغم النجاح ، الذي حققته بطولة كوبا أمريكا للهواة ، تسببت الصراعات الإدارية ، التي أعاقت إقامة بطولة المحترفين في الفترة ما بين عامي 1967 و1975، في تكرار التجربة مجددا.
– مهاجم في مشكلة:
فيما أخفق نجوم بارزون مثل البرازيليين جارينشا وبيليه والأرجنتينيين دييجو مارادونا وليونيل ميسي في إحراز لقب كوبا أمريكا على مدار مسيرتهم الكروية ، توج البرازيلي رونالدو باللقب القاري في كل من البطولتين اللتين شارك فيهما بكوبا أمريكا.
وأحرز رونالدو لقبه الأول في كوبا أمريكا خلال نسخة 1997 التي استضافتها بوليفيا كما فاز في النسخة نفسها بلقب أفضل لاعب في البطولة.
وبعدها بعامين فقط في باراجواي ، خاض رونالدو النسخة الثانية له في بطولات كوبا أمريكا ولكنه واجه فيها صعوبات إضافية نتيجة العقاقير التي تناولها بناء على تعليمات الأطباء لمواجهة مشكلة زيادة الوزن.
وقال واندرلي لوكسمبورجو المدير الفني للمنتخب البرازيلي ، بعد البطولة ، إن رونالدو غادر الملعب وهو يرتدي حفاظة حيث كانت العقاقير التي يتناولها تتسبب في إدرار البول بشكل سريع.
ورغم هذه الظروف ، سجل رونالدو في تلك النسخة خمسة أهداف واقتسم مع زميله ريفالدو صدارة قائمة هدافي البطولة.
– كوبا أمريكا بطولة عائلية:
رغم “لعنة” كوبا أمريكا التي طالت عددا من النجوم البارزين مثل بيليه ومارادونا وميسي وغيرهم ممن فشلوا في الفوز بلقب البطولة ، كانت هذه اللعنة أبعد ما يكون عن عائلة دييجو فورلان النجم السابق لمنتخب أوروجواي حيث حمل أفراد ينتمون لثلاثة أجيال مختلفة من هذه العائلة كأس البطولة.
وقاد فورلان منتخب أوروجواي للفوز بلقب كوبا أمريكا 2011 في الأرجنتين بعد عام واحد من فوزه بلقب أفضل لاعب في كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا عندما قاد فريقه للفوز بالمركز الرابع في المونديال.
وسبق للمدافع العملاق بول والد فورلان أن شارك مع منتخب أوروجواي عندما توج الفريق بلقب كوبا أمريكا 1967 في أوروجواي.
وفي النسخة نفسها ، كان خوان كارلوس كورازو والد بول وجد دييجو فورلان هو المدير الفني لمنتخب أوروجواي كما قاد الفريق للقب في نسخة سابقة وبالتحديد في 1959 بالإكوادور.
وقال فورلان ، بعد الفوز بلقب 2011 في الأرجنتين : “هذا اللقب يعني الكثير بالنسبة لي. جدي فاز باللقب ووالدي أيضا ثم فزت أنا به الآن. هناك ثلاثة أجيال توجت باللقب ، هذا يعني الكثير للعائلة”.