محمد أبوالوفا.. عانى الأَمَرَّينِ بسبب عشقه للفن وتمنى تقديم سيرة فنان كبير
بعد صراع مع المرض امتد لعدة أشهر، بعد إصابته بالتهاب شديد في الصدر، وتم نقله إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى التأمين الصحي في محافظة الفيوم، رحل صباح اليوم السبت 29 يونيو الفنان الكبير محمد أبو الوفا، ومن المقرر تشييع جثمانه لمثواه الأخير عقب أداء صلاة الجنازة عليه ظهر اليوم.
ظلت حالة أبو الوفا غير مستقرة لوقت طويل، ورغم وضعه تحت الإشراف الطبي طوال الفترة الماضية إلا أن حالته الصحية لم تتحسن، ليغادرنا تاركًا عددًا من الأعمال الفنية، خاصة في الدراما التليفزيونية ستجعل الجمهور يتذكره دائمًا، رغم أن طريقه للشهرة جاء في سن متقدمة، لكنه نجح في وضع بصمة تستعصي على النسيان في كل دور قدمه.
بدأت حكاية عشق أبو الوفا للفن منذ الطفولة، وخطط أن يلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بعد الانتهاء من دراسته الثانوية، لكن قوبل حلمه بالرفض من والده، الذي طلب منه الاختيار بين مجالي التدريس والمحاماة، فاختار الشاب –آنذاك- التدريس وعمل كمدرس لمادة الخط العربي، ومع امتثاله لرغبة والده لم يبتعد يومًا عن حبه الأول، فمارس التمثيل من خلال فرق الهواة والثقافة الجماهيرية في محافظة الفيوم.
التحق أبو الوفا أثناء الدراسة بفرق شباب الجامعة، حسبما قال في حوار تليفزيوني قديم مع التليفزيون المصري، وكعادة هذه الفرق تكون ميزانيتها شبه معدومة “كنا بنصرف من جيوبنا عليها”، واستمر شغفه بالقراءة عن التمثيل والسعي لتطوير نفسه، ودراسة كيف يقدم الشخصيات المختلفة ويرسم أبعادها ويدخل عالمها، وكلما اقترب أكثر زاد عشقه للمسرح أكثر، فقدم أدوارًا باللغة العربية الفصحى التي كان يعشقها، ووقف على جميع مسارح الثقافة الجماهيرية في كل مكان بمصر.
وبعد سنوات جاءته الفرصة ليقف ولأول مرة أمام عدسة كاميرا، في فيلم كان الجميع يترقب طرحه، كونه يحكي سيرة “العندليب الأسمر” عبدالحليم حافظ ويجسد دوره الفنان الكبير أحمد زكي، الذي لم يكن خفي على أحد وقتها أنه يعاني من مرض السرطان، ويتحامل على نفسه لتصوير مشاهده في “حليم”.
أبو الوفا لعب في الفيلم دور الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، بعدما أرسل صورته للمخرج شريف عرفة، فاختاره للشبه الكبير بينه وبين “الخال”. وعن المواقف التي جمعته بالفنان أحمد زكي أثناء التصوير، حكى “في يوم كنا بنصور مشهد بعد ما وقع حليم ودخلوه المستشفى، وبعد ما خلصنا قال يا جماعة محدش ياخد بريك عايز الفريق كله على الأكل، وقف معانا يأكلنا بإيده ويخدم علينا، وكإنه بيقول دي أخر أيامي، كان فنان عبقري وجميل وأجمل ما فيه حبه واحترامه للفن الذي يقدمه، كأنه في محراب مقدس”.
كما حكى أن علاقته بالفنان يحيى الفخراني، بدأت عندما شاهده الأخير على أحد المسارح الجماهيرية، وأُعجب به وأخذ رقم تليفونه، ليتعاون معه بعد ذلك في مسلسلات “المرسى والبحار”، “شرف فتح الباب” و”الخواجة عبدالقادر”، كما تحقق حلمه بالوقوف أمام الفنان عادل إمام، ليشارك في مسلسلات “فرقة ناجي عطا الله”، “العراف” و”أستاذ ورئيس قسم”.
حلم أبو الوفا بتجسيد شخصية الأبنودي مرة أخرى، لكن في عمل متكامل يحكي قصة حياته، وعن هذا الحلم قال “شخصية الأبنودي ثرية، عاش فترات مهمة في حياة مصر، عاصر جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك وإرهاصات التغيير”.
مشواره الصعب في الوصول إلى حلمه، جعله لا يتمنى أن يعاني أولاده نفس الشيء، وتمنى ألا يطلبوا الدخول لمجال التمثيل، مشيرًا إلى أنه عانى الأَمَرَّينِ، بسبب الغربة والابتعاد عن الأهل، لكن نجله “إسلام” يرغب في خوض التجربة، فلم يرغب في الوقوف أمامه ووعده بأنه سيساعده في ذلك إذا وجد فيه بذرة الموهبة.
محمد أبو الوفا، حقق في الفترة الأخيرة نجاحًا كبيرًا من خلال ظهوره في عدد من المسلسلات، أبرزها “يونس ولد فضة”، “شهادة ميلاد”، “ابن حلال”، “القيصر”، “الميزان”، “الشارع اللي ورانا”، وعُرض له مؤخرًا على إحدى القنوات المُشفرة الجزء الثاني من مسلسل “أفراح إبليس”.