هل نشهد تحولاً بالقطاع العقاري في دبي؟
على الرغم من التوقعات القاتمة في المجال العقاري، تُبرهن الفرص الاستراتيجية ارتفاعاً قوياً في قيمة وعائدات السوق العقاري في دبي
نشر صندوق “مانري” للاستثمار العقاري الذي تُديره شركة “دلما كابيتال”، النتائج التي تحققت بعد انقضاء العام المالي الأول منذ تأسيسه. وأظهرت النتائج عائدات قوية وارتفاعاً في رأس المال ضمن حافظته التي تبلغ قيمتها 215 مليون درهم إماراتي. وتشكّل هذه النتائج تناقضاً واضحاً مع التوقعات السائدة في السوق ومع أداء الصناديق العقارية الأخرى في دبي.
وفي معرض تعليقه على الأمر، قال مانوهار لاهوري، أحد المدراء في شركة “مانري” وأحد المخضرمين الذين يتمتعون بـ30 عاماً من الخبرة في قطاع الاستثمار العقاري في دبي: “تُعدّ توقعاتنا لصندوق ’مانري‘ انعكاساً لكلمات وارين بافيت الحكيمة: ’كُنْ مِقداماً عندما يُحجِم الآخرون، وأحجِم عندما يُقدِم الآخرون‘. ويُتيح لنا هذا المبدأ التفوق على الآخرين على المدى الطويل والاستفادة من دورات السوق”.
وأُطلق الصندوق عام 2018 وسط أجواءٍ من الشكوك وعدم اليقين بشأن حالة السوق، إلّا أنّه تمكّن من تحقيق عائدات سنوية إجمالية بلغت 12.5 في المائة، بما في ذلك 11.9 في المائة من عوائد السندات المدفوعة للمساهمين وزيادة بنسبة 0.6 في المائة في صافي قيمة الأصول للسهم الواحد – وهي نتائج تتخطى بشكل كبير المؤشر الذي خسر 27 في المائة خلال الفترة ذاتها.
ويُركز الصندوق على قطاع العقارات اللوجستية والصناعية – وهو مجال يتمتّع بأهمية كبيرة للاستثمار.
لماذا تساهم التجارة الاكترونية والصناعات التكنولوجية المزدهرة بتحقيق الفائدة لقطاع العقارات اللوجستية والصناعية؟
وفي إطار تعليقه على التوجه السائد في السوق، قال الرئيس التنفيذي لشركة “دلما كابيتال”: “تستفيد قطاعات العقارات اللوجستية والصناعية من الطفرة في مجال التجارة الإلكترونية الإقليمي، المدعومة بإطلاق منصتي التسوق الرائدتين ’نون‘ و’أمازون دوت إيه إي‘. وعلى غرار ما شهدناه في الأسواق الأخرى، عندما يتحوّل سلوك الإنفاق من الشراء بالتجزئة إلى التسوق عبر الإنترنت، يتحوّل الطلب على العقارات من متاجر البيع بالتجزئة إلى المستودعات. وستكون المراكز التجارية في القرن الحادي والعشرين بمثابة مركز تغليف وتعبئة تابع لشركة ’أمازون‘”.
وتساهم التوجهات الأخرى في قطاع التكنولوجيا المزدهر بخلق فرص هامة للعقارات الصناعية، مثل انتشار مراكز البيانات والاعتماد الشامل للتطبيقات مثل “ديليفيرو” – وهو أحد مستأجري صندوق “مانري”. وفي هذا الصدد، قال يوسف البرقاوي، رئيس قسم “إيديشنز” لدى “ديليفيرو”: “تُسمح المطابخ الفائقة المخصّصة للتسليم فقط من ’ديليفيرو‘، بجلب علامات المطاعم التجارية الجديدة والمثيرة إلى مناطق مختلفة. وتساهم ’إيديشنز كيتشنز‘ بتزويد المطاعم بالبنية التحتية الملائمة لإنشاء علاماتها التجارية بكفاءة”.
وأدّى الطلب المتزايد من المستأجرين من عملاء صندوق “مانري” على المستودعات، والمنشآت اللوجستية والمطابخ المركزية القائمة على التجارة الالكترونية والطفرة التكنولوجية إلى تعزيز الأداء المتفوق للصندوق.
وتحظى الفرضية الاستثمارية والأداء المتفوّق الذي يتمتّع به صندوق “مانري” بدعم الخبراء في القطاع الذين يفهمون التقاطع الوثيق بين القطاعين العقاري والتكنولوجي. وفي هذا الصدد، قالت نور سويد، مؤسسة “جلوبال فنتشرز”: “سررت جداً بالانضمام إلى لجنة الاستثمار في شركة “مانري” كعضو مستقل. ويدعم نهج الصندوق توقعاتنا فيما يتعلّق بالمشهد المتغير في قطاعي التكنولوجيا والتجارة الالكترونية. وحصلت نور مؤخراً على لقب إحدى أفضل 50 امرأة عالمياً في قطاع التكنولوجيا وإحدى أفضل 30 امرأة عربية مؤثرة من قِبل مجلة ’فوربس‘ و’أريبيان بزنس‘”.
الاستفادة من إنخفاض الأسعار
وعلى الرغم من البروز الواضح لبعض الانفراجات في هذه القطاعات المحددة، إلّا أنّ الأحوال الصعبة لا تزال سائدةً في السوق. وأشار كونال لاهوري، أحد المدراء في صندوق “مانري” إلى أن “النقد هو سيد السوق اليوم. وعملنا على تحويل الوضع الراهن للسوق لصالحنا في وقت تسعى فيه الشركات إلى تحرير رأس المال من خلال البيع وإعادة التأجير أو من خلال مبيعات الأصول بغرض الحصول على الأموال”.
ومع أن تركيز صندوق “مانري” لا يزال ثابتاً على الأصول اللوجستية والصناعية، إلا أنه تعمل على انتهاز فرصة الاستحواذ على الأصول في أجزاء أخرى من السوق العقاري التجاري مع التركيز على المستأجرين المستقرين الذين يتمتعون بالجدارة الائتمانية. وقال شيف كومار، أحد أعضاء المجلس الاستشاري في شركة “مانري”: “تضطلع العناية الواجبة بالمستأجرين الدائمين بأهمية كبيرة في البيئات الاقتصادية الصعبة”.
وشكلت الأصول عالية الجودة والشروط الجذابة والمستأجرين الدائمين عوامل حاسمة في نجاح الصندوق الاستثماري، ما تجسد في استحواذه على مشروع سكن الموظفين الخاص بشركة “أرابتك” في مجمّع دبي للاستثمار بموجب عقد بيع وإعادة استئجار، وتبلغ مده الإيجار 10 أعوام.
تحول السوق
يُعدّ بلوغ النقطة الأدنى في دورة السوق وفي الأداء والتحوّل في قطاع العقارات اللوجستية والعقارات الصناعية علامة تفاؤل لقطاع العقارات في دبي، وقد يكون مؤشراً رئيسياً على أن ظروف السوق قد بدأت بالتحسّن بشكل واسع. إلا أن المخاوف بشأن زيادة العرض في المشاريع السكنية أدّت إلى الإبقاء على حالة الحذر لدى المستثمرين حول كيفية توزيع حافظاتهم العقارية. ولسوء الحظ بالنسبة لمعظم المستثمرين، يُعدّ الوصول إلى سوق العقارات اللوجستية والصناعية أمراً صعباً يتطلب خبرة مخصصّة وتسوده الكثير من العوائق تجعل الدخول اليه صعباً للغاية – وهي المشكلة التي تأسست شركة “مانري” تحديداً لمعالجتها.