المتصل بعامل التحويلة في فيديو “قطار طنطا” يروي ما حدث بعد سقوط الراكبين
بعد أقل من 10 دقائق من مغادرة القطار المكيف رقم 934 محطة طنطا بمحافظة الغربية، سمع السيد عبد القادر، نقاشا حادا بين “كسمري” القطار وشابين. لم يهتم الرجل في بداية الأمر، خاصة أنه تعود على مثل هذه المناقشات خلال رحلته الأسبوعية التي اعتاد عليها منذ أكثر من 10 سنوات، من الإسكندرية إلى الأقصر، لكن فتح باب العربة لفت انتباهه، ودفع صوت استنكار مرتفع لأحد الأشخاص “هو مفيش رحمة” الرجل الذي يجلس في أول العربة المعرفة برقم 4، للقيام لاكتشاف الأمر.
عندما اقترب الرجل من الباب المفتوح، أخبره أحد الركاب بجملة صدمته “فيه اتنين نطوا من القطر”، ليعرف بعدها أن ما سمعه كانت آخر كلمات الشاب “محمد عيد”، الذي كان عائد إلى القاهرة برفقة زميله أحمد سمير، ولقى مصرعه بعدما خيرهما الكمسري بين قطع التذكرة أو طلب الشرطة أو النزول من القطار.
الصمت خيم على وجوهنا، وكأن الزمن توقف للحظات، لم يستوعب أحد ما حدث، يقول عبد القادر، بعدها ثار الركاب على الكمسري، “الناس بدأت تعلي صوتها وتطلب منه يشوف الشابين حصلهم إيه”، وبالفعل استجاب الكمسري لضغط الركاب، أجرى اتصالا هاتفيا بعامل مزلقان قرية دفرة التابعة لمدنية طنطا، وطلب منه أن يذهب إلى المكان الذي وقع فيها الشابين، “قاله في اتنين وقعوا من القطر، شوف حصلهم إليه، ورد عليا بسرعة”.
“مفيش دقائق ولقينا الكمسري بيقول أنهم مش موجودين في المكان، يعني هتلاقيهم مشيوا”، إلا أن أحد الركاب صرخ في وجه الكمسري، مؤكدا أنه شاهد أحد الشابين سقط تحت القطار، يقول السيد عبد القادر: “أخدت التليفون من الكمسري، وقولت لعامل المزلقان دور كويس، لأن فيه راكب معانا شاف واحد منهم تحت القطر، ولكنه رد عليا وقالي ما لقيتش حد في المكان اللي الكمسري قالي عليه”.
ما دفع عبد القادر إلى إبلاغ الشرطة بالواقعة، “النجدة وصلوني بمباحث السكة الحديد بطنطا، ورئيس المباحث قالي هطلع قوة تمسح المكان فورا”، بعد أقل من ربع ساعة تواصل رئيس المباحث معه ليخبره بأن القوة عثرت على الشابين، أحدهما جثة هادمة على قضبان القطار، والآخر مصابا على بعد خطوات منه، “الشاب اللى شافهم وهما بينطوا، كان بيعيط والركاب خرجوا من العربة علشان يدورا على حد من المباحث اللي ف القطر علشان يبلغوا”.
نفس الموقف تقريبا، حدث مع عبد القادر منذ 5 شهور، إلا أنه لم ينتهي هذه النهاية المؤسفة، “لقيت الكمسري بيتخانق مع شاب صغير علشان يدفع حق التذكرة، تدخلت بينهم، ودفعت له الأجرة والموضوع اتحل”.
على عكس ما حدث هذه المرة، التي يتهم فيها الكمسري بإجبار الشابين على النزول من القطار، “الكمسري دا مفيش في قلبه رحمة، حتى بعد ما الشابين وقعوا، كمل شغله عادي جدا، ولا كأن حاجه حصلت، ولكنهم اختاروا تذكرة الموت”.
انتظر ركاب العربة، حتى وصل القطار إلى القاهرة، واتفقوا على إبلاغ رئيس المحطة بالواقعة، وبمجرد نزولهم من باب العربة رقم 4 وجدوا قوة من الشرطة في انتظارهم، وأدلى “السيد” بشهادته في النيابة بما حدث مع عدد من شهود العيان من ركاب العربة رقم 4، مؤكدا أن الكمسري وضع الشابين بين 3 خيارات “يا إما يدفعوا أو ينزلوا من القطر وإلا هيسلموهم للشرطة”.
يقول سيد عبدالقادر الذي يركب نفس القطار منذ عام 2009، إنه لم يصاف هذا الموقف خلال هذه السنوات، فمنذ تعينه محاضرا في مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وهو يتنقل بين مدنية الأقصر التي يعيش بها والإسكندرية التي يعمل بها “كنت بركب القطر كل أسبوع، وكان مفتش القطر بيعدي الناس اللى مش معاها فلوس، ولكن يفتح الباب وشاب يموت علشان تذكرة، دا ما يرضيش ربنا”.