«بلفور» شتّت الشعب الفلسطيني لمصلحة بريطانيا والغرب
عبدالحميد الهمشري _ انقضى 102 عاماً على وعد بلفور ونحن فقط نشجب وندين ونفند عدم شرعية هذا الوعد ، لكنه أصبح حقيقة على أرض الواقع وأقيمت دولة الصهاينة حيث شرد معظم الشعب الفلسطيني من أرضه إلى دول الجوار وتشتت في مختلف بقاع الأرض ، فبموجبه نقل اليهود من شتى بقاع الأرض وشرد بمقابله شعب كان آمنا في أرض الآباء والأجداد وأقيمت دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية وهي الآن تعيث بالأرض الفلسطينية فساداً وإفسادا ، وتذيق المتواجدين فيها شتى صنوف العذاب.
ما الذي كان وراء الوعد : أثناء الحرب العالميّة الأولى بدأت تلوح في الأفق انهيار الدّولة العثمانيّة التي كانت تضم تحت جناحيها شعوباً عربيّة وإسلاميّة، فكّرت بريطانيا وفرنسا في أن تكونا الوريثتين لتركة هذه الدولة ، خاصّة أنّهما خرجتا منتصرتين من تلك الحرب والتي هزمت معسكر دول المركز الذي كانت تمثّله حينئذٍ ألمانيا، والنّمسا ، والدّولة العثمانيّة، فعقدت فرنسا وبريطانيا اتفاقيّة سايكس بيكو الشّهيرة عام 1916 التي تمّ بموجبها تقسيم الدّول العربيّة وفق حدودٍ مصطنعة وإبقائها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي، وقد ظنّتا أي بريطانيا وفرنسا أنّهما الوصيّتان على مستقبل الشّعوب العربيّة والإسلاميّة ومسؤولتان عن مصيرها ، فقرّرت بريطانيا منح اليهود الذين كانوا أقليّة دينيّة لا تتجاوز نسبتهم الـ 5 % على أرض فلسطين المقدسة وعدًا بإقامة وطن قومي لهم فيها ، وسمّي ذلك بوعد بلفور نسبةً إلى وزير خارجيّة بريطانيا جيمس آرثر بلفور الذي بعث بهذا الوعد إلى اللورد اليهودي في بريطانيا روتشيلد. هذا الوعد صدر تحديداً في الثّاني من شهر تشرين الأول من عام 1917 والذي سئمنا من تحليل بنوده فقادة العدو الصهيوني الآن في فلسطين يتحكمون في الأرض والشجر والحجر والإنسان ويكيلون كل صنوف العذاب والقهر للفلسطينيين المتواجدين فيها حيث تجحوا في تشريد معظم سكانها منها بدعم أوروبي أمريكي وقوى عظمى شرقية وغربية كما يشكلون خطراً محدقاً على الدول العربية المحيطة بالأرض القلسطينية .
ولمن لا يعلم ، وراء هذا الوعد الذي صدر ممهوراً بتوقيع وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور ، الذي كان من المؤمنين بأن التاريخ ليس سوى أداة لتنفيذ الهدف الالهي، وان الإنسان مكلف بالعمل على تنفيذ هذا الهدف وأن أول ما يتطلبه منه ذلك الإيمان أولاً بأن ثمة هدفاً إلهياً، وثانياً بإمكانية تحقيق هذا الهدف اياً تكن الصعوبات وهذا يثبت أن الإرهاب منبعه حقد دفين من ممالك أوروبا توجه بوصلته وفق ما تريد وبالاتجاه الذي تريد فكان هذا الوعد بمثابة عقاب للشعب العربي في فلسطين وللشعب العربي في المنطقة المحيطة بأرضها وهو منطلق من تعصب ديني أعمى سبق وأرهق المنطقة بحروب دامت ما يزيد عن المائتي عام انتهت بهزيمة مشعليها من دول ممالك أوروبا فعادت بقالب جديد وبطابع ينم عن الاستمرار بالإيمان بمعتقدات لا تمت للواقع بصلة بل تمثل أطماع معتنقيها بفرض إرادتهم وسطوتهم على أرض السلام ، أرض الرسالات التي لم تسد دولة في العالم الا بفرض سطوتها عليها وباحتلالها وهذا يثبته فشل نابليون بونابرت بفرض سطوته على مصر لفشله بفرض سطوته على فلسطين فكان لحملته الشهيرة الفشل فولى أدباره عائداً إلى فرنسا تاركاً مساعده القائد الفرنسي كليبر الذي اغتاله سليمان الحلبي في القاهرة وأنهى الحملة الفرنسية الهادفة لاحتلال مصر حينها.
عبد الحميد الهمشري / كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني