سامية المراشدة تكتب : رحلة موال .. الشاعر نايف ابو عبيد
سامية المراشدة – ودعت بلدتي الحصن الأعلامي وشاعرها الكبير نايف أبو عبيد ، كما ودعته تلالها وجبالها ، كما ودعته حبات الزيتون وهي تُقطَف واظنُ أنها كانت تخبيء بعض الحكايا لنايف ، لكن الموت لم يتسنى له أن يلمس حباتها و يَذوق الزيت الحصناوي البلدي المحبب له ، وأظن أنه كان هناك موال ينتظره المزارع ليُذكّره بالبيادر وموعد الحراثة والزراعة ، وأكاد أقول أن القمحات في عام الماضي عانقت فرحة حروف نايف ، و كانت تتشبث بعزم النشمي الفالح ، الذي نهض فجراً لتراه عيون نايف ،لينظم قصيدة له لتُحاكي فرحة الحصيد بموسم الأغلال ، نايف وفي حناجرنا غصة الفقد ، ماذا عن تشرين وايام الكوانين وماذا عن صوت المهباش ورائحة الهيل ، وماذا عن فنجانك حينما يُغازل دلّتك ، وماذا عن أرض حوران التي ستشتاق لغزلها ، وماذا عن التينة المزروعة خلف منزلك وتلك السلّة ، وماذا عن الرغيف الساخن وطرقوع اللبن الخاثر الذي يشفي كل علّة ، كم أنت كبير في عيون أهل الحصن وإربد والأردن كلها ، حينما تَسرد ذكرى عن تل الحصن، وبلدتنا القديمة والحارات ، وناسها وجميع عشائرها ، أربعة وثمانين عاماً يا نايف ولم ينتهي موالك ، فعلّم موالك على كفوف الجراح ،فأطربت فيه للقانع والطيب ولأهل الكرم والبركة ولذلك الجائع وتبسمت لك أرض المراح وأم الهوى .
موال من بلدي ،موالك الذي استمر على مدار أيامك يا نايف كنّا ننتظره في كل صباح في الإذاعة الاردنية و مؤخرا في إذاعة إربد الكبرى ، وكان موالك بعد تحية الصباح قبل فيروز ونشرات الأخبار وقبل بدأ البرامج الإذاعية المعتادة وهذا أكبر احترام لك وتقدير لشموخك وصوتك الجميل الذي يعود بنا إلى زمن الخير والبركة يعود إلى حنين آبائنا الذين سبقوك ، لكن ربما هناك عتب كبير في قلبك وخبأته عن هذا وطن ، ونحن ندرك حجم التقصير فالوطن كرّم الكثير لكن ربما نسيك كالعادة كما نسي غيرك من المبدعين ، لكن تكريمك صنعته بنفسك وها نحن نذكرك بالخير والمحبة أيها الرجل الغانم والشاعر والأعلامي الطيب الذكر..رحمك الله واسكنك فسيح جناته