ضرغام هلسة يكتب : حواريات لاتغني ولاتسمن من جوع
في حوارية اليوم مع الهيئة المستقلة للانتخابات استذكر المتحاورين دور الاحزاب في وعي المجتمع الاردني بضفتيه مما انتج مجلسا برلمانيا وطنيا وفرز حكومة وطنية برئاسة دولة الرئيس سليمان النابلسي وكان ذلك في تشرين الثاني من عام 1956حيث نجح فيها الدكتور يعقوب زيادين ابن الكرك نائبا عن القدس .
ولكن لم نستذكر جميعنا بان هذه الحكومة تعرضت لانقلاب سلطوي بعد سبعة شهور من قيامها وتم اعتقال غالبية رموزها واعتقال كل النواب الوطنيين من قوميين ويساريين وفتح ابواب سجن الجفر الصحراوي لهم واعلان الاحكام العرفية والذي استمرت من نيسان عام 1957 حتى عام 1989 وبعد هبة نيسان حيث تم اجراء اول انتخابات نيابية عامة بعد اسقاط بند (H) من قانون الانتخاب وبتعديل حكومي والذي كان يمنع على المنتمي لحزب سياسي من المشاركة في الانتخابات .
وتعرض العمل الحزبي انذاك للمضايقات تبداء من الاختراق والمنع عن العمل والفصل منه وحجز جوازات السفر للحزبيين واصدقائهم واشتراط العمل في دول الخليج بحسن السلوك السياسي لكل متقدم بطلب عمل هناك والاعتقال الاداري على اساس قانون السلامة العامة البريطاني وهذا اقسى عقوبة يتعرض لها السياسي وخاصة ان الاعتقال كان يتم بطقوس مرعبة تشمل الاسرة والاطفال من زوار الليل ومخبريهم ولذلك استحق من استمروا بالعمل الحزبي لقب القابضين على الجمر
ولانستثني من ذلك عمليات التشهيرالشخصي والذي تمت لرموز مرحلة عام 1956وخاصة رمزها الاول سليمان النابلسي زعيم الحزب الوطني الاشتراكي الاردني ولمعرفة ذلك الشكل من التشهير فما عليكم الا مراجعة كتاب الاردن بين عهدين لكاتبه عادل وصفي وهو الضابط المعين كمرافق لدولة الرئيس انذاك .
وعندما دخلنا مرحلة الانفتاح الديموقراطي في عام 1989دخلتها الاحزاب السياسية بكل ما يحيط بها من معضلات خارجية وداخلية وكان اخطرها الداخلية .
حيث لعبت مراكز الدراسات المدعومة من (USAD) وجهات دولية متعددة في نشر ثقافتها في اوساط جيل الشباب الاردني وكان اثرها بارزا في مرحلة التسعينات ونمو ظاهرة الاسلام السياسي بنسخته الوهابية استنادا للمشاركة الرسمية الفعلية بحرب افغانستان ضد الاتحاد السوفياتي حتى اصبحت هذه المرحلة من مقدمات انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية واصبحت كل شعوب الارض مسرحا لمؤسسات المجتمع المدني الممولة من ال CIA والمخابرات البريطانية والفرنسية وكان ابرز عناوينها ما نسمعه ونعرفه عن دورعن جماعات الاوتوبوربكل مسمياتها وكل الهيئات المجتمعية الممولة من تلك الاجهزة ومثيلاتها في الدول الغربية.
ولان الطبيعة لاتقبل الفراغ قامت هذه المؤسسات وبما تملك من امكانيات وخبرات باختراق مجتمعاتنا واصبحت بديلا مشرعن له عن الاحزاب وحتى عن الدول وهذا ما نراه اليوم ونتحسر على الماضي الوطني للحرية والاستقلال والسيادة .
فلذلك لكي نولج في مرحلة البناء والاصلاح يجب وبالضرورة التخلص من هذه المؤسسات والتي تصرف مليارات الدولارات لنشر ثقافة الاستسلام تحت عناوين التسامح وحقوق الانسان وتمكين المراءة ورعاية الطفل والديموقراطية والسلام .
وبناءا عليه لن تقوم قائمة للاحزاب الايدلوجية في ظل ظروف موضوعية نعيشها وتحولات في مفهوم الدولة والانتاج وخاصة ان صندوق النقد والبنك الدولي تكفلوا باغراق الدول في المديونية بعد ان دمرت روح الانتاج لدى مواطنيها وتحويلنا الى مجتمعات استهلاكية ليس من السهل الخروج من نفقها الممنهج .
اذن نحن نقضي وقتا ونصرف مالا من الممولين في حوارات لاتغني ولاتسمن من جوع ولاتبني وطن