“وفري فلوس العزاء وادهني الشقة”.. آخر رسالة للمنتحر من برج القاهرة
خرج المهندس المصري نادر محمد من منزله، بعد تلقيه مكالمة هاتفية من أحد أصدقاء الطفولة، للخروج كعادتهما، و اتجه الاثنان إلى برج القاهرة، وأثناء انشغال صديق نادر بمكالمة ألقى خريج كلية الهندسة بنفسه من أعلى البرج.
وانتشر مقطع فيديو للشاب لحظة القفز من أعلى برج القاهرة، سريعا على مواقع التواصل، فيما ترك ابن الـ25 عاما تساؤلات عدة حول أسباب انتحاره.
“يوم الحادثة قال لوالدته هخرج مع أصحابي شوية”، تحكي خالته التي كانت تقف داخل العقار أمام الطابق الأخير الذي كان يسكن به نادر، بمنطقة السويسري بالحي العاشر في مدينة نصر، ومن حولها والدة الشاب وسيدات وقفن لدعمها في مصابها.
“قبل ما يخرج كتب رسالة بيقول فيها سامحيني يا أمي أنا قررت انتحر، ياريت متعمليش عزا وتوفري الفلوس وادهني الشقة” تضيف خالة الشاب، بعيون امتلأت بالدموع، مشيرة إلى أنه كان يقيم مع والدته، بعد وفاة والده وحبس أخيه وسفر أخته للعمل بالخارج بحسب ما نقلت عنها صحيفة (مصراوي) المحلية.
وأوضحت أن الأم تفاجأت بعد خروج ابنها بساعات بمجموعة من رجال الأمن في منزلها تخبرها بانتحار نادر من أعلى برج القاهرة.
بجوار مدخل العمارة المواجهة لمسكن نادر، وقف عادل عاصم، موظف سابق بإحدى الشركات الخاصة، وكان صديق والده، تبدو على ملامحه علامات الحزن منذ الحادث: “شاب طيب وأهله ناس طيبين وعمرنا ما سمعنا عنهم حاجة” يصمت صاحب الـ65 عامًا قليلًا ثم يستأنف حديثه منفعلًا، بأن انتشار مقطع الانتحار على مواقع التواصل الاجتماعي يسبب الأذى لأسرته: “عمري ما هنسى منظر الفيديو، هو الانتحار بسهولة كده”.
يتذكر الأوقات التي كانت تجمعه بالشاب في المسجد القريب من مسكنهم لحظة تأدية الصلاة: “كان ملتزم بالصلاة، ربنا يسامحه”.
تابع محمد صفوت كل ما حدث، دون أن يعلم أن بطل ذلك الفيديو أحد جيرانه: “شفت الفيديو بس مكنتش أعرف إنه من المنطقة عندنا وناس كتير من المنطقة مكنتش تعرف برضه” لكن معرفتهم بالأمر بدأت بعد انتشار رجال الأمن في محيط منزله.
نهاية يوليو الماضي، تخرج نادر صاحب الـ 25 عامًا، في كلية الهندسة الطبية بجامعة حلوان بتقدير تراكمي جيد جدا، ومشروع تخرج بتقدير عام امتياز، بحسب الدكتور أيمن خليفة، رئيس القسم بالكلية، الذي أوضح أن الطالب كان متفوقًا دراسياً، والدليل على ذلك التحاقه بقسم هندسة طبية، الذي لا يقبل إلا الطالب المتفوق بعد مرحلة الإعدادي.
على بوابة كلية الهندسة بجامعة حلوان، وقف أحد رجال الأمن بالكلية، والذي قال إنه تعامل كثيرًا مع الشاب “كان هادي وعمره ما حصلت منه مشكلة خالص”. التقطت منه الحديث إحدى موظفات الشئون بالكلية لحظة خروجها قائلة “اتعاملت معه كتير بالفترة الأخيرة قبل تخرجه”.