صنــــدوق النقد العربي يصــــدر العدد الثامن من سلسلة “موجز سياسات” حول “الاستثمار المؤثر”
في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أطلق صندوق النقد العربي سلسلة بحثية دورية جديدة بعنوان “موجز سياسات”، تستهدف دعم عملية صنع القرار في الدول العربية من خلال توفير إصدارات بحثية موجزة تتطرق لأبرز الأولويات والموضوعات ذات الاهتمام بالنسبة للدول العربية الأعضاء مصحوبةً بتوصيات لصناع السياسات.
تطرق العدد الثامن من هذه السلسلة إلى موضــوع “الاستثــمار المـؤثر”، حيث أشــار إلــى تنــامي الاهتــمام بالاستثمار المؤثر في الآونة الأخيرة كآلية مهمة لتعبئة الموارد المالية وتوجيه الاستثمارات نحو المشروعات التي تستهدف تحقيق عائداً اجتماعياً وبيئياً بالإضافة إلى العائد المالي[1]. يعتبر الاستثمار المؤثر واحداً من بين ثلاثة أنواع يشتمل عليها الاستثمار المستدام الذي يُعرف أيضاُ بالاستثمار المسؤول اجتماعياً (Socially Responsible Investment)، وفيه يدمج المستثمر العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة في قرارات الاستثمار. يستلزم الاستثمار المؤثر تحقق ثلاثة شروط أساسية تتمثل في: 1. استهداف تحقيق الأثر، و2. المساهمة في تحقيق الأثر، و3. قياس الأثر.
يرتبط هذا النوع من الاستثمارات بتمويل المشروعات التنموية والمشروعات ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي الذي يساعد على استدامة التنمية وتحقيق الفائدة للمجتمعات التي تنفذ هذه المشروعات. بناءً عليه، تعول عدد من الدول على هذا النوع من الاستثمارات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تتنوع ما بين خفض الفقر، وتوفير فرص العمل، وضمان الاستهلاك والإنتاج المستدام، والارتقاء بالتعليم، والصحة، ودعم البنية التحتية، ومكافحة تغير المُناخ، وغيرها من الأهداف التنموية الأخرى التي باتت تستحوذ على اهتمام شريحة من المستثمرين، توجهت مؤخراً نحو هذا النوع من الاستثمارات. ينفذ الاستثمار المؤثر من خلال عدد من أدوات الاستثمار بما يشمل الأصول الموظفة في صناديق الاستثمار المؤثر، وكذلك السندات الاجتماعية (Social Bonds)، والسندات الخضراء (Green Bonds)، وإصدارات الأسهم الخاصة، والتمويل المختلط، وكذلك نماذج الاستثمار القائمة على النتائج بما يشــــــمل سنـدات الأثر الاجتـماعي (Impact Bonds Social). كما يُمكن أن يتم عبر القروض الميسرة وغيرها من نماذج التمويل الأخرى، شريطة الالتزام بإدارة الاستثمار بما يحقق العائد الاجتماعي والبيئي المستهدف، وفق آلية لقياس وتتبع الأثر.
من حيث المكاسب الاقتصادية والاجتماعية لهذا النوع من أنواع الاستثمار، أشار موجز السياسات إلى أن هذا النوع من الاستثمارات يُحقق مكاسب اقتصادية كبيرة للحكومات، أهمها تمكين البلدان النامية من تجاوز جانباً من فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة. حيث تشير التقديرات الدولية إلى أن الدول النامية تواجه فجوة تمويلية تتراوح قيمتها ما بين 2.5 و3.0 تريليون دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030([2]). في الوقت الذي تشير فيه تقديرات البنك الدولي إلى أن الحكومات الوطنية سوف توفر فقط ما يتراوح بين 50 و80 في المائة من التمويل المطلوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. بالتالي فإن التحدي الأكبر الذي يواجه حكومات الدول النامية يتمثل في كيفية تحفيز آليات غير تقليدية ومبتكرة لتمويل التنمية المستدامة. من جانب أخر، تشير التقديرات الدولية إلى أن هناك فرص مربحة للقطاع الخاص لتمويل أهداف التنمية، حيث تشير تقديرات لجنة الأعمال والتنمية المستدامة إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يُمكن أن يخلق فرصاً للقطاع الخاص بقيمة 12 تريليون دولار في مجالات الأغذية والزراعة والمدن والطاقة والصحة والرفاهية وحدها، ويخلق 380 مليون وظيفة بحلول عام 2030)[3](.
في هذا السياق، يؤكد مسح لمشروعات الاستثمار المؤثر أجرته الشبكة الدولية للاستثمار المؤثر الارتباط الوثيق بين هذه المشروعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أشار 62 في المائة من بين 266 مؤسسات استثمارية مشمولة في المسح، تبلغ إجمالي أصولها المُدارة نحو 502 مليار دولار، أن مشروعات الاستثمار المؤثر التي تستثمر بها، تستهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء حالياً أو في المستقبل. من جانب آخر ونظراً لكون الاستثمار المؤثر أحد فروع الاستثمار المسؤول اجتماعياً فهو يجسد توجهاً جديداً لتعزيز روح المسؤولية المجتمعية لدى القطاع الخاص [Corporate Social Responsibility (CSR)] ويعمق من دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويقود نحو قطاع مالي أكثر قدرة على ضمان استدامة النمو والتنمية وتقليل مخاطر الاستثمار غير المسؤول التي كانت سبباً في نشوب الأزمة المالية العالمية.
كما أن هذا النوع من الاستثمار وعلى خلاف اعتقاد الكثيرين يحقق عائداً مربحاً للمستثمرين ويثبت خطأ الانطباع السائد بأن المشروعات ذات العائد الاجتماعي تدر عائدات مالية أقل مقارنة بمثيلاتها التقليدية. فوفق عينة من مشروعات الاستثمار المؤثر تشمل 48 مشروعاً تم تنفيذها في الهند -التي تعتبر من أهم أسواق الاستثمار المؤثر – بقيمة 5.2 مليار دولار، حقق المستثمرون عند التخارج من هذه المشروعات متوسط عائد على الاستثمارات بلغ 10 في المائة في المتوسط خلال الفترة (2010-2015)، فيما حقق ثلث هذه المشروعات عائداً مالياً بلغ 34 في المائة، مما يشير بوضوح إلى أنه من الممكن تحقيق عائدات مالية مربحة من خلال الاستثمار في المشروعات الاجتماعية. قطاعياً حققت مشروعات الاستثمار المؤثر الهادفة إلى زيادة مستويات الشمول المالي عائدات مالية تعتبر الأعلى من بين هذه المشروعات([4]).
في هذا السياق اهتمت المؤسسات المالية الدولية بتشجيع ووضع الضوابط لهذا النوع من الاستثمار. فرغم التزايد الملحوظ في حجم الاستثمار المؤثر ونشاط الكثير من صناديق الاستثمار في هذه النوعية من المشروعات، إلا أن التحدي الذي كان يواجه المستثمرين الذين يرغبون في الدخول في هذا النوع من الاستثمارات قبل عام 2019 تمثل في عدم وجود ضوابط دولية تضمن إدارة المشروعات بشكل يتوافق مع نهج الاستثمار المؤثر، بما خلق نوعاً من التعقيد والارتباك للمستثمرين، بما في ذلك الاختلافات بين هذا النوع من الاستثمارات وغيره من أشكال الاستثمار المستدام. بناءً عليه، قامت مؤسسة التمويل الدولية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية الأخرى، وصناديق الاستثمار بتطوير وإطلاق المبادئ التشغيلية لإدارة الاستثمار المؤثر في شهر فبراير من عام 2019. تدعم هذه المبادئ تطوير صناعة الاستثمار ذات التأثير من خلال إنشاء نظام موحد لإدارة الاستثمار المؤثر.
فيما يتعلق بحجم سوق الاستثمار المؤثر عالمياً، أشار الموجز إلى أن التقدير الدقيق لحجم هذا النوع من الاستثمارات يواجه بصعوبات نظراً لحداثة هذا النوع من التمويل نسبياً وعدم وجود معايير وضوابط تقنن هذا النوع من الاستثمارات قبل صدور المبادئ التشغيلية لإدارة الاستثمار المؤثر الصادرة عن مؤسسة التمويل الدولية، التي تسمح بوضع حدود فاصلة ما بين الأصول الموظفة في الاستثمار المؤثر ومثيلاتها الموظفة في إطار الاستثمارالمستدام بشكل عام. رغم ذلك تقدر مؤسسة التمويل الدولية حجم الأصول المالية العالمية التي تحتفظ بها المؤسسات والأسر في جميع أنحاء العالم بنحو 269 تريليون دولار. وفـي حـال ما إذا تمكن العالم من توجيه نحو 10 في المائة فقط من هذه الأصول نحو الاستثمار المؤثر الذي يركز على تحسين العوائد الاجتماعية والبيئية، فإن ذلك كفيلاً بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك تسهيل التحول إلى مستقبل منخفض الكربون.
بناء على ما سبق وفي ضوء الاهتمام المتزايد بالاستثمار المؤثر، تقدر مؤسسة التمويل الدولية حجم سوق الاستثمار المؤثر المُحتمل وبحسب مستويات إقبال المستثمرين، بنحو 26 تريليون دولار. تعتمد الاستفادة الفعلية من مستويات إقبال المستثمرين على هذا النوع من الاستثمار على مدى وجود فرص استثمارية، وأدوات استثمار تمكن المستثمرين من متابعة التأثير والعوائد المالية بطرق مستدامة. جغرافياً، يتركز الجزء الأكبر من صناديق الاستثمار المؤثر في أوروبا ودول أمريكا الشمالية التي تستأثر بنحو 64 في المائة من صناديق الاستثمار التي تستهدف وتقيس الأثر، فيما ينخفض بشكل كبير نصيب دول منطقة الشرق الأوسط التي تضم البلدان العربية من هذا النوع من الاستثمار، إلى ما لا يفوق 1 في المائة من إجمالي الاستثمارات المؤثرة عالمياً[5].
تطرق الموجز كذلك إلى التحديات التي تواجه هذا النوع من الاستثمارات ويأتي من بينها الانطباع الأولي السائد لدى المستثمرين بصعوبة تحقيق عائداً مالياً يوازي عائد الاستثمارات التقليدية. رغم ذلك فإن الممارسات العملية تشير إلى خلاف ذلك حيث تمكنت العديد من هذه المشروعات من تحقيق عائداً مالياً جيداً. الأمر ذاته تؤكده مؤسسة التمويل الدولية التي أشارت إلى تحقيق مشاريع مشروعات الاستثمار المؤثر التي نفذتها المؤسسة في المتوسط لعائدات تتماشى مع مؤشرات السوق العامة ذات الصلة بالأسواق الناشئة، مما سمح لها بتحقيق نتائج مالية تضمن الاستدامة على مدى فترة طويلة من الزمن. تشير هذه النتائج إلى أنه من الممكن الاستثمار بقصد التأثير وتحقيق عوائد مالية معقولة([6]).
كما أنه وفق عينة من مشروعات الاستثمار المؤثر التي تنفذها 266 مؤسسة استثمارية دولياً، جاءت نتائج العائد المالي المُحقق في حدود المتوقع بالنسبة لنحو 82 في المائة من المشروعات، فيما فاقت العائد المالي المستهدف في 16 في المائة منها، وجاءت أقل من المتوقع في 2 في المائة فقط. من جانب آخر، يعتبر كذلك الوضوح والمصداقية وقابلية المقارنة في قياس التأثير من أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار المؤثر. فرغم التقدم المُحرز في العقد الماضي على صعيد قياس الأثر الخاص بهذه النوعية من المشروعات، وتتبع التغييرات في النتائج الاجتماعية والبيئية المرتبطة بهذه الاستثمارات، إلا أنه لا يزال هناك عدم وضوح فيما يتعلق بالمفاهيم الأساسية وعدم اتساق قياس الأثر بما يعيق الوصول إلى نهج موحد في هذا الصدد.
من حيث التجارب الدولية لتشجيع الاستثمار المؤثر، أوضح الموجز أن الحكومات تلعب دوراً مهماً لحفز الاستثمار المؤثر من خلال توفير البيئة الحاضنة لهذه الاستثمارات سواءً من خلال توفير الإطار القانوني والتنظيمي الداعم لهذه الاستثمارات، أو عبر حفز توجه الاستثمارات الخاصة لهذه النوعية من المشروعات. في هذا المجال، ظهر واضحاً توجه العديد من الحكومات والتكتلات الدولية إلى المزيد من دعم الاستثمار المؤثر مؤخراً. تشير بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى وجود العديد من المبادرات العامة التي تستهدف دعم الاستثمار المؤثر بما يبلغ نحو 590 مبادرة عالمية تتنوع ما بين مبادرات محلية ومبادرات للتعاون التنموي في مجال الاستثمار المؤثر تنفذها الدول المانحة، بما يفتح المجال أمام تفعيل دور العون الإنمائي الدولي في دعم الاستثمار المؤثر. تم تنفيذ أكثر من نصف المبادرات المحلية في أوروبا وحوالي ربعها في آسيا.
على مستوى الدول العربية، فرغم التطورات الإيجابية التي شهدتها عدد من المؤشرات الاجتماعية في المنطقة العربية، إلا أن المنطقة لا تزال تواجه تحديات اجتماعية وتنموية لعل من أهمها خفض الفقر، والبطالة، وتمكين المرأة، وتحسين مستويات التعليم، والصحة. يتطلب تحقيق تحسن إيجابي في هذه المجالات توجيه المزيد من الاستثمارات إلى المشروعات ذات الأهداف الاجتماعية والتنموية. كذلك تحتاج المنطقة إلى استثمارات دافعة للتنويع الاقتصادي ولمكافحة التغير المُناخي.
تشير التقديرات إلى أن المنطقة العربية تحتاج إلى توفير 230 مليار دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030([7])، وهو مبلغ ضخم يتطلب حشد الطاقات التمويلية للقطاعين العام والخاص لتحقيق تقدم ملموس في هذا الإطار. في المقابل وكما تمت الإشارة، يتضح تواضع نصيب المنطقة العربية من الاستثمار المؤثر العالمي إلى ما لا يزيد عن واحد في المائة. كما تتركز هذه الاستثمارات وبحسب المعلومات المتوافرة في عدد محدود من دول المنطقة.
كما أنه رغم كون الدول العربية قد خطت خطوات مهمة على صعيد حوكمة الشركات وتبني استراتيجيات للتنمية المستدامة، إلا أن النهج المُتبع في هذه البلدان لا يزال مجزأً ويواجه بتحديات لدمج التنمية المستدامة في السياسات الاقتصادية وفي طبيعة الأطر التنظيمية لمجتمع الأعمال. كما أن التحدي الأكبر يكمن في ضرورة بلورة سياسات واضحة وآليات كفؤة لتمويل أهداف التنمية المستدامة.
بناءً على ما سبق، هناك فرصة كبيرة للاستفادة من الاستثمار المؤثر في تنفيذ العديد من المشروعات ذات العائد الاجتماعي المرتبطة بالأساس بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يتطلب العديد من التدخلات على صعيد السياسة العامة لتشجيع هذا النوع من الاستثمارات. بناءً عليه، يقدم الموجز مجموعة من التوصيات على صعيد صنع السياسات لحفز الاستثمار المؤثر في الدول العربية ذلك على النحو التالي:
- دعم الحكومات العربية للاستثمار المؤثر:
لتحفيز الاستثمار المؤثر هناك العديد من الآليات المقترحة وفق أفضل الممارسات العالمية من بينها: 1. تأسيس صناديق استثمارية مملوكة للدولة متخصصة في مجال الاستثمار المؤثر، 2. الدخول في شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ هذا النوع من الاستثمارات من خلال الصناديق الاستثمارية المشتركة، 3. تشجيع المؤسسات الاستثمارية والتنموية العامة على التوجه إلى الاستثمار المؤثر وبما يرتبط مع الأولويات التنموية المًتبناة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- ضمان بيئة مواتية لعمل الاستثمار المؤثر:
يتطلب تعزيز عمل الاستثمار المؤثر وجود رؤى وطنية للتنمية تحدد الأولويات الاجتماعية والتنموية وطرح للمشروعات ذات الأولوية التي يُمكن أن يُشارك بها القطاع الخاص، بما يتضمن كافة التفاصيل الخاصة بالمشروعات سواءً فيما يتعلق بالاستثمارات المطلوبة، والعائدات التنموية، والفئات المستهدفة، والمدى الزمني للمشروعات، والعائدات المالية المتوقعة وطرح ذلك على مجتمع الأعمال. كما يستلزم تشجيع الاستثمار المؤثر توفر بيئة أعمال مواتية وإطار متكامل لعمل هذه الاستثمارات بما يشمل بيئة قانونية مُحفزة، ومجموعة من الحوافز التي توفرها الدولة لهؤلاء المستثمرين سواءً تعلق الأمر بالحوافز الضريبية أو غيرها من الحوافز الأخرى الجاذبة للاستثمار بحسب مستويات انخراط الاستثمار المؤثر في المشروعات ذات الأولوية التي تحددها الدولة.
- تفعيل دور الصناديق السيادية في الاستثمار المؤثر
تلعب الصناديق السيادية في الدول العربية دوراً مهماً على صعيد تعزيز الاستثمارات المحلية ودعم جهود التنويع الاقتصادي. كما تنامي مؤخراً دور عدد من هذه الصناديق في تمويل الخطط والرؤى الاستراتيجية للدول العربية التي يأتي تحقيق أهداف التنمية المستدامة على رأس أولوياتها. يُمكن لهذه الصناديق أن تمثل داعماً رئيساً للاستثمار المؤثر في الدول التي تتواجد بها لا سيما في ضوء توجه عدد منها لتخصيص نسبة من عائداتها السنوية إلى أوجه استثمارية محلية تستهدف زيادة فرص العمل، وتحسين مستويات التعليم والصحة، وتمكين المرأة، ودعم البيئات المحلية، ودعم مصادر الطاقة المتجددة.
- تشجيع إصدار سندات الأثر الاجتماعي
تُمثل سندات الأثر الاجتماعي نوع من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تهدف إلى تقديم برامج اجتماعية للمجتمعات المحرومة. تعمل هذه العقود – التي تسمى أيضًا عقود الدفع مقابل النجاح – على الاستفادة من الاستثمارات الخاصة والخبرات من مقدمي الخدمات لتحسين النتائج الاجتماعية للخدمات الممولة من القطاع العام. من شأن اتجاه السلطات الرقابية للقطاع المالي إلى تحفيز المستثمرين على إصدار مثل هذه السندات وربط ذلك بمجموعة متنوعة من
الحوافز يحصل عليها القطاع الخاص الذي يقوم بإصدار أو الاستثمار في هذا النوع من السندات أن يساهم في تشجيع إصدارات هذا النوع من السندات[8].
- الاستفادة من الاستثمار المؤسسي طويل الأجل
تلعب صناديق التأمين والمعاشات والضمان الاجتماعي دوراً مهماً في الدول العربية نظراً لكون استثماراتها مؤسسية طويلة الأجل يمكن أن تساهم في دعم خطط الدولة نحو تحقيق الغايات التنموية المأمولة. في هذا السياق، تشير التقديرات أن أصول صناديق التأمين والمعاشات توفر مصادر تمويل طويلة الأجل جيدة في العديد من البلدان العربية يمكن التعويل عليها لتمويل العديد من المشروعات التنموية. فعلى سبيل المثال تُقدر أصــول المؤسسات المالية غير المصرفية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنحو 573 مليار دولار([9] ). من شأن العمل على إيجاد الإطار الملائم لتوظيف هذه السيولة وتوجيهها بشكل سليم ومدروس لتمويل المشروعات ذات العائد الاقتصادي المُجدي أن يُمكن الدول العربية من تحقيق أهدافها وغاياتها الاقتصادية.
- زيادة مستويات التوعية بدور الاستثمار المؤثر
لا تزال مستويات الوعي بأهمية الاستثمار المؤثر وآلياته غائبة بشكل كبير عن مجتمع الأعمال في الدول العربية وهو ما يستلزم من الجهات المعنية بالاستثمار والسلطات الإشرافية على القطاع المالي أن تعمل على زيادة مستويات الوعي بهذا النوع من أنواع الاستثمارات وأن تشجع نشر أفضل الممارسات الوطنية والدولية في هذا الصدد بما يقدم نماذج متكاملة من هذه المشروعات وفهماً موحداً من مجتمع الأعمال بطبيعة هذه المشروعات وقدرتها الكبيرة على تمكين مجتمع الأعمال من الوفاء بالتزاماته في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات.