يسرا ابو عنيز تكتب: حين يغزو الشيب شعرهم وتنحني ظهورهم
يسرا ابوعنيز – حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم،تعبا من الحياة، لأولئك الذين نذروا حياتهم لنا،وكانوا الشمعة التي تحترق من اجلنا،وجاعوا لنشبع، وسهروا على راحتنا، وواصلوا ليلهم بنهارهم لنكون نحن بخير، رغم كل ما تحملوا، نقف نحن تقدير واحتراما لهم.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم، من تعب الحياة، ومن مشاقها، وحين يتقدم العمر بامهاتتا، واباؤنا، من ظروف الحياة التي مروا بها، ننحني لهم تقديرا، وندعو الله عز وجل ان يحفظهم لنا، لأن الحياة لا تستحق ان نعيشها من دونهم.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم،بعد أن زرعوا الأرض، في كل مواسمها، وجنوا ثمارها، ومحاصيلها، في زمنهم الجميل، الذي عاشوه على بساطة العيش، والحياة، ليوفروا لنا كل ما نحتاجه، لنعيش حياة كريمة.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم، اولئك الذين عاشوا بكرامتهم، وماتوا ايضاً بكرامتهم، ولم تنحني جباههم الا لله تعالى، ومن ثم للوطن، الذي عشقوه، وعشقوا ترابه حتى الموت، بل علموا الابناء كيف يكون حب الاوطان، والدفاع عنه.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم،اولئك الذين لم يطلبوا المساعدة من احد، ولم يمدوا ايديهم يوما لطلب اي شيء، حتى وإن كانوا بحاجة للقمة الطعام، وحتى وان ضاقت الدنيا بوجوههم، وتقطعت بهم سبل العيش، لأنهم تربوا على عزة النفس، وعلموها فيما بعد لابناء الأردن فيما بعد.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم، تعبا من هموم الحياة، بعد أن عملوا كل ما بوسعهم ان يعيش الابناء حياة كريمة، خالية من الحاجة، ومن التعب الذي عاشوه، وكلهم امل ان يحافظ الابناء على مر الازمان على الأرض التي ورثوها، لا ان تترك بورا، ولا تجد من يقوم بزراعتها، والاهتمام بها.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم، بعد أن عاشوا حياتهم في قراهم، واريافهم، وبواديهم للحفاظ على تراثهم، خوفا من ان تلوث حياة المدن، ليجدوا ان الابناء قد هجروا كل شيء، حتى انهم لا يزوروا مسقط رأسهم الا في المناسبات،ومن بعدهم ابناؤهم لا يعرفون قراهم حتى على الخريطة.
حين يغزو الشيب شعرهم، وتنحني ظهورهم، انحني تقديرا، واحتراما لكم، انتم يا من ذهب عز الحياة، وجمالها معكم، ويا من اخذتم معكم كل شيء جميل، واصيل، حتى مفردات حياتنا اليومية.