ادعى أنه سقط من “النافذة” .. تفاصيل جديدة لجريمة مقتل طفل أردني على يد والده “ليلة رأس السنة”
بينما كان العالم منشغلا في الاحتفال بالعام الجديد، كانت روح طفل عمره 7 أعوام، تصعد إلى باريها، في حادثة تقشعر لها الأبدان، خصوصا أن الضحية فارق الحياة ضربا على يد والده.
وحول تفاصيل هذه الحادثة، كشف مصدر، طلب عدم نشر اسمه، عن أن “الطفل ضحية لتفكك أسري وكانت والدته تنازلت عن حضانته ويعيش مع جدته لأبيه في ذات المنزل مع والده والذي عرف بأنه من أصحاب الأسبقيات الجرمية”.
وأوضح أن “والد الطفل اعتاد على ضربه بشكل مستمر ومبرح، ورغم معرفة المحيطين بالأسرة بحقيقة ما يتعرض له الطفل لكن لم يسبق لأي جهة بالتبليغ عن العنف الواقع عليه، وهذا ما يؤكده عدم وجود أي ملف سابق للطفل لدى إدارة حماية الأسرة”.
ووفق مصدر أمني، فإن “الأب بعد أن فقد طفله الوعي حاول إسعافه إلى المستشفى، ولكنه وصل متوفى وهناك ادعى الأب أن الطفل تعرض للسقوط من النافذة لكن الطب الشرعي كشف عن تعرض الطفل للضرب المبرح ما أدى إلى وفاته، كما أسند المدعي العام للأب جناية الضرب المفضي إلى الموت، وهي جناية تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاما في حال ثبوتها وتحديدا إذا كان الضحية قاصرا”.
وتعكس هذه الجريمة ضعف عملية التبليغ في جرائم العنف الأسري تحديدا العنف الواقع على الأطفال، رغم أن قانون العنف الأسري الجديد للعام 2017 نص على إلزامية التبليغ عن حالات العنف الأسري الواقعة على فاقدي الأهلية أو ناقصيها كالأطفال من قبل مقدمي الخدمات الطبية أو التعليمية أو الاجتماعية في القطاعين العام والخاص تحت طائلة العقوبة بالحبس أو الغرامة، كما وفر الحماية اللازمة للمبلغين والشهود من خلال عدم الإفصاح عن هوية المبلغ إلا إذا تطلبت الإجراءات القضائية غير ذلك.
وفي هذا الصدد، تقول المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان” المحامية إيفا أبو حلاوة، إنه “كون الطفل في سن المدرسة وكونه تعرض للعنف في مرات متكررة فإن الأصل أن يكون هناك تبليغ من قبل إدارة المدرسة للجهات الأمنية المختصة عن تعرض الطفل للعنف واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايته”، لافتة إلى أن “التبليغ عن حالات العنف الواقعة على الأطفال هي إلزامية على مقدمي الخدمات بموجب القانون”.
وفي مقابل إلزامية التبليغ، ترى أبو حلاوة أن هناك حاجة ماسة لإصدار نظام حماية الشهود المتعلق بقانون الحماية من العنف الأسري، مبينة في الوقت ذاته بالقول، “رغم أن القانون يكفل الحماية للشاهد عن طريق التكتم على هوية المبلغ لكن تفعيل هذا البند يتطلب إصدارا للنظام، خصوصا أن الواقع يشير إلى أن إحجام مقدمي الخدمات خصوصا التعليمية والصحية عن التبليغ يعود بالدرجة الأولى إلى الخوف من تبعات التبليغ أو التعرض للأذى من قبل أقارب الجناة”.
وتتفق العين والعضو المؤسس في مؤسسة درة المنال، سوسن المجالي، مع أبو حلاوة في الرأي، وتقول، “يجب أن تتبع المدارس نمطا محددا في التعامل مع الأطفال ضحايا العنف الأسري وذلك عن طريق تزويد العاملين مع الأطفال سواء من معلمين أو مرشدين أو إدارة بدليل محدد للتعاطي مع هذه الحالات وتوفير الحماية للأطفال، إلى جانب ضرورة وجود ملفات جميع الطلبة لمعرفة الحالات الأكثر عرضة للعنف كالأطفال ضحايا التفكك الأسري”.
وتلفت المجالي إلى “إمكانية أن يكون الطفل المتوفى متسربا من المدرسة، وهنا تقع المسؤولية أيضا على عاتق وزارة التربية والتعليم لجهة ضرورة التنسيق مع دائرة الأحوال المدنية والتأكد من التحاق جميع الأطفال في سن المدرسة بالتعليم، عبر إيجاد سجلات لتلك الغاية ووضع آلية لضمان التحاق الأطفال في المدرسة ومتابعة حالاتهم في حال عزوف الأهالي عن إلحاق أطفالهم بالتعليم”.
أما الشق المتعلق بقانون العقوبات، فترى كل من المجالي وأبو حلاوة، ضرورة تشديد العقوبات المتعلقة بالجرائم الواقعة داخل نطاق الأسرة وضرورة إلغاء إسقاط الحق الشخصي في هذا النوع من الجرائم.
وبحسب تعديلات قانون العقوبات للعام 2019، فإنه تم تغليظ عقوبة الضرب المفضي إلى الموت الواقع على القاصرين أو فاقدي الأهلية إلى 15 عاما من 12 عاما في القانون السابق، لكنه وبإسقاط الحق الشخصي، تخفض تلك العقوبة إلى النصف لتصل إلى سبعة أعوام ونصف العام، إذ غالبا ما يتم الأخذ بإسقاط الحق الشخصي في هذا النوع من الجرائم نتيجة للضغوطات الاجتماعية التي تتعرض لها والدة الضحية.
وتقول أبو حلاوة، “إن التعديل ليس كافيا خصوصا، فالمطلوب أن تغلظ العقوبات في كافة الجرائم الواقعة داخل نطاق الأسرة إلى جانب منع إسقاط الحق الشخصي في هذه القضايا لأن الإسقاط يكون بسبب ضغوطات اجتماعية”.
وإلى جانب تغليظ العقوبات وإشكالية إسقاط الحق الشخصي، تؤشر الجريمة كذلك إلى إشكالية الضرب التأديبي واستمرار وجود بند في قانون العقوبات يبيح الضرب التأديبي للآباء على الأبناء، إذ ترى المجالي ضرورة في إلغاء هذا البند.
وتنص الفقرة (أ) من المادة 62 على “يجيز القانون أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاء أو ضررا لهم ووفق ما يبيحه العرف العام”.
وكانت مسودة قانون حقوق الطفل عالجت الجزئية المتعلقة بالضرب التأديبي حيث نصت المسودة على: “لا تشكّل صفة الوالدين أو الشخص الموكل برعاية الطفل عذرا لارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة والتي حددتها المادة السابقة بالحالات التي تشكل تهديدا للطفل”، ويقصد بالأفعال “تعريض الطفل للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال”.
لكن مسودة القانون ما تزال عالقة في أدراج مجلس الوزراء منذ نيسان (أبريل) الماضي، فيما تسرب أن التكلفة المالية للقانون هي الدافع وراء عدم اقرار القانون من مجلس الوزارء.
وبهذا الخصوص، تقول أبو حلاوة، “المطلوب أن تكون هناك توجيهات حكومية وإرادة حقيقية لحماية الطفل ولمواجهة ظاهرة العنف الأسري بشكل جاد”.
وكان مطلع العام، شهد كذلك جريمة قتل أخرى ذهب ضحيتها طفل يبلغ من العمر 11 شهرا خنقا على يد والده، ولم تعرف لغاية الآن حيثيات الجريمة.
وكانت الشهور 8 الأولى من العام الماضي، شهدت نحو 10 آلاف حالة عنف أسري ضد امرأة وطفل نحو نصفها جرائم واقعة على الأطفال، بحسب إدارة حماية الأسرة.