قصائد مؤثرة تحاكي الهم الذاتي وتعبير راقٍ عن مواقف الإباء والشموخ الوطني
انطلقت مساء أمس الثلاثاء، فعاليات الأمسية الخامسة من برنامج “شاعر المليون” في موسمه التاسع، وذلك بحضور السيد عيسى المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وأعضاء لجنة تحكيم برنامج المنكوس. وقد تم بثُّ الأمسية في الساعة العاشرة مساءً على قناتي بينونة والإمارات.
خليفة سات… طموح عيال زايد
استُهلت الحلقة مع إطلالة مقدمي البرنامج الإعلاميين أسمهان النقبي وحسين العامري، وأبيات شعرية للشاعرة الإماراتية مريم النقبي، تتحدث فيها حول منجز الوطن الحضاري المتمثل بإطلاق القمر الصناعي الإماراتي “خليفة سات”، تحقيقاً لأهداف بلادنا في علوم استكشاف الفضاء وتنفيذ مشاريعها بعقول وسواعد إماراتية. ومنها الأبيات التالية:
“يرتفع بك.. مجد… وديار.. وبيارق يا طموحٍ… سطروه.. عيال زايد
كل يوم.. ودارنا.. تصنع فوارق حلم شعب.. وعزم جيل.. وفكر قايد”
تلى ذلك استعراض مقتطفات من الحلقة السابقة، وكواليس اللقاءات مع المتسابقين قبل وبعد صعودهم المسرح وإلقائهم قصائدهم أمام لجنة تحكيم البرنامج المكونة من الأستاذ سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر في أبوظبي، والدكتور غسان الحسن، والأستاذ حمد السعيد. ثم جاء الإعلان عن نتائج تصويت الجمهور من خلال موقع وتطبيق شاعر المليون للشعراء الخمسة المتأهلين من الأمسية نفسها، والتي أسفرت عن تأهل كل من عبد المجيد سعود الغيداني من السعودية بنتيجة 59%، ومحمد حسين الشمري من العراق بنتيجة 56%، بينما جاءت نتائج بقية المتسابقين كالتالي: تركي الحبسي من سلطنة عمان بنتيجة 55%، وعادل وصل الله الحارثي من السعودية بنتيجة 43%، وسالم محمد الملا من الإمارات بنتيجة 42%.
أنسنة الشعر وعفرتة قواه الخارقة
ومع الإعلان عن شعراء الأمسية، وهم أحمد بن جدعان العازمي من الكويت، وأحمد بن عايد البلوي من السعودية، ومحمد الشريقي من سوريا، ومحمد بشير العنزي من البحرين، ومحمد بن نجر الذيابي من السعودية، ومطلق الجبعاء الدويش من السعودية، حيث كانت الإطلالة الأولى للمتسابق أحمد بن جدعان العازمي من الكويت في قصيدته الذاتية الوجدانية التي صوّرت أحلام وأمنيات الشاعر، ورأت فيها لجنة تحكيم المسابقة جِدةً وتميزاً من حيث التصوير الممتد والتوصيفات المستحدثة بعيداً عن التصوير التقليدي المكرر، واعتبرها سلطان العميمي قصيدة الرموز التي يمكن تفسيرها بأكثر من معنى، بينما أشار حمد السعيد إلى طرقها على لحن المنكوس، مشيداً بحضور الشاعر وإلقائه ونبرة صوته، قائلاً: “النص مكتوب بحرفة شاعر مبدع متفرد بالجمال”. تلاه المتسابق الثاني أحمد بن عايد البلوي من السعودية، وقصيدته الحكمية في مناجاة الليل ومحاكاة الصباح، وعلاقة الشاعر بالقصيدة والشعر واتخاذهما رفيقاً وصديقاً ووطناً، والتي رأى سلطان العميمي أنها “قصيدة شاعر مبدع بكل معنى الكلمة، وقد أضاف لها الإلقاء بعداً آخر”. ومع أن القصيدة أزلية عند العرب إلا أن ما يميز هذه القصيدة أنها جعلت من الشعر بطلاً بدلاً من الشاعر، إذ أشار العميمي إلى مصطلح موازٍ لأنسنة الشعر وهو “العفرتة”، بحيث جعل الشاعر الشعر مخلوقاً عفريتاً قادراً بقواه الخارقة على إشعال البراكين. أما د. غسان الحسن فقد أشاد بالقصيدة التي استحقت في نظره الإطراء وتبيان ما فيها من جمال، معتبراً أنها تعكس تجربة ثرية خصبة توّجت الشاعر سيداً لشعره يأمره وينهاه.
فلكلور عراقي أصيل وأبيات مؤثرة في إمارات التسامح
وقد تميزت الأمسية الخامسة من أمسيات برنامج “شاعر المليون”، بقصائد التسامح والإشادة بمكانة الإمارات العالمية وقوتها الناعمة، وتأثيرها كمنصة لحوار الثقافات والتلاقي الإنساني، ومنارة للانفتاح على الآخر، والتي زينت دخول الشعراء الستة إلى خشبة مسرح شاطئ الراحة قبل إلقائهم قصيدة المشاركة، إضافة إلى الأداء الفني الطربي والعزف الموسيقي الأصيل من الموروث الشعبي لجنوب العراق، والتي قدمتها فرقة خشابة البصرة مع مطلع لقصيدة صفي الدين الحلي “ما عَوَّدوني أَحِبّائي مُقاطَعَةً… بَل عَوَّدوني إِذا قاطَعتُهُم وَصَلوا”. ثمّ كانت إطلالة المتسابق الثالث محمد الشريقي من سوريا، في قصيدته التي حفلت بالحنين والحب لمدينة الجبال السبعة، العاصمة الأردنية عمّان، والتي أشادت لجنة التحكيم بصدق عاطفة الشاعر فيها، وبكونها قصيدة الأماكن بامتياز، من عمّان إلى سوريا وصولاً إلى الإمارات دار زايد، حيث قال د. غسان الحسن: “النص جميل يرتكز إلى أرضية صادقة من المشاعر، منحت الشاعر قدرته على بناء الصور الشعرية المبدعة والتصاوير المبتكرة”. تلاه المتسابق الرابع محمد بشير العنزي من البحرين، والذي ألقى قصيدة ركز فيها على تصوير حالات الشعر في موروث العرب ولغة الضاد، أجمعت اللجنة على جمال أبياتها مع ملاحظة الإلقاء الضعيف للشاعر، رغم قدرته على التصوير المتقن والاستعارات المكنية التي جعلت الجمال حاضراً في القصيدة.
نصوص شامخة لشعراء محترفين
أما المتسابق الخامس محمد بن نجر الذيابي من السعودية، فقد تميز بقصيدته التي جمعت مفارقة رثاء الأب والبكاء لرحيله في لحظة بشارة المولود الابن “مشعل”، وتمزُّق ذات الشاعر بينهما في حالة وصفها الدكتور غسان الحسن بالدرامية التي استدعت البكائية المريرة لفقد الأب ورحيله، بينما أشار سلطان العميمي إلى نضج القصيدة وتأثيرها الوجداني الجميل، مع تميزها بدلالاتها ومضمونها الشعري، أما حمد السعيد فقد رأى أن الشاعر صاحب تجربة شعرية متميزة بحضوره وإلقائه الجميل وقصيدته الجزلة المترابطة. تلاه المتسابق السادس مطلق الجبعاء الدويش من السعودية، والذي ألقى قصيدته في توثيق محطات المجد وشخصيات بُناة الوطن في تاريخ نشأة المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والتي رأى فيها حمد السعيد أنها نص شامخ لشاعر محترف ابن بيئته، يروي فيها تاريخ نشأة المملكة ويقرأ في سطور أمجادها، كما أشار د. غسان الحسن إلى جمال النص وموضوعه الوطني مع تميز الشاعر بذكر الأمكنة، الأمر الذي خدم النص وجعله لا هوائياً متصلاً بالواقع، بينما اعتبر سلطان العميمي أن القصيدة جميلة، تميزت بثراء معلوماتي من العناصر والرموز المتصلة بالتاريخ وشخوصه، وبتكثيف لغوي وشعري حاضر بقوة مع التجسيد والأنسنة، والاستخدام الفني المتقن للمحسنات البيانية والبديعية كالكناية والجناس والطباق.
تأهل ثنائي مستحق للسعودية وسوريا
وفي ختام الأمسية كان الإعلان عن نتائج تصويت جمهور مسرح شاطئ الراحة وقرار لجنة التحكيم، حيث توزعت نتائج تصويت جمهور المسرح كالتالي: مطلق الجبعاء الدويش من السعودية بنسبة 33%، ومحمد الشريقي من سوريا بنسبة 24%، وأحمد بن عايد البلوي من السعودية بنسبة 18%، ومحمد بن نجر الذيابي من السعودية بنسبة 16%، وأحمد بن جدعان العازمي من الكويت بنسبة 6%، ، ومحمد بشير العنزي من البحرين بنسبة 3%. بينما تأهل بنتيجة قرار لجنة التحكيم كل من أحمد بن عايد البلوي بنتيجة 48/50، ومحمد الشريقي بنتيجة 46/50. فيما جاءت نتائج بقية الشعراء الذين يخضعون لتصويت الجمهور من خلال موقع وتطبيق شاعر المليون طوال أسبوع كامل كالتالي: مطلق الجبعاء الدويش بنتيجة 45/50، وأحمد بن جدعان العازمي بنتيجة 43/50، ومحمد بن نجر الذيابي بنتيجة 43/50 ومحمد بشير العنزي بنتيجة 41/50.
كما تم الإعلان عن شعراء الأمسية السادسة يوم الثلاثاء 29 يناير وهم: زايد عايض الرويس وحمود خلف القحطاني وتركي الحويدر السهلي من السعودية، وفهد القرين البدري من أستراليا، وسعيد جار الله المنصوري من الإمارات، وعبد العزيز العبلان الديحاي من الكويت.