الحل بالمقاومة ورفض التطبيع وقطع التمثيل الدبلوماسي
* عبدالحميد الهمشري – منذ البدايات لا أولي اهتماماً أو أقيم وزناً لأي انتخابات تجري في فلسطين المحتلة ، لقناعتي المطلقة بأن الكيان العبري فيها دخيل صنعته مصالح الغرب من لندن حتى واشنطن ، وتماهت معهما في ذلك موسكو ، فما يجري على الأرض أولاً صراع وجود لا صراع حدود ، القوة من وجهة نظر واشنطن وحلفائها هي وحدها من تفرض ميزان العدالة ، وثانياً صراع كرامة فأي مس أو انتقاص في حقوق شعب فلسطين فيه بعثرة لكيانه وتصفية لحقوقه وامتهاناً لكرامته وإمعاناً في تهميشه لصالح مستقدمين من الخارج يحملون جنسية أعضاء دول المنظمة الدولية قاطبة .
يخطئ من يعول على نتائج انتخابات في كيان محسومة فيه نتائجها لصالح الاستيطان وقهر الشعب الفلسطيني، يجري تزيين صورته وتجميلها في محافل البيت الأبيض والبيت الصهيوني وبيت الناتو المهيمن عليه أمريكياً ، فهذه مجتمعة ترتب الأمور في الكيان العبري معتمدة سلطان القوة وتزييف الحقائق وحبل الأكاذيب ، في ظل بعثرة جهود مكونات الإقليم الشرق أوسطي بصراعات تصب في صالح تثبيت أركان الكيان الدخيل ..
فالقناعة الشعبية الفلسطينية والعربية تدرك تماماً بأن الشد العكسي قد بدأ فعلياً منذ الإعلان عن صفقة المهووس بالصهيونية ترامب ، ببنودها العشرة الهادفة لتصفية الشعب الفلسطيني وقضيته : لا دولة فلسطينية بل حكم ذاتي محدود على نصف مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة ، المسؤولية الأمنية في مناطق الحكم الذاتي المعلن عنها ضحك على الذقون ففاتيكان الفلسطينيين في الصفقة الذي أطلق عليه دولة بلا معابر ولا حدود ولا بحر ولا سماء لهيمنة الاحتلال عليها ، نقل أحياء في القدس الشرقية لمناطق الحكم الذاتي الفلسطينية ، السيادة على المسجد الأقصى للاحتلال مع السماح للأردن والفلسطينيين بترتيب أمور المسلمين فيه ، أبو ديس هي قدس الفلسطينيين ، نزع سلاح حماس والجهاد ، إلغاء حق العودة ، توطين الفلسطينيين حيث يتواجدون ، اعتراف الدول العربية بالدولة العبرية كدولة خالصة للشعب اليهودي والقدس موحدة للكيان الغاصب.
فما سيتمخض عن هكذا انتخابات تكريس الاحتلال ، فشعب فلسطين يدرك ذلك وهو متمسك بحقه التاريخي في كامل أرضه الفلسطينية فصراعات اليمين واليسار الصهيوني كلها تصب في بحيرة الأطماع الصهيو غربية ، فالليكود وأزرق وأبيض وغيرهما وجوه لعملة واحدة ، يتنافسون على تقديم الأفضل أمنياً لتوفير حياة الرفاهية والسعادة لمغتصبي الأرض الفلسطينية على حساب الحق الفلسطيني ، وأياً في الواجهة سيحظى بدعم إدارة أمريكية لا تعير اهتماماً للقانون الدولي ولقرارات المنظمة الدولية ، وأية حكومة ستشكل ستقضم أراضي الفلسطينيين وتنغص حياتهم ، فلا تغيير في الواقع السياسي السيئ فما هو قادم سيقود نحو الأسوأ ، فما دلف عنها فوز للاستيطان والضم والأبارتهايد ، وأياً وصل سيختار التطرف والفوضى وسفك الدماء، وتنفيذ ما انبثق عن قريحة ترامب في الصفقه الصفعة التي أعلنها على الملأ وأي فريق سياسي مقبل على استكمال قواعد اللعبة لن يكون العرب فيها أكثر من قطع شطرنج يتناقلها التوافق الصهيو أمريكي ، فالجميع في الكيان الغاصب متفقون على تصفية الحقوق الفلسطينية كاملة والأمريكان يقدمون لهم الدعم الكامل لتحقيق هذه الرغبات
وأمام هذا الواقع المر ، المطلوب فلسطينياً في ظل حالة التردي العربية والفساد السياسي والأخلاقي الدولي السائد ، وضع استراتيجية فلسطينية موحدة تركز على المقاومة بكل أشكالها وتوحيد الصف الوطني ، وعربياً تصعيد حركة المقاطعة ورفض التطبيع مع الاحتلال وقطع العلاقات الدبلوماسية معه ودعم النضال الفلسطيني حتى كنس الاحتلال.
* عبدالحميد الهمشري – كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني