عبدالحميد الهمشري يكتب : في الذكرى الـ السابعة عشرة للحرب الظالمة واحتلال العراق
* عبدالحميد الهمشري
* تداعيات *
انفضى نحو 17 عاماً على حرب ظالمة شنت بمعلومات استخباراتية خاطئة ومزيفة على العراق ، كان مخطط لها منذ زمن ، لرغبة أمريكية بالخروج من أزمتها الاقتصادية التي تعاني منها بفرض هيمنتها على المنطقة العربية حيث ارتفعت تكاليف المعيشة على المواطن العربي خاصة بعد التفرد الأمريكي في الهيمنة بالقوة العسكرية على المنطقة .. هذه الحرب أفضت لاحتلال العراق ولفرض أجندات تفضي لاستسلامها للعبث الصهيو أمريكي الذي يتهدد طهر كرامتها واستقلالها.. وما كان لهذا أن يكون لولا اختلال ميزان القوى الدولي الذي لاح في الأفق منذ بدء تفكك المعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفييتي المنحل مكن أمريكا التفرد بقيادة النظام العالمي الجديد والذي أدارته بطريقة فاسدة وخاطئة دون النظر لرفض الرأى العام العالمي لهذا التفرد ولشن الحرب الظالمة التي جرى التحشيد لها رغبة في الهيمنة على نفط العراق والخليج العربي خاصة ، والشرق الأوسط عامة ، والذي أصبح مرهوناً منذ ذلك الحين لساديي العالم سافكي الدماء من الأمريكيين ، الحرب لا شك أنها ستبقى وصمة عار على جبين العدو الأنجلو أمريكي وعلى من يسير في فلكهما وللإنسانية جمعاء .. ترتب عليها اجتياح العراق والذي مثل سقوطاً مدوياً للعرب من حسابات القيادة الأمريكية لدرجة أن كشفها صراحة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر بالقول بعد الحرب على العراق في العام 1991م ، لأحد رؤساء دول الطوق العربية والتي شاركته الحرب أن من يُهزم لا يطلب تنازلات فليس العراق من هزم وحده بل كل العرب والمهزوم لا يطلب تنازلات ، فسيق العرب لمؤتمر مدريد سوقاً رغم أنوفهم.. فاحتلال العراق وحل جيشه نجم عنه انكشاف الظهر العربي قاد لانهيار النظام السياسي به والذي كان في أسوأ حالاته بمثابة جدار عازل يحميهم من النفوذ الإيراني والصهيوني.. ورغم تنبه دول عربية لهذه المأساة جراء مساندتها للعدوان الأمريكي ، إلا أن هذا حصل بعد أن دخلت الفأس بالرأس .
فالشرطي الدولي الأمريكي لم ولن يعبأ بالتكلفة البشرية ولا الدمار الذي نجمت عن تدخلاته في المنطقة العربية ، فمنذ اجتياحه للعراق وتسليمه لعصبة كل همها السطو على السلطة خدمة إيران ، لم يتوان عن التدخل في الشأن العربي ، فخسائر العراق البشرية منذ حصاره وشن الحرب عليه من أغسطس / آب 1990 م احتلاله في شهر آذار / مارس 2003 بعد حشد جيوش دول تنضوي تحت الفلك الأمريكي ولغاية الآن كبيرة ، فضحاياه بالملايين من قتلى وجرحى ومعاقين وملايين مهجرين لخارج وداخل وطنهم ، بعد تسليم زمام أموره لعصابات تنتمي لأعداء العراق تتصارع في سبيل فرض أجندتها عليه لتفتيته وتمزيقه إلى شيع وطوائف وكنتونات متصارعة واستلاب خيراته وهي – إيران ، أمريكا ، تركيا ، والعدو الصهيوني – ما أدى لتدمير بناه التحتية التي كل أموال الدنيا لا يمكنها إعادتها إلى ما كانت عليه قبل الاجتياح .. فاحتلال العراق أدى لاغتيال الأمن والاستقرار واستقلاله ودول المنطقة العربية قاطبة بفعل الفوضى الخلاقة التي احتضنتهاوالفساد الذي استشرى برعاية صهيو أمريكية بتمكينها التطرف الإرهابي من أحزاب ومليشيات منضوية تحت سلطة إيران وأخرى إسلامية إرهابية كداعش والنصرة وغيرهما خدمة لأهدافها وأجندتها حفاظاً على أمن واستقرار وتثبيت الجسم السرطاني الذي زرعته في فلسطين – العدو الصهيوني..احتلال العراق قاد لاختلال التوازن العسكري في المنطقة العربية بعد أن كان يشكل خط دفاع أول ودرع حصين ومصد صلد يصعب اختراقه في وجه الأطماع الإيرانية شرقاً والتي تحلم بهلالين يمتدان من البصرة حتى صور في الجنوب اللبناني ، ومن هرمز حتى اليمن والخليج العربي ، ويعتبر العراق الحلقة الأولى في تشكيل هذه الامبراطو ية وصمام الأمان للدولة القورشية الفارسية والعدو الصهيوني .. فما صنعته تلك الإدارة الأمريكية في ظل غياب الحدود الأخلاقية سياسياً وعسكرياً بعد تفردها كقوة عظمى لغياب الدور الروسي الذي كان يشغله الاتحاد السوفييتي المنحل ، مكنها من فرض إرادتها على العالم بأسره ، ما قاد لفوضى غير محسوبة النتائج تبقي الوضع هنا غير محسوم يصب في صالح اليمين المتطرف الذي يهيمن في غالب فترات الأربعة عقود الأخيرة على الساحة الدولية من أمريكا للكيان الصهيوني المحتل للأرض الفلسطينية ، للعقلية الانهزامية في المنطقة التي ترى في أمريكا والكيان الصثهيوني السند والعون لها في مجابهة أخطار محلية وإقليمية .
* النصر آتٍ *
ظن الأعداء أن معركة الحواسم قد انتهت إلا أن راياتها بقيت معقودة حتى كنس الأعداء بعون الله من على ثرى عراق الصمود والتحدي الذي قد يضعف لكنه لا يستسلم ولا يهون فهو بلد الحضارة والشموخ والعزة والكرامة.
ظن الأمريكان والصهاينة والإيرانيين والأتراك الذين كانت أرضهم من ضمن قواعد الانطلاق لشن هجمات على العراق ، أن الأمور قد دانت لهم باحتلاله ، لكن خاب فألهم بانطلاق المقاومة العراقية الباسلة منذ اليوم الأول للاحتلال والتي جرى وضع خطوطها العريضة بقيادة الشهيد المقدام صدام حسين ورفاقه الأشاوس الذين آثروا البقاء على أرض الوطن ، فقادوا النضال حتى إلقاء القبض على غالبيتهم من العدو الأمريكي ، وظلت جذوتها مشتعلة بقيادة الرفيق المناضل عزت إبراهيم الدوري ، وشحذوا الكبرياء والشموخ وروح المقاومة بمن رضعوا من لبان العزة والكرامة ممن ولدوا منذ العام 1990 م وما بعد احتلال العراق في العام 2003، الذين هم الآن وقود ثورة احتجاجات ومطالب بخلاص العراق من طغمة الفساد والإفساد التي قادت العراق للهاوية ، ولم يستكينوا رغم القمع الشديد بالاعتقال والاغتيال المنظم الذي يتعرضون له من طغمة باعت الوطن رخيصاً لأعداء الوطن لإيران وتركيا والعدو الصهيوني وأمريكا في ثورة العزة والكرامة والتي يشهد لها القاصي والداني تورة تشرين الخالدة والتي ما زالت على أشدها ، فمن وسط الركام ومن وسط المعاناة انطلقوا ولن ينثنوا حتى تحقيق الحلم العراقي والعربي بالنصر الأكيد.. ما ميز هذه الثورة التزامها بوحدة العراق والانتماء له ورفض الطائفية بتلاحم جميع منابته قل نظيره ، رافضاً لما صنعه الاحتلال بهدف شق وحدة وانتماء العراقي لوطنه مطالباً بخروج إيران والأمريكان.