” كورونا ” يعيد الحياة للأسرة ويقود الاقتصاد العالمي لغرفة الإنعاش وأمنه لصراعات تقود لحروب
* عبدالحميد الهمشري
لا شك أن الإنسان قوي حين تتملكه الحكمة وضعيف حين لا يعطي الأمور حق قدرها ، فيتوه وسط الزحام فينفلت عقالها من يده ، ففايروس ” كورونا ” قلب الموازين بعد غياب التعقل وهيمنة الجحود والفوضى بين بني البشر ، وفي قصص القرآن عبر بما حلَّ بأمم سادت ثم بادت لعدم إدراكها أنها أوهن من بيت العنكبوت ، وعلى هذا فإن سيد البشرية جمعاء رسولنا الكريم أعلمنا بأن الساعة لن تقوم إلا على شرار الناس .. الذين يملأون الأرض جوراً ونكراناً لهيمنة الشيطان فيها على بني البشر.
” كورونا ” دق جرس إنذار عالمي منبهاً إلى ضرورة اهتمام الإنسان بأخيه الإنسان وكرته الأرضية من خلال تطوير الانظمة الصحية والتي تمكنه من مواجهة أي طارئ وبائي مستقبلي قد يكون أشد فتكاً من هذا الوباء حال لم يتم التمكن من السيطرة عليه.. وإيجاد الحلول البديلة في حال تأثرت الشبكات الكهربائية والعنكبوتية الانترنتية والاتصال لا سمح الله ، والاهتمام بحاجات البشر الأساسية للحفاظ على سلامة الحياة على الأرض وبإعادة النظر في الخطاب السياسي والديني ليكون أكثر إنسانية وواقعية دون إفساح المجال لاستغلال ما ترتب عليه من صعوبات اقتصادية وحياتية بخلق صراع وعنف.
صحيح أن ” فيروس كورونا ” جمع الأسرة من جديد وأوجد تآلفاً فيها افتقدها وسط زحام الحياة لكنه في ذات الوقت قاد الاقتصاد العالمي لغرفة الإنعاش ولم يسعفه التطور العلمي والطفرات في عالم التكنولوجيا ، بل وقف عاجزأ أمام مخطاره فتحول بسببه لكيانات متقطعة الأوصال .. ولطالما نبه قادة دول تعتبر من بين الدول الأغنى والأقوى للاستعداد لفراق أحبائهم لعجزهم عن منع انتشاره أو عدم القدرة على تحمل نفقات علاج الجميع فأعطوا الأولوية في العلاج لمن يستحق الحياة دون ذوي نقص المناعة أو ذوي الأمراض المزمنة ، وأغلقوا معابرهم الحدودية براً وبحراً وجواً خشية أن تطالهم أضراره ، وليس حجراً كما في بلادنا العربية والإسلامية حيث كان ذلك في سبيل احتوائه والسيطرة عليه وحماية المواطن الذي هو فيها أغلى ما تملك امتثالاً لتوجيهات الحبيب رسول البشرية سيدنا محمد عليه أفضل السلام والتسليم بعدم خروج أحد من بلد انتشر فيه وباء وعدم الدخول إليه لمن كان خارجه صوناً لسلامتهم ومجتمعاتهم..
فالمخاطر التي تترتب في حال انعدام القدرة على السيطرة على هذا الفايروس الذي يؤرق المجتمع البشري حاضراً ، كثيرة أهمها :
– انهيار الاقتصاد العالمي ودخوله كما ذكرت بعاليه في غرفة الإنعاش نتيجة الركود الاقتصادي المترتب على حجر المجتمع الدولي وطال العمالة المنتجة لحاجات هذا المجتمع من مأكل وملبس ومشرب ووسائل تنقل واتصال.
– تعزيز نمو دول على حساب دول أخرى تتسيد المسرح الدولي ، وهذا قد يفضي لتفجر صراعات عالمية وإقليمية و حروب على حساب خير ورفاهية المجتمعات وأمنها الصحي والغذائي والصناعي بسبب تصاعد الكساد والبطالة والتطرف والعنف ، وقد يكون مستنقعاً لتنامي الإرهاب وتنظيماته المتطرفة في مختلف أرجاء العالم لتوافر الحاضنة له بين مكوناته جراء فقدان الكثيرين لأعمالهم .
أتمنى السلامة للجميع والشكر على كل جهد مبذول في بلدي الأردن وفلسطين والأقطار العربية والإسلامية والعالم بأسره لاحتوائه ، ولكل من يسعى لإيجاد العلاج الناجع الذي ينهي معاناة البشرية من هذا الوباء الخطير والمرعب.