أوروبا والنظام العالمي الجديد

اسعد بني عطا

-يؤكد الكثير من المتابعين بأن ” العالم بصيغته المعتادة منذ نهاية الحرب الباردة دخل طور الانحلال ، لينبثق من تحت رماده واقعٌ دوليٌ جديد ،أكثر توترًا وأقل تعاونًا ، أكثر افتراسًا وأقل توازنًا ” واوضحت ( رئيسة المفوضية الأوروبية ) أن “النظام العالمي ينهار وحل محله اضطراب مدفوع بالتنافس الأمريكي الصيني وطموحات بوتين ، وان الاتحاد الاوروبي بدأ باخذ مكانه في النظام العالمي الجديد من خلال : تعزيز اقتصاده وموقعه العالمي، رصد ( ٨٠٠ ) مليار يورو للقدرات العسكرية ، العمل مع الشركاء بجميع أنحاء العالم لبناء تحالفات جديدة ، مؤكدة عمق العلاقات عبر الأطلسي رغم تعقيدها ، وضرورة التصرف بشكل أكثر استقلالية مع تقليل الاعتماد على واشنطن وبكين لصنع سلاسل توريد متوازنة ومتنوعة ، محذرة من أن لا حد لطموحات بوتين وعلى أوروبا البقاء يقظة ومتحدة في قضايا الدفاع ، ودعم أوكرانيا الحيوي لأمن أوروبا ووقف طموحات بوتين الإمبريالية الجديدة ” .

-لربما كانت هذه الخطوط العامة للاتحاد الأوروبي ، وتم بلورة هذه السياسة بجملة من التحركات ، كان أبرزها :

. رفع مستوى التنسيق مع الدول غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي للمساهمة في تشكيل البنية الأمنية الأوروبية الجديدة ، وبهذا الإطار بدت واضحة التحركات الفرنسية والإيطالية باتجاه تركيا ، حيث عقدت اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ركزت على : تحسين العلاقات الثنائية والعلاقة مع الاتحاد ، تناول مسائل الدفاع والردع في أوروبا في إطار حلف ( الناتو ) ، ثم تعزيز التنسيق والتعاون الاقليمي بملفات : اوكرانيا ، سوريا وغزة .

. زيادة التنسيق بين لندن وباريس بملف الردع النووي بسبب ارتفاع وتيرة قلق الأوروبيين عسكريًا بعدما بدأ ينكشف عجز أنظمة ( باتريوت ) عن مواجهة الصواريخ الروسية الجديدة التي استهدفت كييف .

. تعزيز الجهود الاستخبارية للتحقق من انضمام مقاتلين أجانب بينهم ( ١٥٥ ) مقاتلا صينيا إلى صفوف الجيش الروسي ضد أوكرانيا ، وجر موسكو دولا أخرى للنزاع ، وفي هذا الإطار استهدفت موسكو مدينة ( سومي ) الأوكرانية التي شهدت اجتماعا لقادة عسكريين أوكرانيين مع نظرائهم الغربيين .

. تصدر ملف الهجرة غير الشرعية اهتمامات أوروبا ، حيث عقدت قمة مكافحة الاتجار بالمهاجرين ( ٣/٣١ ) في بريطانيا ، وتم الاتفاق على تعزيز التعاون الدولي ما من شأنه سحق العصابات والتخلص منها ، وتلا المؤتمر عمليات أسفرت عن ضرب شبكات تهريب في اسبانيا ورومانيا .

. ازمة أمن الطاقة التي لحقت بالاتحاد الأوروبي بسبب سياسة ( الرئيس ترامب ) بحسب الأوروبيين ، والدفع بشركات أوروبية للاعلان عن استعدادها لاستئناف التعاون مع شركة ( غازبروم ) .

-بَدْءُ الاتحاد الأوروبي بالبحث عن مكان تحت الشمس في النظام العالمي الجديد يدفع بنا كاردن للاستثمار بهذا التوجه من خلال تطوير علاقاتنا بالاتحاد كاتحاد وعلاقاتنا الثنائية مع دول الاتحاد لا للحصول على الدعم فحسب بل لمحاولة تصدير مواردنا البشرية المدربة التي يحتاج إليها الاتحاد ، وتطوير علاقتنا الإقليمية والدولية بما يغطي العجز بالدعم الأمريكي ، خاصة مع مجلس التعاون الخليجي وتركيا التي باتت اللاعب الإقليمي الأبرز بعد سقوط نظام الاسد ، كما ينبغي إعادة دراسة ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين بالتنسيق مع الحكومة الجديدة .

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى