المهندس علي ابوصعيليك يكتب :يا ليتني كنت الدواء يا يمه

المهندس علي ابوصعيليك-  خلال احد زيارات العمل الانساني الذي ازداد كثيرا جدا منذ بداية حظر التجول نتيجة جائحة الكورونا وفي احد الزقاق كانت تجلس الحاجة أم عطية على عتبة البيت تتأمل الشارع والحركة والتفاصيل اليومية المتشابهه وعندما إقتربنا بدأت بالحديث قالت يا ابني سمعت انهم لقوا علاج للكورونا فكان الجواب ليس بعد يا والدتي وبدون مقدمات وبكل معاني الطيبة وبساطة الانسانية قالت يا ليتني كنت دواء للكورونا يا يمه وربنا يحمي كل الناس، يا للإنسانية التي يحتويها قلبك ونحتاجها يا أم كل البسطاء.

لم تفرق جائحة الكورونا بين فقير وغني ولكنها كانت قاسية جدا على البسطاء فوق القساوة التي كانت موجودة اصلا بل ان شريحة البسطاء تمددت كثيرا وخصوصا بشكل افقي وقد يكون الغالبية من المجتمع من البسطاء ومع ان الدولة اعلنت عن العديد من البرامج والصناديق وطرق العون ولكن حجم المأساة أكبر من تلك الجهود وبكثير فلا تكاد تخلو حارة في أي مدينة من عدد كبير ممن اصبح في وضع صعب ونفسه العزيزة تمنعه من التصريح بذلك، وللأمانة فإن هنالك جهود شعبية جبارة جدا تساند الجهود الحكومية في الدعم هنا وهناك، عل وعسى أن تسبق دمعة طفلة لا تفهم كثيرا ماذا يدور حولها.

والبعد الإنساني هو ما يستحق الوقوف عنده كثيرا في هذه الجائحة وعند العودة للحاجة أم عطية وما قالته من جملة تختصر كل الطيبة (يا ليتني كنت الدواء يا يمه) فالبشرية جمعاء تغولت كثيرا على بعضها البعض وأصبحت الطبقية حقيقة واقعية في كل المجتمعات رغم ان تعاليم الدين والشرائع السماوية من ناحية ولغة الانسانية من ناحية اخرى تقول عكس ذلك وترفض فكرة الطبقية ولكن البشر اوجدوها وظلموا بعضهم البعض ومن المفارقات ان الكثير من الجبابرة أنقلب بهم الحال وأصبحوا يحتاجون مثل الحاجة أم عطية لتدعي لهم دعاء صادقا لا حاجز بينه وبين السماء من ظلم وطبقية!

القلوب الطاهرة النقية التي تدعو في كل صباح ومساء للآخرين بدون حسابات ولا مكاسب ولا بحث عن الشهرة هي القلوب التي تحتاجها البشرية جمعاء بل هي الدواء الحقيقي لإزالة هذه الجائحة التي لازالت تفتك بالبشرية هنا وهناك ومن لم تغيره هذه الجائحة ولم تزرع في قلبه طيبة وحب بدون مقابل فلا يجب عليه ان يكون سعيدا بأمواله وسلطاته وجاهه فالأيام دول وإذا لم يسقطه دعاء انسان بسيط مظلوم فإنه لا محالة سيحتاج يوما ما لقلب يدعو له بالمغفرة.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى