في ذكرى النكبة الفلسطيني بلا هوية وبوحدة الصف وبالتمسك بالثوابت الوطنية وبالقوة يستردها
عبدالحميد الهمشري -القاصي والداني يعلم أن النكبة الفلسطينية بدأت منذ اليوم الأول الذي بنيت فيه أول مستوطنة صهيونية غربي القدس ، تلاها تأسيس مستوطنات حتى شملت بانتشارها مساحة الوطن الفلسطيني ، لغياب التخطيط السليم والواعي والعملي ولغياب القيادة الواعية لإفشال ما حققته الصهيونية ومحتضنوها من إنجليز وفرنسيين وأمريكان من نجاحات في تحقيق الحلم الاستعماري اليهودي على الأرض الفلسطينية الذي تحول بالتخطيط المحكم من وهم إلى حقيقة وبخطوات ثابتة ابتداءً من وعد بلفور فالانتداب البريطاني ولجان دراسة الحال من إنجليزية وأمريكية التي تم السير خلف دولها عل وعسى أن ترأف بالحال الفلسطيني ولو بدولة في غزة وأريحا أولاً ، والتي قادت بعد قيام الدولة اليهودية وتسيدها في المنطقة لوضع أسس تصفية القضية عملياً بمهزلة أطلق عليها صفقة القرن من قبل ترامب وفريقه اليهودي المهيمن على السياسة الأمريكية الشرق أوسطية.
فمنذ وعد بلفور والأمور تسير في مطبخ لندن وواشنطن وباريس وموسكو بتؤدة ونار هادئة إلى أن سلب الحق الفلسطيني في الوطن والهوية والسيادة ليمنحها لليهودي القادم من شتى أنحاء المعمورة في أكبر جريمة إنسانية ترتكب بحق شعب كان يعيش على أرضه وبتواطؤ دولي وتعاجز عربي وهزال سياسي فلسطيني .
ففي عام 1917 صدر وعد بلفور وفي عام 1920 صدر قرار الوصاية على فلسطين لبريطانيا التي فرضت انتدابها عليها لتنفيذ ما جاء في الوعد وفي عام 1947 صدر قرار التقسيم الفصل الأول من المسرحية العالمية للنكبة الفلسطينية وفي عام 1948 أعلن قيام دولة الاحتلال اليهودي فاشتعلت نيران الحرب التي ارتكبت خلالها العصابات الصهيونية المدججة بأحدث الأسلحة الفتاكة المقدمة لها من قبل بريطانيا الباغية أكثر من 50 مذبحة موثقة ضد الفلسطينين وطهرت عرقياً ودمرت بالكامل نحو 531 قرية ومدينة فلسطينية واستشهد ما يربو عن الـ خمسة عشر ألف فلسطيني وشرد نحو سبعمائة وتمانين ألفاً ، حيث لم يتبق فيها من سكانها الأصليين كلاجئين في وطنهم سوى مائة وخمسون ألفاً حيث أقيمت دولة يهودية على %78 من مجمل مساحة فلسطين التاريخية، وفي عام 1967 بعد حرب خاطفة أطلق عليها صهيونياً حرب الأيام الستة وعربياً النكسة ، احتلت الدولة العبرية الـ 22% المتبقية من الأرض الفلسطينية ، أعقبتها الاعتراف بالدولة الصهيونية وتبادل التمثيل الدبلوماسي مع دولة عربية ، واجتياح بيروت ، فالانتفاضة الفلسطينية الأولى فمفاوضات سرية فلسطينية يهودية قادت لانفاق أوسلو الذي أسس على قواعد استعمارية جديدة لخلق حالة اعتماد فلسطينية كاملة على الدولة العبرية ، حيث وجد الفلسطينيون أنفسهم تحت رحمة القادة الصهاينة الذين استغلوا الاعتراف الفلسطيني بالسير في خطى التطبيع السياسي والثقافي والرياضي والشعبوي في الكثير من الأقطار العربية والإسلامية والتي أصبح مغردون عرب يطلقون جهاراً نهاراً بأحقية اليهود في فلسطين وبعدم الاكتراث بالمسجد الأقصى .
وهكذا وجد الفلسطينيون أنفسهم بعد 72 سنة من النكبة بلا وطن وبلا هوية وبلا سيادة على ثرى وطنهم الذي بذلوا في سبيله الكثير من التضحيات فأصبحوا عالقين تحت رحمة الأقدار والمصير المجهول الذي يلقي في قارعة الطريق إذا ما استمر الحال على ما هو عليه .
وللعودة بالقضية إلى دربها المأمول ، لا بد من ترتيب البيت الفلسطيني بقيادة واعية ومدركة أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بوحدة الصف والتمسك بالثوابت الوطنية وبالقوة فلا يفل الحديد إلا الحديد وبسيل بشري جارف يعيد الحقوق ويحرر الوطن السليب.