صنــــدوق النقد العربي يصــــدر العدد الثالث عشر من سلسلة “موجز سياسات” حول ” تداعيات أزمة فيروس كورونا المُستجد على قطاع الطيران في الدول العربية وسياسات دعم التعافي”
المنظمة الدولية للطيران المدني تتوقع تراجع أعداد المسافرين جواً بنحو 1.5 مليار مسافر، وفقدان عائدات بقيمة 273 مليار دولار وفق الفرضية المتشائمة لأثر فيروس كورونا على قطاع الطيران العالمي
شركات الطيران العربية تواجه تحديات اقتصادية تستلزم دعماً حكومياً
رحلة تعافي قطاع الطيران سوف تكون طويلة في ظل الإحجام المتوقع عن السفر، والارتفاع المتوقع في كلفة الطيران، والترسخ التدريجي لثقافة العمل والتدريب عن بعد
تشجيع إعادة الهيكلة والاندماج، وترشيد النفقات، واغتنام فرص التحول الرقمي، تعتبر سياسات ضرورية لدعم تعافي قطاع الطيران العربي في المدى المتوسط
في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أصدر صندوق النقد العربي العدد الثالث عشر من سلسلة موجز سياسات حول “تداعيات فيروس كورونا المُستجد على قطاع الطيران في الدول العربية وسياسات دعم التعافي”. أشار الموجز إلى أن ناتج قطاع الطيران العالمي يبلغ نحو 2.7 تريليون دولار، بما يوازي نحو 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كما يساهم القطاع في توفير 65.5 مليون وظيفة حول العالم سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة. من جانب آخر، يدعم قطاع الطيران حركة التجارة الدولية، حيث ينقل بضائع تقدر قيمتها بنحو 6.0 تريليون دولار سنوياً.
بدوره يوفر النقل الجوي في منطقة الشرق الأوسط التي تضم الدول العربية نحو 2.4 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة، تمثل نحو 3.3 بالمائة من إجمالي العمالة بالمنطقة. إضافة إلى ذلك فإن صناعة الطيران بالمنطقة تساهم بما قيمته حوالي 130 مليار دولار في النشاط الاقتصادي تعادل نحو 4.4 بالمائة من إجمالي الناتج الإجمالي للمنطقة.
تأثر قطاع الطيران بشكل كبير بأزمة فيروس كوفيد-19 في ظل الانتشار السريع للوباء، وإعلان حالة الطوارئ في العديد من الدول لمواجهته، وفرض حالات الإغلاق الكلي أو الجزئي في معظم دول العالم، وهو ما أجبر شركات الطيران حول العالم على تعليق أو خفض عدد رحلات الطيران بشكل ملحوظ، لاسيما فيما يتعلق برحلات نقل الركاب وهو ما ينذر بإفلاس 85 في المائة من شركات الطيران، ما لم تحصل على دعم حكومي طارئ. في هذا الإطار، توضح تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي حاجة شركات الطيران العالمية لمساعدات مباشرة بقيمة تتخطى 200 مليار دولار لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المُستجد.
أوضح الموجز أن توقعات المنظمة الدولية للطيران المدني تشير إلى تراجع حركة النقل الجوي بنحو 72 في المائة في عام 2020، وانخفاض أعداد الركاب المنقولين جواً بنحو 1540 مليون راكباً، وعائدات الطيران بنحو 273 مليار دولار أمريكي وفق فرضية متشائمة للانعكاسات الاقتصادية للفيروس.
على مستوى الدول العربية، من المتوقع انخفاض أعداد المسافرين إلى تسع دول عربية تلعب بها قطاعات الطيران دوراً بارزاً بنحو 114 مليون مسافر عام 2020، يشكل من بينها الانخفاض المتوقع في أعداد المسافرين في ثلاث دول منها بما يشمل، الإمارات، والسعودية، ومصر نحو 70 في المائة من إجمالي الانخفاض المتوقع في أعداد المسافرين على مستوى الدول العربية. كما يتوقع أن يؤدي انتشار الفيروس إلى انخفاض متوقع في أعداد الوظائف بقطاع الطيران في هذه الدول بنحو مليون وظيفة، وتراجع في إيرادات القطاع بنحو 23 مليار دولار، وانخفاض مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 60 مليار دولار عام 2020.
فيما يتعلق بمستقبل قطاع الطيران، فمن المتوقع أن يشهد تحديات عميقة على الصعيد الدولي والإقليمي حتى بعد أعقاب انتهاء أزمة كورونا لاسيما فيما يتعلق بالنقل الجوي للركاب في ظل العديد من التبعات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس وكذلك التحولات غير المسبوقة التي من المتوقع أن يشهدها القطاع وذلك في ضوء إحجام المسافرين عن السفر لفترة لا تقل عن عام على الأقل، وانخفاض الطلب على الطيران في ظل ترسخ “ثقافة العمل والتدريب عن بعد”. علاوة على التحديات المرتبطة بالتحولات الرقمية سواءً فيما يتعلق بأتمتة الحجوزات، وإنهاء عمليات صعود المسافرين على الطائرات إلكترونياً، وتنفيذ أعمال المناولة الخاصة بالحقائب والبضائع من خلال الروبوتات، والشحن الجوي لبعض السلع من خلال الطائرات بدون طيار (Drones)، وهو ما سينعكس سلباً على نماذج الأعمال التقليدية لشركات الطيران.
بناءً عليه، أشار الموجز إلى أن رحلة تعافي قطاع الطيران العربي من تداعيات أزمة فيروس كورونا المُستجد على الأرجح سوف تكون صعبة وقد تحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل. في هذا الإطار، من الأهمية أن تركز سياسات دعم تعافي القطاع في المدى المتوسط في الدول العربية على ضمان توفير الائتمان اللازم ودعم سيولة شركات الطيران، وتخفيف الأعباء المالية على شركات الطيران سواءً من خلال تأجيل تسديد الضرائب أو أقساط القروض، وتحفيز عمليات إعادة الهيكلة وترشيد النفقات والاندماج، وتشجيع الطيران الاقتصادي والداخلي، واغتنام الفرص التي تتيحها التحولات الرقمية.