سهير جرادات تكتب : عذرا يا “حورية العيد”
سهير جرادات- عذرا يا “حورية العيد” .. فقد رحلت في زمن ماتت فيه الاخلاق ، وانقلبت الموازين ، فقد اختلفت معايير الظلم ، وغابت الحقوق ، وأصبح اصحاب السلطة دائما على حق والمواطن حتى لو كان مكلوما فهو محقوق ، ووصلنا إلى زمن غابت عنه الحقائق..
أتدرين يا “حورية العيد ” فقد خرجت نتيجة التحقيق بأن الحق عليكِ !! ..نعم يا صغيرتنا أنت محقوقه : كيف سمحت لنفسك بأن تسلمي روحك في يوم حظر شامل !! وأنت تعلمين أن الحكومة فرضت على البلد حالة حظر لمدة ثلاثة أيام !! .. كيف سمحت لنفسك أن تربكي الأجهزة الأمنية ، كيف طاوعك قلبك يا ابنة الثمانية أشهر ان تحرجي الحكومة ، وتعري قراراتها غير المدروسة ؟؟!! ..
دعيني اخبرك يا “حورية العيد” ماذا حدث لوالدك لحظة رحيلك ، بعد أن كانت الدقائق تمر كالساعات وهو ينتظر وصول سيارة الإسعاف لتسعفك وتنقذ حياتك ، لقد فقد صوابه ، واختل توازنه واطلق العنان للسانه ليعبر عن مدى حزنه على فراقك ، ومقدار قهره وعجزه عن حمايتك يا فلذة كبده .. وانتابته مشاعر صدمة الفراق ، التي لا يقبلها العقل ، و تملكه الحزن والإنكار ، وأصابه التشويش وفقدان السيطرة على مشاعره، لانه لم يحتمل صدمة الموت التي خطفتك .
دعيني أخبرك يا ” حورية العيد ” بما أنك ولدت في زمن ماتت فيه أخلاق الكبار ، كيف يتصرف الكبار .. حيث وصل إلى مسامع الراحل الحسين الملك الإنسان أن والدة احد المتهمين باغتيال رئيس الوزراء هزاع المجالي قد فقدت صوابها عند تنفيذ حكم الإعدام بوحيدها ، وأصابتها حالة هستيرية، وهي ترى نعش ولدها بعد تنفيذ حكم الإعدام ، وأخذت تدعو على كل من ظلم ابنها، الذي حكم ظلما من صغيرهم إلى كبيرهم حتى وصلت إلى الملك الراحل ، وعلى اثرها قام رئيس البلدية بحبس هذه الأم الثكلى ، إلا أنه تناهى إلى مسامع الراحل الحسين؛ فأمر بإخراجها وإيصالها بنفسه إلى منزلها ، والاعتذار لها على توقيفها ،كما ذكر في كتابة مهنتي كملك .. أتدري لماذا فعل هذا ؟! لأنه كبير..
وبما أن الرواية أعجبتك وارتسمت ابتسامة جميلة على وجهك الملائكي يا “حورية العيد ” ،دعيني أروي لك رواية عن الكبار في زمن الكبار ،وكيف تكون الأخلاق ؟!..عندما حظر أحد المواطنين لرئيس الوزراء ” الأيقونة الوطنية والقومية ” وصفي التل ، فأخبروه أن ابنه مسجون لانه سب على( ابو وصفي) ، عندها قال شهيد الأمة : “يلعن ابو وصفي الذي يسجن الناس بسببه” ،وأمر بإطلاق سراحه .
أرأيت يا “حورية العيد ” كيف يكون الكبار في زمن الكبار ،لا أستطيع ان أقول لك إلا أن من اطلق عليك اسم حورية لم يخطئ لان مكانك الجنة مع الحوريات ، وليس على الأرض التي أصبحت تتسع للشر وتضيق على الخير ..
هل أدركت الحكومة ماذا فعلت ؟ إن خسارتنا ليس برحيلك لتكوني ملاكا في الجنة ، إنما خسارتنا لوالديك وإخوانك وعشيرتك بعد أن امتلأت صدورهم بالغضب والقهر والحنق ، بعد أن تملكهم الشعور بالضعف والعجز والانكسار والهزيمة ..
وما لنا إلا أن ندعو لوالديك يا “حورية العيد” بأن يجيرهم في مصيبتهم ، وأن يخلفهما خيرا.