م . علي ابو صعيليك يكتب مقتل جورج فلويد والعنصرية ضد الفلسطيين والأيغور !
م.علي فريح ابوصعيليك- في البداية لابد من التأكيد على أن العنصرية هي سلوك بغيض مرفوض بكافة أشكاله سواء قبل السوشيال ميديا أو بعدها وقد ساهمت وجود السوشيال ميديا في الكشف عن الأقنعة الزائفة للعديد من البشر سواء في مواقع السلطة أو مواطنين وخصوصا في العالم الغربي حيث الممارسات العنصرية هي ثقافة أصيلة عند بعض الأفراد حتى وصل الحال لوصول شخصية عنصرية مثل الرئيس الأمريكي ترامب لمنصب رئاسة أكبر دولة في العالم ويعلم من إنتخبة مسبقا أنه عنصري في مواضيع النساء وأيضا فيما يتعلق بالبشر ذوي البشرة الملونة ورغم ذلك إنتخبوه.
ولكن ومع مقتل الأمريكي جورج فلويد وخروج المظاهرات وأعمال العنف وحتى النهب في العديد من الولايات المتحدة فقد كان من الملفت للنظر حجم التناقضات التي يمارسها الكثيرين فمن المؤكد أن العديد ممن شارك ولازال في المظاهرات هو ممن إنتخب العنصري ترامب كرئيس دولة وأتحدث عن عنصرية أعترف بنفسه بها فيما يتعلق بالنساء ولون البشرة ولكن ومع الأخذ بعين الإعتبار أن جريمة قتل جورج فلويد قد لا تكون وفق دوافع عنصرية وقد تكون كذلك إلا أن ردة الفعل كانت من منطلق نبذ العنصرية ضد السود وهو السلوك المتجذر في الثقافة الأمريكية ولكن يجب أن نؤكد على أن هذه الثقافة تتعارض مع القانون فالقانون الأمريكي في أعلى درجات الديمقراطية وحماية حقوق الفرد الأمريكي ولكن السلوك العنصري هي سلوك في عقل الفرد وتبرز إلى واجهة الأحداث كثيرا قضايا العنصرية ضد السود وخصوصا في الولايات المتحدة وأيضا في ملاعب كرة القدم في أوروبا بشكل عام وفي إيطاليا تحديدا وتم معاقبة جماهير عدة أندية إيطالية وإسبانية وألمانية وغيرها بسبب عنصريتها ضد لاعبين من البشرة السوداء وأبرزهم اللاعب ماريو بالوتيلي ذي الأصول الغانيه ولذلك يجب التفريق بين طبيعة القوانين التي تحمي الأفراد في العالم الغربي وبين سلوك الفرد العنصري.
ولكن ردة الفعل العالمية سواء إعلاميا أو رسميا أو شعبيا بخصوص العنصرية في قتل جورج فلويد تفتح من جديد الصفحات المتناقضة في الإعلام الغربي وأيضا عند المواطنين في العالم الغربي وفي المجتمع الأمريكي وهؤلاء بلادهم التي يدفعون لها الضرائب هي الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني الذي إحتل أرض فلسطين وشرد جزء كبير جدا من شعبها وسلب أرضه ويمارس منذ بداية إحتلال فلسطين ولغاية الأن العنصرية بأبشع أشكالها ضد المواطن الفلسطيني مثل القتل المباشر بدون مبرر وأخر مثال هو قتل الشاب الفلسطيني إياد الحلاق الذي يعاني من مرض التوحد وهو لا يحمل سلاح، وأيضا العنصرية في سلب الأرض من أصحابها وتشريدهم وبعد ذلك بناء مستوطنات عليها وجلب يهود من دول أخرى وبدون وجه تمليكهم حق ملكية أرض لا يمتلكوها.
ولكي تتوفر العدالة في الحديث فإن العنصرية هي سلوك بغيض يمارسها العديد من البشر سواء بشكل فردي أو بشكل جماعي فهنالك عنصرية عرقية بناء على لون البشر وتشتهر كثيرا في العالم الغربي وهناك عنصرية يمارسها البعض ضد النساء ويتم اضطهادهن في مواقف عديدة أبزها أماكن العمل وهنالك عنصرية دينية يمارسها البعض ضد الأخر سواء أفراد أو جماعات وقد تعرض العديد من المسلمين على سبيل المثال للعديد من الممارسات العنصرية في العالم الغربي وأحد أبرز الأمثلة القريبة هي قيام الأسترالي بريندون تارنت بقتل أكثر من 49 مسلم وهم يصلون في مسجد في نيوزيلندا من منطلق عنصري بحت وما رافق ذلك من تأييد له في السوشيال ميديا ووصفه بالبطل في مشاهد تكشف عن الوجه البشري البغيض للعنصرية التي نرفضها في كل أشكالها وأيضا نرفضها إذا ما مارسها مسلم بحق مسيحي أو غيره من الديانات، ولازال ملف العنصرية الصينية ضد المسلمين الإيغور مفتوحا أمام الجميع ولا يحرك الإعلام الغربي ساكنا تجاهه من أجل المحافظة على المصالح المالية مع الشركات الصينية، ونتساءل هنا: هل قتل الأمريكي جورج فلويد أهم من دماء وأعراض مسلمي الإيغور مثلا أو أهم من قتل الفلسطينيين يوميا؟ الجواب طبعا لا، فالعنصرية واحده كيفما كانت وممن صدرت.
يتعرض العديد من البشر يوميا لممارسات عنصرية وحتى هنا في بلاد العرب يوجد أشكال عديدة للعنصرية تمارس هنا وهناك، والعديد من القصص لا تقل أهمية عن مقتل فلويد والكثير منها لا تأخذ بعدا إعلاميا لعوامل عديدة قد يكون الخوف والثقافة المحلية مثل ثقافة العيب خصوصا في قضايا النساء أبرز أسبابها، وحتى السوشيال ميديا نفسها تمارس العنصرية ومنها مؤخرا ما تقوم به ضد الفلسطينيين ولصالح الكيان الصهويني، والعدالة تتطلب أن يتم نبذ العنصرية وبكل أشكالها ومضامينها من الجميع فقضايا العنصرية واحدة هنا وهناك ولكن في أمريكا تحرك الكثيرين من أجل فلويد ولم يتحركوا من أجل إياد الحلاق ولا من أجل الإيغور ولذلك سيبقى ملف العنصرية مفتوحا لزمن بعيد وتضامن البشر مع بعضهم سيبقى موضع شك طالما أن المصالح هي التي تطغى حتى على القضايا الإنسانية. وتبقى القاعدة السليمة في نبذ العنصرية تبك التي رسمها رسول الله صل الله عليه وسلم في حديثة «لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى»