سهير جرادات تكتب: وتكسرت إنسانيتكم على أبواب ذوي الإعاقة
سهير جرادات- عن أي إنسانية تتحدثون ؟.. عندما سعت الحكومة ليكون الأردن من أوائل الدول في مكافحة انتشار فيروس “كورونا” ، المسبب لمرض “كوفيد-19″، وفي الوقت ذاته فشلت في حماية الأشخاص ذوي الإعاقة من التهميش والتمييز والتراجع صحيا وسلوكيا ، ليتبين أن اهتمامها بهذه الفئة العزيزة على قلوبنا ليس حماية لحقوقهم وصون كرامتهم ، وضمان تمتعهم بالمساواة في حق الرعاية الصحة والإدماج الاجتماعي والتعليم ، إنما اهتمامها لا يتعدى توقيع الاتفاقيات الدولية لاحتلال مركز متقدم بين الدول في هذا المجال، والاستفادة من التمويل ، والأهم من ذلك التقاط الصور التذكارية.
عن أي إنسانية تتحدثون ؟.. فعندما فكرتم في حماية ذوي الإعاقة في بيئة أمنة مع ذويهم وأغلقتم مراكز التربية الخاصة النهارية، دون تنسيق أو مشاورة مع أصحابهاحول آليات حماية هؤلاء المعوقين وحقوقهم ، ومدى تأثير انقطاع الخدمات على سلوكهم وصحتهم وتأخرهم تعليميا ، وكأن رعايتهم تنحصر في تلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية من تقديم وجبات الطعام والنظافة ، وحتى إنكم لم تتقدموا بأي مساندة لأهاليهم خلال الأزمة ، ولم تعيروا اهتماما لمدى تأثير سياسة الحجر الصحي والاجتماعي في هذه الفئة نفسيا واجتماعيا ، و أغمضتم أعينكم عن ذوي الاعاقة وحقهم في التعليم ؛ عندما أصررتم على أن لا تحرموا الطلبة الأسوياء من التعليم، ووفرتم لهم التعليم عن بعد .
عن أي إنسانية تتحدثون ؟.. بعد أن أفقدت قراراتكم المتخبطة خلال الجائحة ذوي الإعاقة حقوقهم ، فتحولت مراكز التربية الخاصة إلى كرة يتم تقاذفها بين وزارة التنمية الاجتماعية التي تتنصل عن مسؤوليتها ، وتلقي بهم على وزارة التربية والتعليم، وبعد أن فشلت هذه المراكز في الوصول إلى وزيري صحتنا وإعلامنا للاستفسار عن كيفية تقديم الخدمات لهذه الفئة خلال الجائحة ، وهل هم يصنفون ضمن مدرسة أو حضانة أوناد رياضي أو مراكز إعاقة ؟ ليلجأوا إلى المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي ما زال ينتظر ردا من الحكومة !!..
عن أي إنسانية تتحدثون ؟.. عندما أغفلتم إنشاء منصة لضمان عدم حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من المعلومات التي تنقذ حياتهم ، أو تعرض مشاكلهم ، أو لمساعدتهم على ان تكون لهم الاولوية ، أو لطلب الحصول على التصاريح ، أو إنشاء صفحات أو موقع متخصص يوجه للأهل التعليمات والمعلومات وكيفية ايصالها لابنائهممن ذوي الاعاقة ، أو عرض نشرات مصورة بلغة الاشارة للتصريحات الحكومية ، وتخصيص أرقام هواتف خاصة لهذه الفئة ، وتوفير المعلومات والإرشادات لهم ولاهاليهم.
عن أي إنسانية تتحدثون ؟.. بعد أن حرمتم هذه الفئة من التصاريح التي منحت لاشخاص لا يستحقونها ولا يحتاجونها .. وكم حاول الأهالي الاتصال مع إدارة الأزمات عبر الأرقام والمنصات الإلكترونية للحصول على تصريح يُمكن الاطفال من الخروج من العزل ، بعد أن اعتادوا الروتين والخروج اليومي، وعندما يتغير روتينهم يصابون بالضجر ويُصدرون أصواتا لا تتوقف ، ويقومون بحركات لا ارادية ، إلا أن الهواتف لا تجيب، وإذا اسعفهم الحظ تكون الإجابة : نحن نصدر التصريحات بناء على قرارات الحكومة!!..
عن أي إنسانية تتحدثون؟ .. وأنتم تسمعون هذه القصص التي تدمي القلب لمعاناة هذه الفئة وذويهم خلال الجائحة .. حيث اضطرت إحدى الامهات إلى اصطحاب صغيرتها التي تعاني التوحد، وعندما اوقفتها نقطة تفتيش قالت لهم ” أنا في طريقي لتسليم نفسي ، ماذا أفعل ..لقد استسلمت لرغبة صغيرتي، بعد أن انتابتها حالة من الصراخ لمدة ساعتين “، وفي محاولة لثنيها عن التهام الطعام الذي يترافق مع اضطراب فقدان الروتين اليومي ، وبعدها طلبت من الأمن أن يُفهم صغيرتها ، نظام الفردي والزوجي ،ويشرح لها كيف تخرج يوما وتبقى في اليوم التالي في البيت؟!!.. عندها قال لها توكلي على الله ، فيما اب آخر عندما أوقفته إحدى الدوريات في أيام الحظر الشامل، أشار إلى ابنه في الكرسي الخلفي وهو يقوم بحركات لا ارادية ، فاشار إليه بالاستمرار وقال له: الله يكون بعونك ، بعد أن تجاوز الأب بضعة أمتار استسلم لحالة من البكاء .
عن أي إنسانية تتحدثون ؟. وأنتم تشاهدون القصص والفيديوهات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص ليس لهم أي عمل ، وحصلوا على تصاريح ليطبق أحدهم المثل القائل: الفطور في محافظة والغداء في محافظة ثانية، والنوم في محافظة ثالثة .. نعم هناك من استغلوا تصاريحهم في الترفيه عن أولادهم وعائلاتهم ، وتوصيل أبنائهم لتناول الطعام في منزل الاصدقاء ، واحضار أصدقائهم للنوم عندهم ، وتصوير عمان وشوارعها وهم برفقة الاصدقاء .
عن أي إنسانية تتحدثون؟ .. وأنتم لم تكلفوا خاطركم في الجلوس مع المؤسسات التي تَرعى هذه الفئة لسماع طروحاتهم في منحهم التصاريح ليتمكنوا من أداء واجبهم تجاه هؤلاء الأشخاص المعوقين ، حالهم حال الكوادر الطبية لمراجعة ذوي الاعاقة في المنازل ، وذلك للحد من التأثير فيهم بعد أن تراجعت أحوالهم بما يعادل خمس سنوات على أقل تعديل ، مما يتطلب إعادة تأهيل سلوكهم إلى ما كانوا عليه قبل عام كامل ، أو الاستماع لاقتراحاتهم في كيفية إعادة فتح المراكز لتباشرعملهابالتعليم الفردي وعلى أساس التباعد الاجتماعي .
عن أي إنسانية تتحدثون ؟..عندما تُعدون تقريركم الحكومي للإجابة عن ملاحظات منظمة ” هيومن رايتسووتش ” حول اغفالكم وتجاهلكم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال فترة الجائحة ، حيث لم تتم الإشارة لهم إلا مرة واحدة في شهر ايار الماضي ، عندما تنبهت وزارة الصحة لذوي الاعاقة ووضعت بالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة معايير وإجراءات في أثناء القيام بإجراء فحص الكورونا لشخص من ذوي الإعاقة ، وآليات التعامل معهم في حال الاشتباه أو ثبوت الإصابة!! .
هذه الصرخة نوجهها لسمو الأمير مرعد بن رعد رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، وللحكومة ورئيسها ووزراء :الصحة ، والاعلام ، والتنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم ، لمناقشة حق هذه الفئة في الرعاية الصحة والإدماج الاجتماعي، والتعليم في الازمات، كما هو حقهم في جميع الاوقات .
هذا المقال اكتبه لعيون الأحباء ” كمال .. هبة .. آية..راني .. ووووو” ، وجميع رفقائهم من ذوي الإعاقة ، وأقدم لكم اعتذارنا نحن أبناء المجتمع الاردني على نكران حكومتنا لكم ولحقوقكم ..
ونوجه سؤالا إلى وزير الصحة ووزير اعلامنا صاحب خاتمة : أنّ يحمي الله الإنسانية جمعاء .. هل هناك نية لديكم لاتخاذ قرار بعودة مراكز التربية الخاصة إلى العمل ضمن الشروط التي تراعي التباعد الاجتماعي ، واجراءات الوقاية الصحية ؟؟!!..