يسرا ابوعنيز تكتب: جثث متفحمة

يسرا ابوعنيز – لم تكن تعلم عائلة الأطفال، والذين تفحمت جثثهم صباح امس السبت، وذلك بعد أن اشتعلت النيران في ست خيم على طريق المطار في المملكة، لم تكن تعلم أن الموت سيلحق هؤلاء الأطفال حتى وإن هربوا من شر الحروب في بلدهم.

ولم تكن تعلم هذه العائلة السورية، والتي هربت من بلادها خوفا على أطفالها من الموت، كغيرها من الآلاف من الأشقاء السوريين، الذين تركوا بلادهم مجبرين بسبب شر الحروب الدائر رحاها منذ أكثر من عشر سنوات، لم يكونوا يعلموا بأن القدر ينتظرهم هنا، ليفقدوا فلذات أكبادهم بهذه الطريقة البشعة.

ولم تكن تعلم هذه العائلة السورية أيضا،ولا هذه الأم المكلومة بأنها ستفقد فلذات أكبادها بهذه الطريقة البشعة، حتى أنهم لقوا حتفهم حرقا حد التفحم، ليحترق قلبها بعيده عن بلدها،وأهلها،قبل أن يحترق أطفالها ويغيبوا عن عينها مدى الحياة.

ولم تكن تعلم هذه الأم، ولعلها تناست أيضا بأن الموت قد يفجعها بشخص عزيز، لكنها حتما لم تكن تدرك بأن هؤلاء الأطفال قد يكونوا هم الضحايا لأي حادث قد يقع، غير أنها لم يكن يدور بخلدها أن يلاقوا حتفهم بهذه الطريقة البشعة،ولكنه القدر الذي تربص بهم وها هم يغيبوا عن عينها الى الأبد.

هؤلاء الأطفال، والذين قضوا نحبهم في هذا الحريق، والذي شب في تلك الخيم، والتي تعود لعدد من العائلات السورية من اللاجئين في الأردن ، وذهب ضحيته هؤلاء الأطفال الأبرياء، أدمى قلوب ابناء الأردن، كما أدمى قلوب الأمهات الأردنيات،كشقيقاتهن السوريات، وذلك بعد أن تفحمت جثث أربعة من الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أن الحروب قد شردتهم.

كما أن هذا الحريق، والذي أودى بحياة هؤلاء الأطفال،جعل هذا الصباح ليوم أمس السبت، صباح أسود، ومختلف ولا يشبه أي صباح في الأردن، بل إنه صباح حزين، وذلك بعد هذه الفاجعة المؤلمة، والتي لحقت بهذه الأسر المكلومة من الأخوة السوريين في الأردن، بعد هذا الحريق الذي طال البشر قبل الخيم.

عزاؤنا لأنفسنا نحن الأمهات في الأردن، بهذه المصيبة، وفي هذه الفاجعة المؤلمة، قبل الأمهات السوريات في هؤلاء الأطفال، لأن الوجع واحد، والألم مشترك، خاصة أن تلك الأمهات فقدن الأمن، والأمان على أسرهن فهربن من الأوطان بحثا عنه في أماكن أخرى في هذا العالم.

وعزاؤنا أيضا لكل الأمهات،والأسر التي فقدت الأبناء بهذه الطريقة البشعة، او بتلك الحروب، التي تدور في كافة مناطق العالم، والتي أكلت الأخضر واليابس، وتركت خلفها الدمار الشامل للبشريةالتي نجت منها، وحصدت معها ارواح الملايين من البشر، كما شردت الملايين منهم.

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى