ما بين ثورتي العشرين وتشرين قاسم مشترك .. الحرية للعراق ورحيل إيران والقوات الأجنبية وذيولهما عن ربوعه
عبدالحميد الهمشري- نضالات الشعب العراقي من ثورة العشرين حيث كان يئن تحت وطأة الاحتلال الانجليزي المباشر وأعوانه والقمع والفقر الشديد ، وحتى انتفاضة تشرين الأول السلمية حيث يئن كذلك تحت وطأة الاحتلال الفارسي الأنجلو أمريكي ومن الفقر الشديد ، جراء بعثرة خيراته بين المحتل الفارسي الأنجلو أمريكي وذيول المحاصصة الطائفية المشاركين في العملية السياسية التي وضع خطوطها العريضة المحتلون لتدمير العراق والعودة به لما وراء التاريخ ، هذه النضالات يجمعهما قاسم مشترك واحد وهو الحرية للعراق والمطالبة بخروج المحتل عن أرضه ، في أكبر وأعظم تلاحم شعبي ، حيث أدى رجال الدين وشيوخ العشائر في الثورة الأولى دوراً مشرفاً وتحملوا التضحيات ووقفوا صفاً واحداً من عربٍ وكرد يتسابقون لصون الكرامة العراقية ولدحر الغزاة المحتلين، وكانت النتيجة اعلان الدولة العراقية في حزيران عام 1921والتي تعزز استقلالها في ثورة البعث في العام 1968 التي نهضت بالعراق وجعلت منه قوة إقليمية وبوابة الوطن العربي الشرقية الذائدة عن حياضه ضد الأطماع الفارسية والصهيو غربية ، وسار منتفضو ومفجرو ثورة تشرين أول من العام 2018 على نهج أجدادهم الذين فجروا ثورة العشرين ضد المحتل البريطاني وأعوانه ، حيث فجروا انتفاضتهم السلمية الباسلة لتخليص العراق من التبعية لإيران ومن الاحتلال الأنجلو أمريكي وذيولهم ، وإن حقق السلف بثورتهم استقلال العراق فإن الخلف حتماً سيعيدون الكرة مرة أخرى بتحقيق استقلاله ووحدته الوطنية وجلاء الأجنبي عن ثرى الوطن العراقي الطاهر وليكون دولة إقليمية مؤثرة وفاعلة في مجريات الأحداث والأمن لصالح العراق والشعب العربي عامة.
** أطماع فارسية حاقدة ..
وللعودة إلى الماضي فإن العراق الذي نهض في ظلال البعث وجعل منه قوة إقليمية وبوابة الوطن العربي الشرقية الذائدة عن حياضه ضد أطماع الدولة الفارسية في الخليج العربي.. لكن الأطماع الفارسية الغربية ما انفكت أطماعها في العراق على وجه الخصوص والوطن العربي على وجه العموم خاصة أطماع الفرس الذين ومنذ سقوط دولة الأكاسرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وهم يتحينون الفرص للانقضاض على الدولة العربية فحاولوا الانقضاض على دولة الخلافة العباسية لكن الخلفاء العباسيين كانوا لتلك الأطماع بالمرصاد فتآمروا عليها من خلال العلقمي لصالح هولاكو المغولي ، وظلوا كذلك حتى استأصل العرب شأفتهم والمغول في معركة عين جالوت فارتد المغول ليشكلوا الهلخانيات في بلاد فارس والهند .. وتحسن الحال العربي بإيران في عهد نظام الملك الذي كانت فيه اللغة العربية تشكل نسبة كبيرة من اللغة الفارسية المستخدمة فظهرت البهائية والاسماعيلية التي قصمت ظهره فقتلوه غيلة ، ظهر بعدها الصفويون في عهد الخلافة العثمانية حيث فرضوا التشيع في أرجاء الأراضي الفارسية وتآمروا مع روسيا القيصرية ضد الأتراك العثمانيين في حرب شبه جزيرة القرم وكانوا عوناً لفيينا / النمسا ضد حصار السلطان سليمان القانوني العثماني بتقديم العون لها من خلال روسيا القيصرية حتى أنهت الدولة العثمانية في نهاية المطاف تلك الدولة الصفوية المارقة التي كانت تعيث فساداً في العراق خاصة في بغداد الرشيد.. وتجددت الأطماع الفارسية في عهد الشاهنشاهية فمما أوصى به شاه إيران محمد رضا بهلوي ولي عهده أنه قد ثبَّتُ فرسنة السواحل الشرقية للخليج ، والمطلوب منه أن يكمل فرسنة سواحله الغربية .. وجاءت ثورة الخميني لتعمل على ذلك برفعها شعار تصدير الثورة في دول الجوار ، لتشكيل الهلال الشيعي بالكرة الثلجية المتدحرجة من البصرة للموصل فدمشق وحتى جنوب لبنان ومن سواحل الخليج العربي فمضيق هرمز حتى اليمن ولهذا هب العراق لقمع تلك الأطماع وكاد أن يحولها سراباً بعد أن انتصر على إيران الخمينية في حرب القادسية الثانية التي استمرت زهاء ثماني سنوات ، لولا التآمر الغربي بقيادة واشنطن وحلفائها في المنطقة التي كادت لنظام الحكم في العراق العروبي الوطني وحشدت الجيوش لاحتلاله وكانت الثمرة احتلاله وتسليمه لعملائها وسدنة إيران الذين عاثوا به فساداً وإفساداً وتقاسموا ثرواته ما بينهم وبين أمريكا وإيران والدولة العبرية التي تتحكم في الشأن العراقي منذ العام 2003 ، ما أدى لانزلاق الدولة العراقية في محاصصة طائفية تخدم الذيول الذين انتهجوا أجندات الفرس والأمريكان في تمزيق النسيج العراقي بحروب طائفية مخطط لها تفضي لتقسيم العراق ما بين كرد وفرس وتنظيم داعش الإرهابي الذي هو صنيعة إيرانية أمريكية صهيونية تعمل لصالح تحقيق مآرب إيران ومن ثم الدولة العبرية لتمتد حدودها من شمال العراق حتى البحر المتوسط عبر سوريا ولبنان .
** وقفة عز شجاعة قلبت السحر على الساحر :
اليوم يقف الشعب العراقي في غالبيته يتقدمهم الشباب من كلا الجنسين ، وقفة عز شجاعة قلبت السحر على الساحر في انتفاضة ثورية تاريخية مجيدة، لتغيير النهج التدميري للدولة العراقية وتقويم الممارسات المعوجة التي انتهجتها قوى التخلف والفساد والإفساد العابثة في الشأن العراقي ، لاعتماد دولة المواطنة اتي تسود فيها المساواة والعدالة الاجتماعية لا دولة المحاصصات الطائفية التي تعتمد النهج التقسيمي الطائفي والثرواتي للوطن الواحد وتخدم مقولة الذيول قوتهم تستمر بضعف العراق وتفتيته.
الدرب لا شك شائك ، يتطلب تجفيف مستنقعات موحلة صنعها من يغردون خارج السرب العراقي لصالح أعداء العراق من فرس وصهاينة وأمريكان وشعوبيين ، وبهمة القوى الخيرة في العراق وطن الأحرار خاصة يتم التخلص من أدران العراق ، بقيادة سفينته نحو بر الأمان ونفض غبار التبعية للأجنبي وأعوانه وتحقيق الاستقلال والمواطنة التي يتمتع في ظلالها الكل العراقي بالمساواة والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة في دولة يسودها القانون ..