م.علي فريح ابوصعيليك يكتب ;خالد مشعل الشاهد الحي على الفكر الإجرامي للمحتل الصهيوني.
م.علي فريح ابوصعيليك
يتزامن ما يجري في المنطقة من معاهدات للتطبيع مع الكيان الصهيوني مع ذكرى محاولة الإغتيال الفاشلة للقيادي خالد مشغل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا والتي جرت بتاريخ 25-09-1997 في العاصمة الأردنية عمان.
في عملية إتخذ قرارها رئيس وزراء الكيان الصهيوني في حينها بنيامين نتنياهو (وهو نفس رئيس الوزراء الحالي)، وقد وصفت العملية في حينها بأنها حماقة سياسية ونفذها عميلان للموساد يحملان جوازي سفر كنديين مزورين بإستخدام نوع من السموم الغامضة وفشلت محاولة الإغتيال بعد مطاردة عنيفة لمرافق خالد مشعل محمد أبو سيف (أحد شباب حركة حماس) ومن ثم إعتقال العملاء من قبل الأمن الأردني.
وتدخل الملك الراحل الحسين بن طلال بكل قوة لإنقاذ حياة خالد مشعل حتى أصبحت معاهدة السلام الأردنية-الصهيونية في مهب الريح وتدخلت واسطات عالمية منها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الذي وصف نتنياهو وقتها قائلا “لا أستطيع التعامل مع هذا الرجل، إنه مستحيل”.
ورضخ الكيان الصهيوني للضغوطات وقام بتسليم الترياق الذي أنقذ حياة خالد مشعل ومن ثم إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من سجون الإحتلال في صفقة مقابل إطلاق سراح عميلي الموساد اللذين غادرا عمان لاحقا برفقة أرئيل شارون حسب رواية الموساد.
إرتبط الكيان الصهيوني في ذلك الحين بعلاقة مميزة للغاية مع الأردن حسب وصف داني ياتوم رئيس الموساد، وردا على تصاعد عمليات حركة حماس المؤثرة في عمق الإحتلال، إختار نتنياهو فكرة إغتيال أحد قادتها الكبار خارج فلسطين ووقع الإختيار على خالد مشعل رغم أنه من التيار السياسي وليس العسكري وبالرغم من إعتراض ياتوم على قرار نتنياهو على حد زعمه (الإعتراض كان على تنفيذ إغتيال في عمان).
تمت العملية بدرجة عالية من سوء التنظيم وعدم إحترام قادة الكيان الصهيوني لإتفاقية السلام مع الأردن وخرج الصهاينة من تلك العملية بالعديد من العواقب بل أنها وصفت بأنها أكبر فشل في تاريخ الموساد، إضطر على أثره إلى تقديم المصل المضاد للسم من أجل إنقاذ حياة خالد مشعل عدو الكيان ومن ثم إطلاق سراح الشيخ الجليل أحمد ياسين وتطورت الأزمة السياسية لتشمل كندا التي ساءها إستخدام العميلين لجوازي سفرها رغم أنهما لا ينتميان إلى كندا، وأطاحت تلك العملية الفاشلة برئيس الموساد ياتوم من منصبه.
لم يمنع توقيع الكيان الصهيوني لما يسمى إتفاقيات السلام في وادي عربه عام 1994 من تنفيذ جهاز الموساد للعديد من الإغتيالات خارج حدود فلسطين، بعيدا عن أرض المعركه مع التنظيمات الفلسطينية، أبرزها إغتيال فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في مالطا عام 1995 وعز الدين الشيخ خليل من حركة حماس في دمشق عام 2004 ومحمود المبحوح أحد قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في دبي عام 2010 وعمر النايف من الجبهة الفلسطينية لتحرير فلسطين في السفارة الفلسطينية في بلغاريا عام 2016 ومحمد الزواري في تونس عام 2016 وفادي البطش المهندس والأكاديمي الفلسطيني في ماليزيا عام 2018.
وهذه السلسلة من الإغتيالات لا يمكن أن تتوقف ليس بسبب وجود مقاومة فلسطينية مستمرة من أجل تحرير فلسطين ولكن لأن أيديولوجيا القتل هي جزء أساسي من شخصية وتكوين ووجود هذا الكيان الصهيوني البائد حتما وقياداته، فأساس قيام هذا الكيان منذ البداية كان من خلال سلسلة جرائم قتل للبسطاء في دير ياسين 1948 ومذبحة كفر قاسم 1956 ومذبحة صبرا وشاتيلا 1982 وسلسلة مذابح المصليين العزل في المسجد الأقصى للمصليين أعوام 1990 و 1996 و 2000 وأيضا في الحرم الإبراهيمي عام 1994 .
ليس ذلك فحسب، بل إن الكيان الصهيوني أساسا قام من خلال مجموعة من عصابات القتل أبرزها عصابة أرغون التي ترأسها مناحيم بيغن وعصابة شتيرن وترأسها إسحق شامير وعصابات الهاجانا المتوحده مع عصابة البالماخ وهي العصابة التي تحولت لاحقا عند إعلان الدولة عام 1948 إلى ما يسمى حاليا “جيش الدفاع الإسرائيلي” وأبرز رموزهم إسحاق رابين وأرئيل شارون وكل هؤلاء الذين أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء الفلسطينيين داخل واخرج فلسطين وقد وصلوا جميعا لأعلى مستوى في السلطة في الكيان الصهيوني من رئاسة وزراء إلى رئاسة الدولة.
في الصراع العربي مع المحتل الصهيوني لأرض فلسطين فإن فكرة الإنتقال من حالة الحرب والعداء إلى حالة السلام والطمأنينة لها مقومات أهمها زوال أسباب الحرب والعداء وهو إحتلال الأرض وما دون ذلك يبقى ضمن إطار الحلول المؤقته التي لا تلبث أن تنهار بين الحين والأخر.
ولذلك كيف يمكن تفسير إقامة سلام مع هؤلاء القتله؟ فتاريخ اليهود في فلسطين كما تم سرد جزء منه هنا قائم على القتل والترويع ولا يفرق القتل عندهم بين أطفال ونساء وكبار السن وقتل السياسيين والوسطاء سواء من فلسطين أو غير فلسطين ممن لا يتوافقون مع رؤيتهم كما حدث في قتلهم للوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط اللورد موين في القاهرة عام 1944.
وكذلك قتلهم الدبلوماسي السويدي الكونت فولك برنادوت رئيس الصليب الأحمر السويدي الذي إختارته الأمم المتحده من أجل الوساطه وتطبيق قرار التقسيم بين العرب واليهود في فلسطين عام 1948 وستبقى قصة خالد مشعل الغصة في حلق الصهاينة.