بلال حسن التل يكتب: الرسالة التي أقلقتني
بلال حسن التل- تلقيت مؤخرا رسالة (عبر الواتس أب) من قامة سياسية واجتماعية مرموقة، أحبها وأحترمها لأسباب ، أولها إن صاحبها رجل على خلق، دمث الطبع، شديد التواضع، رغم موقعه السياسي المتقدم، ومكانته الاجتماعية المرموقة ، وتاريخه العائلي العريق، فهو على رأي الأولين من الأردنيين (ابن ناس) وابن الناس على رأي الأولين أيضا ( بردة أصله) فمثلما أنه لا يقابل الإساءة بمثلها بل بنقيضها، فإنه يرجع عن قرار اتخذه إن كان في هذا الرجوع فائدة لغيره, وهو ما أتمناه على صاحب الرسالة التي أكتب هذه السطور من وحيها.
سبب آخر لحبي له، هو أن بين أسرتينا علاقات تعود لأجيال، جعلتني على معرفة بحقيقة معدن الرجل صاحب الرسالة التي وصلتني, التي زاد أحد سطورها من قلقي فقد جاء فيه :
(… أما بخصوص شخصي فقررت أن أعتزل لأسباب كثيرة أهمها راحة البال وطلب العائلة) فإذا كان رجل بمثل المكانة الرسمية والاجتماعية لصاحب هذه الرسالة يفكر بالاعتزال، علما بأنه مازال في عنفوان الشباب، وقمة القدرة على العطاء المستند إلى تجربة شخصية ثرية وإرث عائلي عريق، فإن ذلك يعني أن بلدنا وصل إلى مرحلة خطيرة من الإحباط التي يدفع الكثيرين إلى الانسحاب من حياتنا العامة، مما يزيدها فقرا، فإذا أضفنا إلى ذلك تزايد عدد العازفين عن تولي المواقع العامة، فرارا بأنفسهم وعائلاتهم من اغتيال السمعة الذي صار ممارسة يومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تغص بخطاب الكراهية المشبع بالحقد والحسد, والذي من الواضح أن غرفا سوداء تحركه وتغذيه في غالب الأحيان، لإحداث المزيد من التمزيق في نسيجنا الاجتماعي والضعف في مؤسساتنا الوطنية, فإن ذلك يجب أن يدق ناقوس خطر، للقيام بمراجعة وطنية شاملة لمعالجة أسباب الحالة التي وصلنا إليها، والتي تدفع أصحاب التجربة والكفاية للانسحاب من الحياة العامة وقبلها الوظيفة العامة المتقدمة، الأمر الذي يفسح المجال لمن لايملك القدرات على التقدم لملئ الفراغ, كما نرى هذه الأيام في الكثيرين ممن يتقدمون لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر, الأمر الذي يؤدي إلى ضعف مؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص, مما لايجوز أن نسمح به، من خلال معالجة الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع.
حتى يتم ذلك فإنني أتمنى على القامة صاحبة الرسالة التي دفعتني لكتابة هذا المقال، أن تتراجع عن قرارها بالاعتزال، لأن الفرسان لا ينسحبون من المعركة، طالما أن هناك بصيص أمل بالنصر لعائلتهم الكبيرة، وهي هنا الأكثرية الصامتة من الأردنيين التي تُقدر في نهاية المطاف الرجال الرجال