البرلمان الأردني التاسع عشر،،، تحديات تفوق الإمكانيات!
كتب م.علي فريح ابوصعيليك
بدأ العد التنازلي لإنتخابات البرلمان الأردني التاسع عشر، حيث يتنافس المرشحون للبرلمان الأردني القادم بشدة هذه الأيام لتقديم انفسهم بالشكل الذي يمكنهم من الوصول إلى البرلمان القادم والذي تبدو المؤشرات الأولية له بأنه قد يشهد العديد من الوجوه الجديدة وخصوصا الشبابية منها نظرا لما يمكن تسميته “إحتراق أوراق” العديد من المحاربين القدماء لأسباب عديدة ليس أقلها زيادة ثراء البعض في وقت إزداد الناخب فقرا وقهرا!
الحقيقة بأن شدة التنافس على عضوية البرلمان تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات، أبرزها على سبيل المثال: على ماذا يراهن المرشح الذي سيصل فعلا للبرلمان؟ وكيف سيحقق ولو جزءا يسيرا من وعوده الإنتخابية لقاعدته الإنتخابية؟ الدولة الأردنية تعاني ماديا وإقتصاديا بشدة، فكيف يقدم البعض وعودا مع أن الوضع العام أصبح مكشوفا؟ بماذا سيختلف النائب في البرلمان التاسع عشر عن النائب في البرلمان الماضي وما هي الإضافة التي سيشكلها وجوده؟
يمكن النظر إيجابيا لتجارب بعض النواب السابقين –على قلتهم- حيث إجتهدوا في أداء دورهم الرقابي كما ينبغي، ترافق ذلك مع تقديم ما في وسعهم من خدمات إنتظرها منهم المواطنين بشكل فردي، وتلك التجارب تبقى قليلة ولا يقاس عليها بالمقارنة مع غياب العدد الأكبر من النواب السابقين عن اداء دوره الرقابي مقابل حصولهم على بعض الإمتيازات الشخصية وترافق ذلك مع فقدان الثقة به شعبيا.
الوضع الإقتصادي الصعب هو التحدي الأكبر حاليا للحكومة الأردنية ولذلك من شبه المؤكد أن النائب في البرلمان القادم سيواجه صعوبات في تقديم خدمات منتظرة منه لناخبيه، ومن أبرز المشاكل التي يواجهها النائب على سبيل المثال توفير فرص العمل حيث أن تراجع الوضع الإقتصادي يلقي بظلاله على الحياة العامة منذ سنوات طالت كثيرا رافقها غياب تام لما يسمى “إستحداث فرص عمل” وأصبح هناك تكديس عماله أو ما يسمى “بطالة مقنعة” وهي التي توقفت مؤخرا نظرا لعدم توفر ميزانيات تساعد في إستمرار وجودها.
وسط هذا الحال، غالبا لن يستطيع النائب تقديم فرصة عمل لمواطن خلال الفترة القادمة وعلى الناخب أن يعي ذلك جيدا ولا يحمل النائب ما لا طاقة له به، مع الأخذ بعين الإعتبار أن توفير فرص العمل هي أساسا من مهام الحكومات وليس النواب.
المواطن الأردني غير معني كثيرا بالصراعات الأيديولوجيه أو صراعات السلطة والقوائم الحزبية وخصوصا الإخوان المسلمين، حيث أنه أصبح ينتظر بعض الخدمات التقليدية من النائب (بعيدا عن التوظيف) وفي هذه النقطة ينقسم النواب أيضا فهنالك من يمتلك الشخصية القيادية والحكمة لبناء علاقات تمكنه من مساعدة المواطنين والإستمرار في الشعور بمعاناتهم وامالهم وطموحاتهم، ويمتلك هؤلاء تلك الميزات التي تجعلهم يقايضون مواقفهم بمقدار الخدمات المقدمة إلى ناخبيهم.
على الجانب التشريعي، فقد أثارت قصة “جريمة الزرقاء” الرأي العام وإتخذت الدولة الأردنية إجراءات صارمة في الحد من هذه الظاهرة التي تثار العديد من الأسئلة حول كيفية تشكلها سابقا، ويحسب كثيرا للأجهزة الأمنية موقفها الذي تمارسه هذه الأيام حيث كانت على الموعد وحظيت بدعم شعبي كبير، وهنا يأتي دور النائب في البرلمان القادم من حيث دعم الجهد الأمني، فهنالك ملف القوانين التي تحد من الجريمة والعنف والتي بمضمونها الحالي لا تلبي الطموح، والمجتمع الأردني الذي يغلب عليه طابع التسامح اصبح يطالب بتشديد العقوبات على الإجرام.
في هذا الملف تحديدا وجد بعض النواب أنفسهم في مواجهة مع المواطنين تحديدا على مواقع التواصل حيث تم الكشف بالأسماء خلال الأيام الماضية عن وجود علاقات ومصالح متبادلة مع هؤلاء المجرمين، وقد يكون البعض منهم فقد فعلا الكثير من قوته في صراع الإنتخابات بعد أن تم إعتقال المحسوبين عليه والذين كانوا أحد مصادر كسب الأصوات.
ولا يمكن إغلاق هذا الملف بسهوله حيث لا تنتهي ظاهرة الإجرام بالقبض على المجرمين فهنالك العديد من الأدوات التي تؤدي إلى الإجرام لازالت موجودة في الميدان أهمها المخدرات وتجارها وهي التي تسببت في العديد من الظواهر الإجتماعية الشاذة والتي يجب أن يعمل المجلس القادم على تطوير التشريعات بما يساعد في زيادة تجريم هذه الأفة.
الحقيقة الواضحة للمتابعين هي إنخفاض الإهتمام الشعبي بالمشاركة في الإقتراع القادم لأسباب عديدة أبرزها الوضع العام إقتصاديا ومعنويا منذ بدء إنتشار جائحة الكورونا وأيضا تراجع التوقعات بالفائدة المرجوة من النواب ولكن أيضا يجب أن يؤخذ بجدية إمكانية إجراء الإنتخابات وسط زيادة دراماتيكية في أعداد الإصابات بوباء الكورونا حيث أصبحت أعداد المصابين في الأردن قياسية وتتصدر المشهد عالميا نسبة لعدد السكان، ولماذا الإصرار على إجراء الإنتخابات في هذا الوضع الوبائي الصعب؟
يبقى أن نقول أن على المجلس القادم أعباء كثيرة فهو يأتي في منعطف تاريخي في تاريخ المملكة حيث تأتي التغييرات السياسية الجذرية التي تعصف بالمنطقة العربية والإقليمية وهذا قد يتخلله العديد من المواقف الكبرى، فهل يا ترى يستطيع النائب في البرلمان القادم تقديم ما يليق بالمواطن من مواقف وطنية تعكس نبض المواطن.
كاتب أردني