رسائل إلى الرئيس “الخال” بشر 8
كيف تخرج الحكومة, من سلسلة العيوب, التي اعترت أداء حكومات سابقة ؟ هذا هو السؤال المركزي يادولة الرئيس, الذي يجب أن تجيب عليه الحكومة بالأفعال لا بالأقوال.
مدخل الإجابة على السؤال, يكمن فياستعادة هيبة الدولة, التي فُقدت لأسباب كثيرة أهمها: أن الكثيرين ممن تولوا المواقع العامة في الدولة لم يكونوا أهلاً لها, فتقحمتهم العيون, فانساقوا لرغبات الناس خاصة أصحاب الصوت العالي منهم.
ولأن بعض الذين تولوا المواقع العامة اتسموا بالضعف, برز عيب التراخي وإنكار وجود الأزمات والمشاكل, وصار البحث عن الشعبوية هو الهدف, الذي حال بين الحكومات وبين الحزم, خاصة في تطبيق القانون فبذريعة الأمن الناعم, أجبرت حكومات أردنية جهاز الأمن العام على أخذ العطوات العشائرية, مما ساهم في تراخي الكثيرين من منتسبي جهاز الأمن في تطبيق القانون, حماية لأنفسهم بعد أن كشفت الحكومة ظهرهم, بأخذ العطوات العشائرية.
ليس الأمن الناعم هو الصورة الوحيدة, لعدم تطبيق القانون, فغض النظر عن الكثير من ممارسات البلطجة والأتاوات, وكذلك الواسطة والمحسوبية والإنصياع لصاحب الصوت العالي, كلها صور لعدم تطبيق القانون, غير أن أقسى هذه الصور,هي عدم احترام أوامر الدفاع التي صدرت خلال جائحة كورونا, والأدلة كثيرة على غياب هذا الاحترام, أبسطها شوارعنا المزدحمة بمن لا يرتدون الكمامات, وبمن تزدحم بهم المقاهي والمطاعم, وبمن يقيمون الأفراح والليالي الملاح في المزارع وغير المزارع, مما تعج بصوره وأخباره وسائل التواصل الاجتماعي, وآخرها إقامة حفلات “الهولوين” هذا الأسبوع, ليس ببعده الديني بل بطبعته الأمريكية, وكلها مظاهر تشكل تحد صارخ لأوامر الدفاع, ولهيبة الدولة وسلطاتها, مما يوفر لهذه الحكومة فرصة ذهبية, عليها أن تستثمرها بالضرب بيد من حديد, على يد كل خارج على القانون, ليس بالبلطجة وفرض الآتاوات, بل وبالخروج على اشتراطات الوقاية والسلامة العامة, وقبل هؤلاء جميعاً, أولئك الذين يتاجرون بالآم الناس, وبضحايا الوباء, في بعض مستشفيات القطاع الخاص, الذي آن أوان ضبط أدائه حفاظاً على صحة وسلامة المواطن, وحفاظاً على الصورة المشرقة لقطاعنا الطبي, وقبل ذلك كله حفاظاً على صورة بلدنا كمقصد للاستشفاء.
دولة الرئيس, لاشك أنكم توليتم المسؤولية في مرحلة عصيبة, وفي ظل انتكاسة وبائية خطيرة, لكن معادن الرجال تظهر عند الشدائد, وعندي أنكم أمام فرصة تاريخية, لتشكيل علامة فارقة في تاريخ بلدنا, إن أنتم واجهتم المرحلة بحزم, أوله مواجهة الناس بمسؤولياتهم وواجباتهم, فالكثير مما نحن فيه سببه سلوك جمعي غير سوي, أبسط مظاهره هذا التفلت من إجراءات الوقاية والسلامة العامة, وأخطرها غياب الانتماء, وبينهما الكثير من عيوب الاستهلاك وعقلية الغنيمة فتسلح بالحزم لمواجهة ذلك كله كان الله في عونكم لخدمة بلدنا.