الوزير بالوكالة في الدستور الأردني
أ. د. ليث كمال نصراوين*
تضمن الدستور الأردني العديد من المبادئ المتعلقة بتشكيل السلطة التنفيذية، فهي تناط بالملك الذي يتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور. فالملك في الأردن يحكم، وله صلاحيات مقررة بموجب الدستور، إلا أنه لا يمارسها بطريقة مباشرة وإنما من خلال وزارئه الذين يشاركونه التوقيع على الإرادات الملكية السامية، وذلك ضمن مفهوم نظرية التوقيع الوزاري المجاور. فمن النتائج المترتبة على هذه النظرية أن تنتقل المسؤولية السياسية من الملك إلى الوزراء أمام مجلس النواب، على أعتبار أن الملك مصون من كل تبعة ومسؤولية سندا لأحكام المادة (30) من الدستور.
وتتعدد مظاهر المسؤولية الوزارية السياسية أمام مجلس النواب، فالمادة (51) من الدستور تنص على أن كل من رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة، وبأن كل وزير فرد مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته. فتقرير هذه المسؤولية السياسية بشقيها الجماعية والفردية أمام مجلس النواب يتطلب وجود وزراء بصلاحيات كاملة لكي يتم محاسبتهم على الأعمال التي يقومون لها، بحيث إذا حصل تقصير في إدارة الشؤون المتعلقة بأي وزارة يقوم مجلس النواب “بإشهار” رقابته السياسية من سؤال واستجواب وطرح ثقة.
إلا أن الوزير في السلطة التنفيذية يكون معرضا للإقالة أو أن يتقدم باستقالته الخطية طوعا واختيارا، فتكون الحاجة ماسة إلى الاستبدال به وزيرا آخر يتولى المهام المتعلقة بوزارته. ولغايات الحفاظ على مبدأ عدم مسؤولية الملك السياسية، ومنعا لحصول أي فراغ في إدارة أي وزارة على اعتبار أنها تعد مرفقا عاما تقدم خدمات عامة، يتم اللجوء إلى أسلوب “الوكالة في التوزير”، بمعنى أن يتم تكليف وزير عامل بإدارة شؤون الوزارة التي رحل وزيرها، بحيث يحل محله في ممارسة صلاحياته إلى حين ملئ الشاغر وتعيين وزير جديد.
وتبقى العقبة الدستورية التي تواجه الوزير المكلف في طبيعة المهام التي يمكن له أن يمارسها ونطاق القرارات التي ستصدر عنه، فهو وإن كان قد صدر بحقه مرسوم ملكي يقضي بتكليفه بإدارة شؤون الوزارة التي شغر منصب وزيرها، إلا أن هذا التخويل الدستوري يبقى ضمن إطار التوكيل بالإدارة، وليس تعيينا دستوريا كاملا. وهذا الحكم من شأنه أن يثير تساؤلات حول طبيعة المسؤولية السياسية التي يمكن أن يخضع لها الوزير بالوكالة أمام مجلس النواب، وفيما إذا كان من المقبول دستوريا أن يحتج ذلك الوزير بأنه مُوكّل بإدارة الوزارة ولفترة مؤقتة من أجل مواجهة الرقابة السياسية التي قد يختار مجلس النواب توجيهها له.
إن التعاطي مع هذه التساؤلات الدستورية يكون من خلال عدم التوسع في فكرة الوزير بالوكالة، وأن يقتصر نطاق تطبيقها على أيام قليلة معدودة يتم خلالها اختيار البديل المناسب للوزير الذي شغر منصبه. فطول المدة الزمنية التي يبقى فيها الوزير بالوكالة مكلفا بإدارة وزارة قائمة سيخلق اشكاليات دستورية لا حصر لها. فالحكومة السابقة استقال وزير زراعتها في شهر نيسان الماضي وجرى تكليف وزير البيئة فيها بإدارة شؤون تلك الوزارة، وقد استمر هذا التكليف إلى حين قبول استقالتها في شهر تشرين أول الماضي.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية