يسرا ابو عنيز تكتب: في ذكرى رحيل والدي
يسرى أبو عنيز- عشر سنوات مضت على رحيل والدي الحبيب،وكأنها دهر مضى،بل إنها عمر بأكمله مضى،بعد أن رحل الأب والونيس،ذلك الرجل الذي ينبض حبا وحنانا،وذلك الرجل الذي كانت لا تعلم يساره عما تقدمه يمينه،ويمد يد المساعده لكل من يطرق بابه.
رحل والدي في ليلة من ليالي الشتاء القارص،وتحديدا يوم الثلاثاء الموافق الحادي والعشرين من شهر كانون الأول من عام 2010،ليزيد فقدانه من برودة الطقس،دون وداع،ودون أن نستعد لهذا الرحيل الأبدي.
رحل والدي في يوم كانوني،تاركا خلفة إرث لا يمكن أن يزول،مهما مر الزمن،هو أغلى من المال والعقار،وهو حب كل من عرفه،وتعامل معه،ليس لكونه والدي فحسب بل لأنه أحب الخير للجميع،وسعى لتقديمه لكل من يحتاجه،وكرمه الذي لا يختلف عليه اثنان.
رحل والدي رحمه الله،وترك قلوبنا تتحسر على فراقه، وعيوننا تدمع كلما ذكر إسمه،وكلما مر بنا أحد معارفه للسؤال عنه،وتركنا نتحسر على فقدان أعز الناس على قلوبنا،وتاركا فراغا لا يمكن أن يملأه أحد،لأن حب الأب لا يمكن أن يكون له مثيل أو بديل.
رحل والدي،ورحيله كسر ظهورنا،وانا التي اعتادت على مناكفته خاصة عندما يسألني عن أحد الأحداث السياسية،وهو الذي اعتاد على متابعتها أكثر من السياسيين ذاتهم،محبا لحضور نشرات الأخبار،لدرجة أنه من الممكن أن يذكر تفاصيلها فيما بعد.
رحل والدي رحمه الله،وهو الذي كان محبا للحياة،غير أن سكتة دماغية تمكنت منه،لتطرحه في العناية المركزة في مدينة الحسين الطبية لمدة أسبوعين،حتى فعلت هذه السكتة فعلتها،وليفارق الحياة في أول أيام مربعانية الشتاء في إحدى غرف جناح الضباط في المستشفى ذاته.
رحل والدي،ذلك الرجل الأمي،غير أنه كان موسوعة في كل شيء،رغم الظروف الصعبة التي مر بها جيله،وهو أحد أفراد قواتنا المسلحة،ممن قاتلوا على ثرى فلسطين الحبيبة،رحل والدي وقلوبنا تعتصر ألما، على فراق من كان لنا نعم الأب.
رحل والدي رحمه الله،وفي رحيله فقدان ليس من بعده فقدان،وفي رحيله حرمان لنا من شخص عزيز،وأب أحب الحياة لغيره،كما أحبها لنفسه،رغم الكثير من الحرمان والذي مر به في طفولته،كما حدثنا عندما كنا صغارا،بعد فقدان والديه.
رحم الله والدي،والذي تزداد حسرتنا على فراقه كل عام،ومع مرور الأيام والسنين ،ويزداد شوقنا له كلما مرت سنين العمر،وبالتالي الرحمة والمغفرة لوالدي،والرحمةلجميع أموات المسلمين.