قانون الدفاع بعد عودة مجلس النواب
عادت الحياة من جديد إلى أروقة مجلس الأمة، حيث جرى انتخاب مجلس النواب التاسع عشر كركن أساسي من أركان النظام النيابي الديقراطي الكامل الذي تبناه الدستور الأردني في المادة الأولى منه بالقول أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي. وتأتي عودة المجلس النيابي في ظروف استثنائية تتمثل بسريان قانون الدفاع وما يقرره من صلاحيات استثنائية لرئيس الوزراء بإصدار أوامر دفاع خطية، تعمل على وقف العمل بالقوانين العادية.
ويبقى التساؤل الدستوري الأبرز حول الاختلاف المتوقع في تطبيق قانون الدفاع بعد أن تشكل المجلس النيابي الجديد، والدور المأمول من هذا المجلس في التعاطي دستوريا مع حالة الطوارئ السائدة في المملكة.
فمن خلال استعراض المادة (124) من الدستور، نجد بأنها تنص صراحة على إصدار قانون دفاع تُعطى بموجبه الصلاحيات إلى رئيس الوزراء ﻻتخاذ كافة التدابير والإجراءات الضرورية لتأمين الدفاع عن المملكة أثناء حالة الطوارئ. وهذا التفرد الذي قرره المشرع الدستوري لرئيس الوزراء في التعاطي مع الظروف الاستثنائية قد كرسه قانون الدفاع بأن نص في المادة (3) منه على أن يناط تطبيق هذا القانون برئيس الوزراء، وبأنه يمارس صلاحياته بموجب أوامر خطية صادرة عنه.
من هنا، فإن مجلس النواب لا يملك أي صلاحيات دستورية تتعلق بتنفيذ قانون الدفاع، ولا تؤثر عودته إلى الانعقاد على نطاق الصلاحيات الواسعة المقررة لرئيس الوزراء في إصدار أوامر الدفاع. وهذا ما سبق وأن قرره المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره التفسيري رقم (2) لسنة 1991 الذي صدر أثناء فترة إقرار مجلس النواب لمشروع قانون الدفاع عندما أثير تساؤل حول مدى إمكانية إعطاء الصلاحية للمجلس المنتخب لتفعيل أحكام هذا القانون. فجاء الرد سلبيا في القرار التفسيري بالقول أن قانون الدفاع هو قانون استثنائي يشترط لنفاذه وقوع حالة طوارئ تستدعي الدفاع عن الوطن، وبأن إعلان نفاذ هذا القانون وتنفيذه هي صلاحية مطلقة للسلطة التنفيذية ممثلة بالملك، الذي يوافق على قرار مجلس الوزراء ببدء العمل بنصوصه وأحكامه. وقد تشدد المجلس العالي في حرمان مجلس النواب من أي دور في تفعيل وتطبيق قانون الدفاع بأن اعتبر أي محاولة لتضمين قانون الدفاع نصا يعلق سريانه وتنفيذ نصوصه على موافقة مجلس النواب بأنه غير دستوري، ويخالف أحكام المادة (124) من الدستور.
في المقابل، فقد حدد القرار التفسيري نفسه الدور المأمول من مجلس النواب أثناء فترة العمل بقانون الدفاع، والذي يتمثل في ممارسة الرقابة السياسية على مجلس الوزراء أثناء تنفيذه لهذا القانون، وذلك ومن خلال توجيه الأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة وفق أحكام الدستور.
على الرغم من حرمان مجلس النواب من أي صلاحية تشريعية تتعلق بالتعاطي مع حالة الطوارئ، إلا أنه يبقى الجهة الرقابية على تطبيق رئيس الوزراء لقانون الدفاع وعلى إصدار أوامر الدفاع الخطية. كما أنه الرقيب على إصدار الوزراء للبلاغات والقرارات التي تستند إلى أوامر الدفاع. وهذا الدور يجب على المجلس الجديد أن يعيه، وأن يبادر وعلى الفور إلى ممارسته.