العودة إلى التعليم الوجاهي ونماذج النجاح بقلم: زيد أبو زيد
حسمت وزارة التربية والتعليم والحكومة الأردنية بتوجيه ملكي سامٍ أمرها بعودة التعليم الوجاهي مطلع الفصل الثاني بطريقة مدروسة تحمي المجتمع من أي انتكاسات وبائية، وهذا جوهر التوجيه الملكي بالتدرج في فتح القطاعات كلها، وعلى رأسها المدارس ورياض الأطفال مع مراعاة صحة المواطن بوصفها أولوية دائمة تعبر عن الاهتمام الملكي والحكومي الدائم بالإنسان الأردني اعترافًا بمكانته بالرغم من محدودية الإمكانات.
لا شك في أن وزارة التربية والتعليم وعلى لسان ربان سفينتها الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي والمعنيين بنجاح تطبيق مسار العودة إلى التعليم الوجاهي أعدت عدتها لمباشرة العمل في تنفيذ خطة العودة إلى المدارس بالرغم من جائحة كورونا، ولها من التجربة والخبرة ما يؤهلها للنجاح، ولنا في نجاح الوزارة بعقد امتحان الثانوية العامة بمشاركة ما يقرب من ستة وتسعين ألف مشترك في الدورة التكميلية وضعفيهم في الدورة الصيفية وبتوافر إجراءات الوقاية الصحية خير دليل على قدرة الوزارة على إنجاز مشروع العودة بالتدرج وبمجموعة من الإجراءات التي تكفل تلقي الطلبة لدروسهم بيسر وسلامة.
إننا ومع الإعلان عن عودة التعليم الوجاهي بطرائقه المتعدد نؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التعليم الوجاهي هو الأصل، وهو خيار الوزارة الرئيس، والمعلم المتفاعل مع طلبته مباشرة داخل الغرفة الصفية هو ركيزته الأساسية، ليكون استخدام التكنولوجيا في التعليم والمزج بين التعليم التقليدي والإلكتروني عنوان التطوير المستقبلي للنموذج التعليمي الأردني، ولكن هذه الرغبة قد تصطدم أحيانًا بتفشي الوباء مجددًا، ولا سيما أن كثيرًا من دول العالم تشهد موجات جديدة لتفشي وباء كورونا بمعنى أن الجائحة مستمرة، وإن بات العالم أكثر أملًا بقرب أفولها مع اتباع معظم دول العالم إجراءات وقائية مشددة في موضوع التباعد والنظافة، وبدء حملات التطعيم المنتجة من مجموعة شركات عالمية، وهو ما سيكون له أثر كبير في الحد من الانتشار السريع للوباء.
إنَّ عودة التعليم الوجاهي كان دائمًا هاجس وزارة التربية والتعليم، وما حال دون ذلك في السابق كان الجائحة الوبائية وأثرها الصحي في حالة العودة دون بيانات ودراسات حديثة تراعي الحالة الوبائية في بداية الفصل الدراسي الثاني على الرغم من أهمية ومشروعية المطالبة بعودة التعليم الوجاهي في الوقت المناسب، ولذلك كان قرار وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي بالعودة في هذا الوقت في ظل تسطيح المنحنى الوبائي للحالات المصابة وانخفاضها، ووصول المطعوم، وبدء حملات التطعيم مع التأكيد أن كل ذلك لا يعني التساهل في تطبيق البروتكولات الصحية، فالقارئ الحاذق لحيثيات قرار الوزارة بالعودة إلى التعليم الوجاهي يدرك بوضوح أن الوزارة ستكون صارمة جدًّا في تطبيق البروتوكول الصحي، وستتخذ إجراءات مشددة بحق المخالفين في القطاعين العام والخاص، بل وستراجع قرار العودة في ضوء مدى الالتزام بالبروتوكول الصحي، والحالة الوبائية في المملكة.
إن الوزارة تدرك تمامًا أن المكان الطبيعي للطلبة لتلقي التعليم هو داخل الغرف الصفية في المدرسة ومع أقرانهم، وهي تولي أهمية كبيرة لعودة الطلبة إلى مدارسهم، وتواصل استعداداتها لهذا الأمر، غير أن هذه العودة ارتبطت في السابق بالوضع الوبائي في المملكة واستقراره، وعدم تطوره إلى مستويات قد تشكل خطورة على صحة الطلبة والهيئات التدريسية والإدارية، ولذلك وضعت الوزارة خطة العودة بشكل يكفل عدم حدوث أي نكسات يمكن أن تعطل قرار العودة الى التعليم الوجاهي، وأبقت على المزاوجة بين التعليمين الوجاهي وعن بعد بتطوير أدوات المحتوى الإلكتروني للتعليم عن بُعد ومنهجياته ليكون داعمًا ومعزِّزًا دائمًا للتعليم المدرسي.
إنَّ وزارة التربية والتعليم وهي تعود جزئيًّا إلى التعليم الوجاهي المتدرج لا تنكر مطلقًا وجود تحديات وعقبات في التعليم عن بعد، وهي تحديات وعقبات تواجهها كل دول العالم التي لجأت إلى هذا النوع من التعليم، والوزارة ستستمر في دراسة حيثيات عملية التعليم عن بعد بكل أبعاده، وستعدل وتصوب من سياساتها وإجراءاتها في ضوء ذلك أوّلًا بأول، وتتخذ كل ما تستطيع من إجراءات من أجل إيصال التعليم لكل الطلبة على مساحات الوطن بالتعليم عن قرب وعن بعد، وذلك بعد أن زادت خبراتها في عملية التعليم عن بعد، وستثبت الأيام نضجها وكفاءتها في وقت قريب.
وختامًا فإن الالتزام بتطبيق البروتكولات الصحية، واتخاذ كافة أبناء المجتمع إجراءات الوقاية سيدفع الأمور إلى تطبيق التعليم الوجاهي سريعًا ولكل الصفوف. حفظ الله الوطن وحفظ الله قائد الوطن والله من وراء القصد.