الميلاد… الدور… الرمزية
للاحتفال هذا العام بعيد ميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني الذي صادف يوم أمس طعماً مختلفا، و دلالات أكثر ثراء، فجلالته فوق أنه قائد وطننا، فإنه عميد حكام الأمة، وأكثرهم خبرة، وأشدهم حضوراً على الساحة الدولية والمنابر العالمية، دفاعا عن حقوقها، وبيانا لحقيقة دينها، وحضارتها وإنسانيتهما، وأكثرهم حكمة، فها هي الأيام تثبت بعد نظر جلالته، وحنكته، وقدرته على الصبر والتحمل، وهي صفات القادة العظام التي اجتمعت بجلالته فجنبتنا ويلات ما سمي ب “الربيع العربي” الذي جلب الدمار إلى دول المنطقة، والعذابات لشعوبها، ليظل الأردن واحة أمن وأمان واستقرار وسط منطقة متفجرة ببراكين الفوضى وعدم الاستقرار.
ومثلما أنجتنا حكمة جلالته، وقدرته على الصبر، من ويلات (الربيع العربي) ، فقد أنجتنا من عواصف ترامب الهوجاء، دون أن نقدم له تنازلات خاصة في قضايا الأمة المركزية وأولها القدس وفلسطين، دون أن تحقق التنازلات أية فائدة لمن قدموها من المحسوبين على الأمة، الذين كانوا يتنافسون على رضا ترمب، بينما تسلح عبدالله الثاني بسلاحي الصبر وكبرياء الأمة، للحفاظ على حقوقها أمام سياسة الاستقواء والابتزاز التي مارسها ترامب وإدارته.
لقد حقق جلالته كل هذا في تجسيد عملي واقعي لسياسة عدم الانحياز،أكثر مما جسدها مؤسسي حركة عدم الانحياز أيام عزها، وكانت بوصلة جلالته في ذلك كله المصلحة الوطنية للأردن والحقوق التاريخية للأمة.
لقد رفض جلالته الانحياز إلى معسكر دون آخر، فحافظ على علاقات متميزة ومحترمة مع موسكو و واشنطن، وكذلك مع أوروبا والصين، واليابان، ومع باكستان والهند، وكان في ذلك كله جسر تفاهم ومصالحة بين المختلفين، الذين أدركوا جميعاً حاجة العالم إلى قادة مثل جلالته في قدراته على البحث عن الجوامع المشتركة التى تساعد على تجاوز الخلافات، بالإضافة إلى قدرة جلالته على تقديم المبادرات التي تعزز الروابط الإنسانية ومنها دعوة جلالته إلى ضبط العولمة، ليصل العالم إلى صيغة من التعاون المستمر الذي يحقق السعادة والاستقرار للبشرية.
عند الاستقرار لابد من وقفة، للتذكير بحقيقة تاريخية تقول :أن عبدالله الثاني ابن الحسين فوق أنه عميد الحكام العرب، فإنه قبل ذلك قائد أقدم دولة وطنية في المنطقة، منذ أن عرفت هذه المنطقة مفهوم الدولة الوطنية، فالمملكة الأردنية الهاشمية هي أقدم دولة في المنطقة، مازالت وستظل بإذن الله محافظة على استمراريتها واستقرارها وتطورها، بفضل حكمة وحنكة قيادتها، وبفضل التلاحم والتواصل بين الشعب وقيادته التي يجسدها عبدالله الثاني ابن الحسين والتي صار من واجبنا أن نعزز رمزيتها بما يرقى إلى مستوى دورها في حياتنا.