متى يكون التجاهل في مكانه المناسب؟… التجاهل فن لا يتقنه إلا العظماء
للتجاهل سلاح فتاك وبلسم شاف إن أحسن استخدامه في مكانه المناسب وليس كل تجاهل محموداً، فقيام شخص بتقديم النصيحة لك وتجاهلك له هو استخفاف به وليس تجاهلاً لذا فتركيزي ينصب حول التجاهل الإيجابي الذي يبني ولا يهدم. إن الحياة ملأى بالمواقف الحرجة التي تتطلب منا موقفاً بناءً لنستطيع التعايش مع الآخرين من دون الاحتكاك بهم أو التشاجر معهم، وذلك باستعمال طرق عدة، من بينها «التجاهل» ويتلخص مفهوم التجاهل حول كيفية تحويل الموقف لصالحنا وقلب المشكلات إلى حلول وتصرفات بناءة.
التجاهل فن نادر الاستخدام على الرغم من نتائجه الإيجابية ربما لصعوبة تقبل الكثير من الناس للصدمات النفسية التي تثير الغضب فيحصل التراشق بالفاظ وربما يتحول إلى الهجر والتقاطع، وكان بالإمكان تجاوز الكثير من المواقف كحالات الطلاق بين الزوجين عن طريق استخدام «التجاهل» لتلطيف الجو وتحويل الحديث وحل المشكلات العالقة.
كثيراً ما يصدر تصرف ما من شخص وصاحبه لم يقصد ذلك أو ربما صدر منه بسبب ضيق نفس أو تعكر مزاج لذلك لا ينبغي علينا التسرع والحكم عليه ومقابلة إساءته بالإساءة وإنما يجب علينا أن نتفهم الوضع الذي هو فيه والظروف التي دعته إلى هذا التصرف، وعلينا مواجهة ذلك بتصرف حسن وتوجيه هادئ بناء لا جرح فيه ولا انتقاد بحيث يتفهم المخطئ خطأه ويستبدله بما هو أفضل.
والتجاهل أنواع، فالتجاهل وقت الغضب ذكاء، والتجاهل عند المصاعب إصرار، والتجاهل عند الإساءة تعقل، والتجاهل عند النصيحة غرور، فعلينا معرفتها وانتقاء افضل. إن تجاهل أخطاء الطفل لمجرد التجاهل يعتبر خطأ وسبباً لتماديه فيه بل يجب استيعاب الخطأ بطريقة أبوية تربوية توجه الطفل إلى تصحيح الخطأ بنفسه بحيث يفهم خطأه ولا يكرر ذلك مستقبلاً.
قد يستخف بك أحد لضعفك أو لطولك المفرط أو للونك، وهذا يتطلب منك أن تواجه ذلك بتصرف مناسب وإلا تمادى صاحبه وأصبحت أضحوكة أمام الناس، وطريقة الرد قد تكون بالتجاهل وكأن شيئاً لم يحدث وهذا يعتمد على نوعية الحضور.
أما إذا تطلب امر رداً فهنا يجب أن تتحول من التجاهل إلى قصف جبهته لينهار رأساً على عقب وذلك بالرد عليه بما يناسبه مما يشعر الحضور بأنك لم تتأثر بما قاله عنك وتكون قد وجهت إليه قذيفة تسد فمه.
إن التجاهل فن لا يتقنه إلا الصابرون والرد المسكت فن لا يتقنه إلا العباقرة، فهو يحتاج إلى ذكاء لإسكات المتهكم، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك فقد تزوج أعمى مبصرة فقالت له لو رأيت بياضي وحسني لعجبت فقال لو كنت كما تقولين ما تركك المبصرون لي، وقال رجل لزوجته ما خلق الله أحب إليّ منك فقالت له ولا أبغض إليّ منك فرد عليها الحمد لله الذي أولاني ما أحب وابتلاك بما تكرهين.
من الان فصاعداً لا تكترث بما سيقال عنك بعد اليوم فرصاصتك جاهزة لإغلاق فم المتكلم عليك، فهي إما أن تحرجه بصمتك وإما أن تقلبه رأساً على عقب بردك المسكت وإما أن تغير الموازين فترغم المتكلم عليك بأن يغير سلوكه ونظرته إليك بردك الحكيم.. التجاهل فن لا تتردد في إتقانه.
منقول من موقع جريدة الدستور الرسمي.