سامية المراشدة تكتب: برنامج ما يطلبه الجمهور
لم يكن بعيداً عنّا ذلك الزمن الذي كان يُعبر فيه المواطن عن حبه لمحطات التلفزة الارضية سواء المحلية او العربية القريبة من الاردن، وذلك بسبب قيمة الاستمتاع بما يتابعه، وكانت البرامج تتميز بنوعية مضمونها الترفيهي الممتع والهادف او الاخباري المختصر دون اعلانات ، وكان هناك متعه لا توصف بمحاولة سماع صوت المذيع او المذيعة عبر الهاتف وكان للمذيع شخصية له رهبة واتزان وثقافة واكثر تمكناً لأنه يطل علينا من شاشة ومذياع يكن له كل الاحترام والتقدير ، وأيضاً سماع الناس لذلك المتصل وهو يتكلم و كان المقدمون الإعلاميين محدودين جداً ومعروفين وقد نعدهم على الاصابع .
و يتصل المواطن ببرنامج ما يطلبه الجمهور الذي كان يبث على التلفزيون السوري وكنا نتابعه من كل مناطق الاردن مساء كل خميس مع ماريا ديب الأنيقة ليطلب منها أغنية تعب المشوار للمطرب فؤاد غازي وميادة حناوي ” فاتت سنه على بعدك انا مقدرشي” وتأخذ ماريا ديب وقت طويل وهي تهدي الاغنية وتذكر قائمة الأسماء التي امامها مع باقات المحبة والكلام الجميل وابتسامتها اللطيفة لتسرق القلوب والعيون وينتهي البرنامج وتعود في اسبوع الذي يليه ونحن على نفس الشعور بجمال المتابعة والتقديم .
وبعدها لنغير القناة لنجد مذيعتنا الاردنية الجميلة كوثر نشاشيبي وهي تستقبل الاتصالات ببرنامج رسائل شوق مع سماع اغنية المرحوم المطرب فارس عوض” يابو خديد النقرش ” بذلك الوقت كانت هناك حالة من السعادة والرضا والهدوء يشعر بها كل واحد منّا بالرغم من المشكلات والقضايا التي واجهتنا في تلك المرحلة ،وبغض النظر من ذلك كانت الرسائل مهداه من مواطن لمواطن بمناسبات عدّة يشارك فيه افراحه فقط وتنتشر ظاهرة التفاخر بأن قد سمع صوت فلان من الناس على الاذاعة والتلفزيون ، هذا ما قبل عام ٢٠١٤ وبعدها الإعلام تغيّر علينا لا نعلم لماذا ؟ أو أن فكرة نوعية البرامج الاذاعية والتلفزيونية مستفزة بعض الشيء هي نفسها التي تكررت من بعد برنامج الاذاعي الاردني الخدماتي الشهير البث المباشر الذي مازال الى الان بنفس جودته الاذاعية من حيث التقديم والاسلوب وطرح القضية وحلها بشكل مرضي لجميع المتصلين وتم تقليده كنوعية وليس مضموناً .
من بعد ذلك شهدنا فوضى إعلامية وخاصة تعلقت ببرامج الصباحية اسأل هل على المواطن أن يتصل ليطلب اغنية مثلاً ؟ ولماذا تكثر برامج الخدماتية وتخصص لحل قضايا الناس وعندما يطلب المواطن مساعدة في تحقيق فرصة عمل او يطلب تحسين خدمة الاتصالات او يشكو من انقطاع المياه والكهرباء عن منزله او يتكلم عن عدم قدرته لدفعها يكون قد اخطأ بنظر المقدمين الاعلاميين وقد لا تتابع قضيته وتنسى، ألم يعلم الجميع بأن فئات المواطنين هم العسكر والمعلم والطبيب والتاجر وغيرهم وأن هناك فقراء واغنياء ،فليس من الغريب بأن يتصل واحد من ألف شخص ليطلب مساعدة حتى لو كانت قضية شخصية وهو برنامج محسوب علينا بأنه خدماتي، واسأل هل المطلوب منّا ان نطلب الرفاهية تنقصنا ؟ ونطلب استيراد مرسيدس ٢٠٢١ لتكون في الاسواق وبكثرة لنقتنيها مثلاً أو فتح لنا مطاعم عالمية على رؤوس الجبال أو على البحار أو نطلب رحلات سفر مجانية؟ هل المطلوب ان يتصل الاغنياء بتلك البرامج ليتكلموا عن السعادة التي يشعرون بها ، ما هو المطلوب منّا بالضبط ما هو وجع المواطن ؟ الجميع يعلم ما هو وجع المواطن هي لقمة الخبز فلنكن مع كل مواطن نستمع ونشعر به ،فالأجساد ليست فلاذ والمواطن الاردني صبور يعلم ما يمر به الوطن ولكل انسان له قدراته عليه أن يسعى ونسعى معه بتقديم المساعدة له وبالأمل وتعزيز الثقه بنفسه والارادة والصبر على التحمل الظروف وبالنهاية كلنا شركاء في السعي وتقديم الخير والمسانده ليبقى الاردن جميل كما هو اهله .