ظروف تدل على قدرة اندلاع حرب أهلية بالولايات المتحدة… تفاصيل
قالت فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركية إن اندلاع حرب أهلية في البلاد كان إلى وقت قريب أمرا من الماضي وسيناريو مستحيلا بالنسبة لكثيرين، لكن تصاعد التطرف والعنف اليمينيين وأحداث الكابيتول دقت ناقوس الخطر حول احتمال الانزلاق مجددا نحو التناحر الداخلي.
وذكرت المجلة -في مقال للباحثة في السياسة الدولية مونيكا دوفي توفت- أن ما يجعل الأمر أكثر إحباطا هو أن الحرب الأهلية في البلاد لم تنته أبدا بشكل من الأشكال، بل كانت في الواقع تتعزز.
وأكدت الباحثة أنه برغم سيطرة الرئيس جو بايدن على زمام الأمور فإن الأحداث -التي وقعت مؤخرا- جعلت خطر اندلاع أعمال عنف سياسي واسع النطاق واضحا بشكل مؤلم.
وترى أن الحروب الأهلية التي شهدتها مناطق عدة من العالم -بما فيها الولايات المتحدة- قد تكون فريدة من حيث أسباب اندلاعها أو طرق تصاعدها إلى العنف أو تراجع حدتها، لكنها تشترك جميعها في سمات رئيسية ثلاث باتت الآن متوفرة في الداخل الأميركي.
السمة الأولى: معظم الحروب الأهلية تتبع في الغالب زمنيا صراعا سابقا، مثل حرب أهلية ماضية أو ذكرى شديدة التسييس أو مشوهة بشكل كبير لنزاع أهلي سابق، وليس من الضروري في هذه الحالة أن تكون الأطراف المتحاربة ولا قضايا الخلاف هي ذاتها بكلتا الحالتين.
وغالبا ما يمهد زعيم ذو شخصية كاريزمية الطريق لإشعال الحرب بنشر روايته عن أمجاد الماضي أو أوجه الإذلال التي تتناسب مع أيديولوجيته وطموحاته السياسية، أو يستفيد من جهل الجماهير بالتاريخ.
السمة الثانية: أن تكون الهوية الوطنية منقسمة على أسس بالغة الحساسية مثل العرق أو الدين أو الطبقات الاجتماعية، حيث إنه توجد داخل كل بلد خطوط تصدع وأسباب للانقسام، لكن بعضها يكون أعمق وأبلغ تأثيرا من الآخر.
انقسامات داخلية
كما أن الانقسامات التي قد تبدو بسيطة في البداية قد يتم استغلالها من قبل جهات محلية أو أجنبية تبتغي إعادة توزيع مراكز الثروة أو السلطة، كما حدث مثلا من قبل الاتحاد السوفياتي سابقا الذي كرّس بنجاح موارد كبيرة لزعزعة استقرار الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الديمقراطية الأخرى فقط من خلال تعزيز حدة الانقسامات القائمة.
أما السمة الثالثة والتي من دونها لا يمكن للعاملين السابقين وحدهما (صراع سابق وانقسامات عميقة) إشعال نار الحرب الأهلية، فهي ضرورة وقوع تحول داخل المجتمع من القبلية إلى الطائفية.
ويقصد بالقبلية هنا أن يبدأ الناس بالتشكيك بشكل جدي فيما إذا كانت باقي الجماعات الموجودة داخل البلد تضع فعليا المصلحة العامة في صلب اهتماماتها، أما في البيئات الطائفية فتبدأ النخب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومن يمثلونهم، الاعتقاد بأن أي شخص يختلفون معه شرير ويعمل بجد على تدمير المجتمع.
ومن الصعب جدا -تختم المجلة- ألا يرى المرء هذه الدينامية متجلية بوضوح في المشهد الحزبي الأميركي حيث بدأ نواب من الحزب الجمهوري يشككون ويتهمون زملاء لهم من داخل الحزب بالضعف وعدم الولاء للرئيس السابق دونالد ترامب.