م.علي أبو صعيليك يكتب: محاولات التطبيع الصهيوني تطل برأسها من جديد من خلال مشروع “يسلموا ايديك”
كتب م.علي أبو صعيليك
محاولة جديدة من الموساد الإسرائيلي لاختراق حاجز الرفض الشعبي العربي للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين العربية وهذه المرة كانت المحاولة البائسة في الأردن تحت مسمى “مشروع يسلموا يديك” والذي تم من خلاله استغلال نساء يعانين الجهل والفقر المدقع وقلة الحيلة في منطقة غور الصافي التي تقع بجوار البحر الميت وهي منطقة يعاني أهلها من ويلات الفقر.
القصة ظهرت إلى العلن من خلال الفيديو الذي نشره أحد المواقع الصهيونية وقام بحذفه لاحقاً، وتظهر فيه مجموعة من السيدات الأردنيات اللواتي يعملن في الأشغال اليدوية مع موظفات الموساد اللاتي يعملن تحت غطاء الأعمال التنموية والتي يتم من خلالها تمويل الأشغال اليدوية التي تتقنها الأردنيات.
كان واضحاً استغلال فقر وجهل بعض السيدات واستقطابهم من خلال إحدى جمعيات المجتمع المدني، ويتضح ذلك من حديث إحداهن وهي سيدة في الخمسينيات من عمرها حيث عرفت عن نفسها بأنها أرملة يقع على كاهلها إعالة أبناءها.
وكذلك ومن خلال المنطقة التي تم تصوير الفيديو فيها وهي منطقة غور الصافي التي تقع على الشريط الحدودي بين الأردن وفلسطين حيث يغلب على هذه المنطقة الفقر وقلة التعليم حالها كحال العديد من قرى الشريط الحدودي، وهو ما يفسر عجز محاولة التطبيع لأنها اعتمدت على استغلال عاملي الفقر والجهل.
ولا شك أن هناك فيديوهات أخرى جهزها الموساد وقد ينشرها تباعاً، حيث نشطت في السنوات الأخيرة مؤسسات غربية في الأردن تقوم بتمويل المشاريع التنموية تستهدف فئة البسطاء وخصوصاً العنصر النسائي الباحث عن مصدر دخل لإعالة أسرة فقدت معيلها من خلال الوفاة أو الطلاق أو غيرها من الأسباب.
وما أن تم الكشف عن الموضوع ، حتى ظهر الفكر الحقيقي للمواطن الأردني الرافض للتطبيع، وحتى من وقع منهم فريسةً للتطبيع للاستفادة ببعض الدنانير فإنه يبرأ بنفسه أو يتوارى عن الأنظار، وهذا أحد مؤشرات استمرار الرفض الشعبي لوجود الكيان الصهيوني.
لكن ما يلفت النظر والاستغراب حقيقةً هو الموقف الرسمي حيث لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة على الموضوع، فبالرغم من وجود اتفاقية رسمية بين الأردن والكيان الصهيوني، إلا أن الحكومات التي تناوبت على إدارة الأمور منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 تدرك جيدا الرفض الشعبي لوجود الكيان الصهيوني حيث يعتبر التطبيع خيانة في عقلية المواطن الأردني.
أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي حالة الغضب الشعبي من محتويات ذلك الفيديو لكن وبالرغم من ذلك يدرك البعض الجوانب المحيطة بنشر الفيديو من حيث تزامن توقيت نشره مع ذكرى معركة الكرامة ،التي سجل فيها الجيش الأردني نصراً على قوات الاحتلال، كذلك اختيار منطقة غور الصافي لتصوير الفيديو وهي قرية تقع في غور الأردن الواقعة فيه أيضاً منطقة الكرامة تلك التي شهدت هزيمة قوات الاحتلال عام 1968 .
على الجانب الأخر تكشف هذه المحاولة الحاجة الماسة لتكثيف العمل الشعبي على مساعدة جمعيات المجتمع المدني التي تنشط وسط شريحة كبيرة من النساء الباحثات عن مصدر دخل يعيل أسرهن، وذلك لقطع الطريق على المؤسسات الغربية المشبوهة والمجهولة من ناحية مصادر تمويلها والتي نشطت في الأردن في السنوات الأخيرة من خلال العديد من النشاطات ومنها توفير دورات تدريبية مجانية تستهدف النساء خاصة ً الباحثات عن دخل مادي لتحسين ظروفهم المادية.
إن استهداف المرأة الأردنية لفرض التطبيع ما هو إلا جهد بائس من الموساد، فالمرأة الأردنية هي التي أنجبت رجالاً روت دمائهم أرض فلسطين ولن تكون هدفا سهل المنال للموساد.
وكذلك فإن استخدام الطابع الإنساني في الموضوع ونزع صفة الاحتلال عن الجانب الإسرائيلي وترويج بعض المعاني الإنسانية ما هو إلا جهد بائس، حيث يتابع المواطن العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص ما يحدث من جرائم ترتكبها أيادي القتل الصهيونية يومياً لأهل فلسطين.
إن محاولات التطبيع الصهيوني مستمرة كما أشرنا، فقبل عدة أشهر عمل الموساد على استغلال شعبية الفنان المصري محمد رمضان عن طريق تصويره في سهرة مع ممثل صهيوني، والذي واجهه الشعب العربي عموماً والمصري خصوصاً بهجوم حاد، ما لبث بعده النجم المصري حتى أبدى ندمه الشديد وإنكاره معرفة الممثل الذي تصور برفقته، وتم منع رمضان من ممارسة مهنة التمثيل مؤقتاً، وهو ما يؤكد قوة وأهمية الشارع العربي المناهض لوجود الكيان الصهيوني والذي لم ينجح في التطبيع إلا مع بعض الحكومات دون شعوبها،.
الحقيقة أن هنالك استمرارية لمحاولات التطبيع التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني وأجهزته منذ زمن طويل في الدول العربية التي وقعت ما يسمى “اتفاقيات سلام” وتحديداً مصر والأردن، وفي كلا البلدين هناك رفض شعبي عميق جداً لوجود الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ورغم مضي أكثر من أربعين عام على توقيع اتفاقية” كامب ديفيد” وأكثر من ربع قرن على توقيع اتفاقية “وادي عربه” فإن الموقف الشعبي لم يتغير قيد أنملة بل ويزداد وعي الأجيال بحقيقة الكيان الصهيوني المحتل والغاصب لأرض فلسطين.