الأردن وحرب المعلومات
الأردن وحرب المعلومات
بلال حسن التل
لم تكد تمر ساعتان, على أداء وزير الصحة الجديد لليمين الدستوري, أمام جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين, حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي, وبعض المواقع الإخبارية بتصريح سابق له يناقض الثقافة السائدة حول أرتداء الكمامة, ويعاكس هذة الثقافة بدرجة مئة بالمئة, في محاولة لنسف كل الجهود التي بذلت خلال عام من قبل كل أجهزة الدولة, وأهل الاختصاص, وفي طليعة هؤلاء جميعا جهود قائد الوطن, لإقناع الناس بضرورة أرتداء الكمامة بأعتبارها أهم سلاح في مواجهة الفيروس اللعين والوقاية منه, ليتبين بعد ذلك أن تصريح الوزبر قديم, مر عليه عام وبضعة أسابيع, عندما كانت الجائحة في بدايتها, يحاول العلماء والأطباء تلمس ملامحها واكتشاف حقيقتها, ففي تلك الفترة تكاثرت الأراء المتضاربة إلى أن استقر العالم على ضرورة أرتداء الكمامة للوقاية من هذا الوباء اللعين.
هذة الواقعة تستحق الوقوف عندها والتأمل في دلالاتها، وأول سؤال يخطر على البال هو:من هي الجهة التي أرشفت تصريح الدكتور فراس الهواري, واحتفظت به لاستخدامه عند الضرورة، خاصة وأن الدكتور الهواري لم يكن عند الأدلاء بهذا التصريح في موقع مسؤولية متقدمة, حتى تتسابق وسائل الإعلام لتتناقل ما يقول, وليتم الاحتفاظ بأقواله بأعتبارها تمثل جهة رسمية, فقد كان في حينها واحد من عشرات الأطباء الذين تتم استضافتهم من قبل وسائل الإعلام المختلفة لمعرفة المزيد عن هذا الفيروس الشديد الغموض في حينها؟
يزيد من أهمية السؤال, ماهو معروف عن الأردنيين من عدم الميل إلى الأرشفة, وهو داء أدى إلى إتلاف وضياع آلاف الوثائق والمعلومات, ذات البعد الوطني التي لم يكن أصحابها يعرفون قيمتها، أو أنهم خافوا من الاحتفاظ بها، مما أدى إلى ضياع جزء كبير من مصادر تاريخنا الوطني, وحقائق هذا التاريخ وحقيقة رجاله, وكلتا الحالتان تقولان أن بين الأردنيين والأرشفة عدواة، وحبل الود بينهم وبين توثيق المعلومات مفقود, إلا من رحم ربي، وهذا يعني أن من يؤرشف تصريحات ومواقف الأردنيين ثم يعيد نشر الكثير من هذه التصريحات والمواقف, خاصة تلك التي تستهدف نشر الفوضى والبلبلة بين الأردنيين وتهز ثقتهم بدولتهم ومؤسساتها ورجالها, ليست جهة أردنية, وأن كانت تستخدم أدوات أردنية, مستثمرة ذاكرة السمك التي تتصف بها شرائح واسعة من المجتمع الأردني, ورغبة هذه الشرائح في تلقف كل ماهو سلبي وترويجه, خاصة في ظل تراجع ثقافة “فتبينوا” عن مجتمعنا الأردني, وهذه كلها عيوب تدركها الغرف السوداء وتستغلها في حرب المعلومات التي تشنها على الأردن والأردنيين, التي تأخذ أشكالاً كثيرة, منها الإشاعات المبنية على جزء من الحقيقة وتوظيفها توظيفاً خبيثاً, منها استحضار تصريح وزير الصحة أنف الذكر وخلعه من سياقه وتاريخه, وتوظيفه لبلبة الأردنيين, وهذه ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة, فلنأخذ حذرنا من حرب المعلومات التي تُشن ضد بلدنا.