م. علي ابو صعيليك يكتب :هل كانت تغطية وسائل الإعلام الأردنيةخلال الاعتقالات على مستوى الحدث
م.علي أبو صعيليك
تابع الكثير من الأردنيين ما جرى مساء أول أمس من اعتقالات لمواطنين أردنيون لأسبابٍ أمنيةٍ على القنوات الفضائية العربية وسط غياب شبه كامل لوسائل الإعلام المحلية عن نقل الحدث إلا من خلال رؤوس أقلام، وبدأ سيل الإشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي يأخذ دوره بقوة، بما يفتح الباب أمام السؤال عن الأداء الإعلامي الرسمي في تغطية الأحداث على الساحة الأردنية في وقت أصبح العالم لا يزيد عن قرية صغيرة مفتوحة مشرعة الأبواب.
تغطية اليوم الأول للحدث بدأت من الإعلام المحلي الذي نشر خبراً عاجلاً عن اعتقال المواطنين الأردنيين: “الشريف حسن بن زيد” و “باسم إبراهيم عوض الله” وآخرين لأسبابٍ”أمنيّة”.
ولم تمضِ دقائق على ذلك الخبر حتى بدأت أبرز القنوات الفضائية العربية بتخصيص استوديوهاتٍ تحليليةٍ في بث مباشر لمواكبة تطورات الحدث غير المسبوق على الساحة الأردنية والبحث عن معلومات تفصيلية عن الحدث الكبير.
ولأنه حدث غير تقليدي وتوقيته كان مساءاً ضمن وقت حظر التجول بسبب إجراءات جائحة الكورونا؛ فكانت هذه الأسباب وغيرها كفيلة لمتابعة جماهيرية كثيفةٍ جداً انتظر من خلالها المواطن الأردني سماع مستجدات الأمور وحيثياته من وسائل إعلامه المحلية التي بثت الخبر الأول ولم تواكب الحدث إلا من خلال الشريط الإخباري.
“الريموت كنترول” كان حاضراً بقوة واستخدمه الكثيرون للتغيير من محطة فضائية عربية إلى أخرى بهدف الحصول على معلومة من الخارج بعد غياب الإعلام الأردني عن اليوم الأول!
واللافت للنظر أن كثيراُ من مقدمي البرامج ومراسيلها في العاصمة عمان في تلك المحطات العربية أردنيون ، وكذلك الضيوف والمحللين والخبراء شخصيات عامة أردنية وجميعهم محب لوطنه ومخلص لقيادته، فلماذا تُرك المشاهد الأردني يتلقى أخبار الأردن من الإعلام العربي بدلاً من متابعتها وتلقي أخبارها من استوديوهات المحطات الأردنية والتي يُنفق عليها ملايين الدنانير سنوياً؟
في الحقيقة إن الأداء الإعلامي المحلي لم يكن على مستوى توقعات المواطن في تغطية العديد من الأحداث المهمة على الساحة المحلية، وفي السنوات الأخيرة أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بما تحتويه من إشاعات وفتنة وفساد بالإضافة للقنوات الفضائية العربية هي مصادر المعلومات وكان تدني مستوى الإعلام المحلي أحد أهم الأسباب لذلك.
على العموم ومساء اليوم الثاني وبعد المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والذي كان مخصصا للحديث عن تطورات الحدث، بدأ هناك تطور في التغطية الإعلامية المحلية وأصبحت الحقائق متاحة للمواطن من خلال المحطات المحلية إضافة للعربية.
من المؤكد وجود قوى خارجية تريد العبث بأمن الأردن واستقراره، وفي ذات الوقت لا يمكن التشكيك في إخلاص المواطن الأردني لوطنه وقيادته وقد ثبُت ذلك من خلال تجارب سابقة، منها الأعمال الإرهابية التي حاولت اختراق الساحة الأردنية وباءت بالفشل الذريع لأنها لم تجد لها مكاناً في الأردن ، بل و لم تجد في المواطن الأردني بيئة حاضنة لها ومشجعةً عليها.
هذه التطورات أبرزت الحاجة الملحة لرفع مستوى الخطاب الإعلامي المحلي بشقيه العام والخاص في مخاطبة المواطنين ومواكبة أي حدث محلي من خلال شخصيات عامة وخبراء أردنيين ولذلك دوراً جيداً في تقليل الانجراف نحو وسائل التواصل وما تحتويه من إشاعات قد تؤثر على الحالة المعنوية للأفراد.
في عصر الإنترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل لم يعد مقبولاً استمرار العمل الإعلامي بشكله التقليدي دون تطوير مضمونه ورسالته، فالتطور في الإعلام المرئي ليس فقط من خلال تغيير ديكورات الاستوديوهات واختيار وجوه جميلة تظهر على المشاهد، إنما التطور يكون في مستوى الخطاب الإعلامي بما يُمكِن المواطن من معرفة حقائق الأمور عن وطنه بدلاً من البحث عن البدائل الخارجية الجاذبة !
أحد الشواهد على عدم تطور المحتوى الإعلامي هو أن إحدى الفضائيات المحلية التي شهدت تطوراً في ديكورات استوديوهاتها فقط دون تغيير لخطابها الإعلامي أعادت بث برنامج المسابقات الياباني القديم “الحصن” في وقت يشهد فيه العالم العديد من الأحداث الرياضية المهمة، مما جعل كثيراً من المشاهدين يطلقون عليها أسماء ساخرة مثل “قناة الحصن”!
من المهم الإشادة بدور الأجهزة الأمنية في التعامل مع الأزمة وكذلك تماسك المجتمع الأردني وهذه أهم أسباب عدم نجاح أي فتنه في المجتمع الأردني.
في الختام فإن أحد الجوانب الإيجابية والتي تستحق البناء عليها في الإطار الإعلامي والبناء عليها هي أن أغلب الشخصيات العامة الأردنية من مسؤولين وخبراء سابقين أو حاليين في مختلف المجالات ممن ظهروا في وسائل إعلام عربية على مستوى عالٍ من المعرفة والثقافة والمسؤولية والحديث بلباقة، وهذا كما كتبنا يترافق مع وجود قامات أردنية تقود العمل الإعلامي العربي في أكبر القنوات الفضائية العربية تأثيراً، ولذا فإن تطوير الأداء الإعلامي المحلي لن ينطوي على مجازفة .