الاستعاضة عن موائد الرحمن بطرود الخير المعقمة بعيداً عن عدسات التصوير
إيمان المومني- غيّبت جائحة كورونا الكثير من الطقوس والعادات، التي كانت سائدة في شهر رمضان المبارك، ومنها موائد الرحمن والخيم الرمضانية، لتستبدل بطرود الخير، التي يتم إيصالها لمستحقيها بعيداً عن عدسات التصوير والتشهير بهم، حفظا لكرامتهم واستحقاقا للأجر والثواب.
ووفقاً لمعنيين تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فإن استبدال الخيم الرمضانية وموائد الرحمن بطرود الخير المعقمة والنظيفة، والتي تراعي الأسس الصحية والإجراءات الوقائية، هو أمر ايجابي، وواجب ديني وأخلاقي وإنساني.
المفتي في دائرة الإفتاء العام، الدكتور حسان أبو عرقوب، قال يستحب للمتصدق أن تخفى صدقته، لأنه أدعى للإخلاص، وأبعد عن الرياء والسّمعة، وأرجى لثوابها وقبولها عند الله تعالى، قال الله سبحانه: “إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ”.
وتابع، فجاء التفضيل لإخفاء الصدقة على إظهارها بالنص، وفي ذلك يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله”، وذكر منهم: “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”.
وأضاف، على المحسنين مراعاة إنسانية الفقراء ومشاعرهم وأحاسيسهم، وحفظ كرامتهم، والبعد عن إيذائهم من خلال الاستعراض بالمساعدات والصدقات، حرصا على الأجر والثواب.
واستشهد بقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى”، موضحا أن من صور الأذى للفقراء والمحتاجين أنْ يتمّ تصويرهم خلال تلقيهم المساعدات، ونشر صورهم لما فيه من اعتداء على سترهم، والتشهير بهم، وتعريضهم لسخرية أو استهزاء الآخرين.
الدكتورة والباحثة دانييلا القرعان، قالت، إن الأسر العفيفة المحتاجة لديها عزة نفس وكرامة تمنعها من طلب يد المساعدة، فوصول طرود الخير لمستحقيها بعد عملية بحث مكثفة من أصحاب الخير والجمعيات، يحقق الهدف المرجو منه، وهو الثواب بعيدا عن الرياء والنفاق.
وزادت، حتى يكون عمل الخير خالصا لوجه الله من المفترض عدم ذكر اسم الشخص أو الجهة المبادرة للخير، فيكفي أن رب العباد هو الذي يراه ويعرفه، وليس بالضرورة أن يعرفه الناس وينتشر اسمه في كل مكان.
وأضافت، للأسف أصبحنا نشاهد ظاهرة تتكرر كثيرا عند تقديم طرود الخير لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين والأسر العفيفة، ألا وهي تصوير أصحاب الحاجة، وهم يتلقون المساعدات، ونشر الصور على الكثير من مواقع التواصل المختلفة.
وتابعت القرعان، يضيع الخير عندما يكون هدف البعض الشهرة على حساب الأعمال الخيرية، فالعمل الصامت للخير، هو الأساس بعيدا عن عدسات التصوير، حفاظا على كرامة المستفيدين.
الإعلامية ومؤسسة مبادرة “خلينا نفرحهم” الخيرية، إيمان العكور، قالت: خلال عملي التطوعي ضمن المبادرة، وخاصة خلال جائحة كورونا، وجدت أن بعض العائلات أُثقلت بالديون والأعباء الاقتصادية والنفسية.
وأوضحت أن ما تقدم ترافق مع معدل إقبال الناس على المساعدة والتكافل ومد يد العون، خاصة في شهر رمضان المبارك، وهو شهر الخير والصدقات، منوهة إلى أن ظروف كورونا جردته من مظاهر التبذير والافطارات والسهرات الليلية، وتركت له طابعا أكثر روحانية وإنسانية، حيث غابت الخيم التي كان يتباهى أصحابها بحجمها وديكوراتها وأصناف الطعام أو عدد الطوابير من مرتاديها.
وبينت العكور أن عدد الطرود الرمضانية تضاعف هذا العام، ووصلت لمستحقيها بكل كرامة وهم داخل بيوتهم دون أن تطاردهم عدسات التصوير، “وهذا من أجمل فوائد كورونا، التي أعادت بعض الإنسانية التي افتقدناها، حيث ساهمت في نشر الخير وحفظ كرامة المحتاج”.
مدير عام مركز صحي عمان الشامل، الدكتور رائد الشبول، أكد أن الشهر الكريم يشهد الأعمال الخيرية، التي من ضمنها إرسال الطرود بغية الأجر، مشددا على اتباع إرشادات السلامة العامة من حيث تعقيمها ونظافتها والتباعد وارتداء الكمامة والقفازات.
وفضل إجراء فحص “البي سي آر” بشكل دوري لمن يعمل في هذا المجال، بسبب مخالطته للناس، ويفضل أيضا من تلقى اللقاح بجرعتيه، واستمرار الالتزام بإجراءات السلامة حتى للفئة الأخيرة.
المدير التنفيذي للاتصال والإعلام والريادة وبرامج الاستدامة في شركة زين الأردن للاتصالات، طارق البيطار، قال: إن الشركة ومنذ العام المنصرم قامت بمبادرة توزيع الطرود، بالتعاون مع الجهات المعنية، حيث وزعت 4500 منها، على مستحقيها من الأسر العفيفة في العديد من مناطق المملكة، وذلك قبيل بدء الشهر الفضيل، ليتسنى لمستحقيها الاستفادة من محتويات الطرد من المواد الغذائية.
وزاد، جاءت هذه المبادرة للعام الثاني على التوالي بعد أن حالت الظروف التي فرضتها جائحة كورونا دون إقامة موائد الرحمن التي كانت تقام طيلة 20 عاماً مضت في العديد من المحافظات، ليتم الاستعاضة عنها بإيصال المواد الغذائية لمستحقيها، مبينا أن ذلك النهج هو واجب من منطلق المسؤولية المجتمعية.