شهر رمضان صورة لتجلي وسطية الإنفاق بين الإسرافِ والتقتير

ايمان المومني– تتجلى في شهر رمضان المبارك صور البذل والعطاء والإيثار والإنفاق في وجوده الخير المتعددة التي حث عليها الدين الحنيف وسطية بين الإسراف والتبذير وبين البخل والتقتير؛ سعيا لنيل المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى.
ووفقا لمعنيين تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فإن الأصل في الشهر الفضيل هو الرحمة والعبادة والتقرب إلى الله، لا الإسراف والتبذير خاصة في ظل جائحة كورونا.
المفتي في دائرة الافتاء العام الدكتور حسان ابو عرقوب، بين أن التوجيهات الربانية للعباد كانت تحض على الوسطية والاعتدال مستشهدا بقوله تعالى “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
ودعا الصائم أن يراعي الاعتدال في طعامه وشرابه وألا يتجاوز ذلك، كي لا يصل إلى حدّ الإسراف والتبذير، مضيفا أنّ رمضان هو شهر المواساة، وعلى المسلم أن يتفقّد إخوته من الفقراء والمساكين، خاصة من المستورين، فيقدّم لهم المعونة اللازمة من زكاة وصدقات وإفطار، والله تعالى يضاعف الثواب في هذا الشهر.
من جهتها، قالت المستشارة النفسية والاسرية الدكتورة حنان العمري: بالرغم من تبدل الحال وتغير بعض الطقوس والمظاهر لهذا الشهر بسبب فيروس كورونا الذي أثر بدوره على تفاعل الأفراد والمجتمعات، إلا أن كورونا لا تمنع الرحمة والألفة بين الناس.
ولفتت إلى أن الكثيرين يستغلون هذا الشهر لتقديم المساعدات المادية والعينية، وابتكار أفكار رمضانية ووضع برامج تتماشى مع المعطيات الجديدة لتثري بإيجابية أجواء الرحمة، “فهناك أناس يجعلون من المحن منحا وينظرون للأمور بعين الرضا والتقبل، فيعيدون صياغة الظروف بطريقة مرنة لتكون حافزا لتغيير الخطط ولاستحداث الاهداف الجديدة”.
واضافت لم يشرع الله الصوم للتبذير والتباهي بالموائد وتنوعها و”كأنه صام الدهر وجاع العمر”، لافتة إلى انه شهر الاقتصاد الذي يحقق الهدف المرجو من الصوم والتوازن بين أداء العبادة والحكمة من تشريعها.
المتخصص في العلوم الإنسانية الدكتور مهند الزامل قال: إن ظاهرة الاسراف في شهر رمضان تتكرّر كل سنة، اذ يُرصد له ميزانية خاصة بالتسوق، مّا يسبب ضائقة مادية قد تدفع بالبعض إلى الاقتراض.
وتابع: هؤلاء ترْجَمُوا الشهر المبارك ترجمة خاطئة على أنّه شهر الاسراف، وكأنه لا ضرر بالمبالغة في الأكل، فهم يُعِدّون شتّى الأنواع من المأكولات ولا يأكلون منها إلاّ القليل، استنادا لتبرير غير مقنع، “بأنّ الأجواء الرمضانية تقتضي التّسوق وتخمة الثلاجات بالأطعمة المتنوعة”.
وواصل الزامل: ثم ينتهي مصير الكميات الهائلة من أصناف الأطعمة المتعددة على الموائد والتي لم يُلمس مُعْظمُها برَمْيِها في حاوياتِ المُهْمَلاتِ، بينما بطون البعضِ خاوية ليس لها ما يُسْكِتُ جوعَها.
وزاد: يقول اللّه عزّ وجل: “وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً”، متسائلا: ألا تدرك تلك الفئة من النّاس أنّ رمضان شهر القرآن الكريم والتقرّب للّه بالطاعات والعِبادات، لا شهر للإسراف بالمأكولات والتباهي بإعداد اصناف الأطعمة على الموائد؟واضاف الزامل: “صحيح أنّه بمجيء شهر رمضان تمطر علينا الخيرات فيأتي حاملاً معه الأرزاق لكلّ النّاس، لكنّ هذا لا يعني أن نُسرِف ونبذّر ونترك العنان لبطوننا بأن تتحكم بنا دون وضعِ قيودٍ لها، فشهر رمضان للعبادة في المقام الأول، والمغالاة والتباهي في التسوق يجعلنا نقع في خطأ الإسراف والتبذير”.

بترا

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى