تأثير التدخين على الأسنان واللثة وزرعات الأسنان
يعد التدخين المسبب الرئيسي للأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الرئة وانسداد الشرايين، ولعل الإقلاع النهائي عن التدخين هو الطريقة الأكثر فعالية لتقليل خطورة هذه الأمراض وغيرها من الأمراض الناتجة عنه. وعلى سبيل المثال، تحتوي السيجارة التقليدية والنارجيلة على أكثر من 6 آلاف مادة كيميائية ضارة، 100 منها على الأقل تعتبر خطيرة جداً على جسم الإنسان، كما أن معظم هذه المواد الخطرة تتشكل نتيجة لعملية احتراق التبغ التي تزيد درجة الحرارة ضمنها على ما يزيد على 800 درجة مئوية، مما يسمح لبعض المواد السامة بالتشكل، في الوقت الذي يؤدي التعرض لهذه المواد عن طريق التدخين أو التدخين السلبي فيه إلى تغييرات في الأنسجة والخلايا في جسم الإنسان.
ويؤثر التدخين التقليدي بشكل خاص على الفم والأنسجة اللثوية؛ حيث أثبتت الدراسات أن التدخين يؤدي إلى تغيرات في نوع وتعداد وتوزيع خلايا الأنسجة اللثوية، ويزيد من السمية داخل هذه الأنسجة، بالإضافة إلى تغيرات في الخلايا المناعية، وبالتالي إفراز عوامل التهابية تؤدي بدورها إلى تفكك الأنسجة. كذلك، فإن تعرض الحفرة الفموية بشكل مستمر إلى دخان السجائر التقليدية، يقلل من إفراز بعض الأجسام المضادة والمناعية الموجودة بشكل طبيعي في اللعاب، والتي تقوم بمحاربة البكتيريا والفيروسات التي تتواجد في الحفرة الفموية، والتي تؤدي إلى مشاكل عدة سواء في الأنسجة الفموية أو الأسنان، والتي من الممكن انتقالها إلى أجزاء أخرى من الجسم عن طريق الدم أو الجهاز الهضمي.
علمياً، يمكن القول بأن الإدمان على النيكوتين يعدّ من أهم عوامل الإدمان على التدخين، علماً بأن النيكوتين يتواجد بشكل طبيعي في ورق التبغ، وبنسب قليلة في بعض النباتات الأخرى، كما أنه يستخدم دوائياً في المنتجات المستخدمة للإقلاع عن التدخين. ولا بد من الإشارة إلى ضرورة ابتعاد الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والحوامل والمرضعات والأطفال عن النيكوتين سواء بالاستهلاك أو الاستنشاق.
ولكن، لا بد من التوضيح أن النيكوتين لا يعد السبب الرئيس للأمراض الخطيرة الناتجة عن التدخين، إنما سبب هذه الأمراض هو المواد السامة التي تتشكل نتيجة لعملية الاحتراق على درجات حرارة عالية مثل القطران وأول أكسيد الكربون.
يودي القطران إلى زيادة تشكل الجير والخشونة في أسطح الأسنان، مما يؤدي إلى تراكم البكتيريا على هذه السطوح الخشنة وحصول ما يسمى بالتهاب اللثة والنسج الداعمة، وبالتالي احتمالية فقدان الأسنان. هذا وقد وجدت العديد من الدراسات أن القطران يؤدي إلى تغيير في لون الحشوات التجميلية المصنوعة من الريزين، كما يلعب التدخين دوراً سلبياً في عملية الشفاء بعد العمليات الجراحية في الحفرة الفموية، سواء كانت زراعة أو خلع الأسنان أو العمليات اللثوية، نتيجة لتقلص الأوعية الدموية الدقيقة الذي يؤدي إلى تقليل التروية الدموية، وبالتالي وصول الخلايا التي تقوم ببناء الأنسجة ومكافحة البكتيريا.
إن عدد المدخنين حول العالم يتجاوز المليار، ويتسبب التدخين بستة ملايين وفاة سنوياً، لذا ظهرت العديد من المحاولات في السنوات الأخيرة لإيجاد بدائل قد تكون أقل ضرراً من السجائر التقليدية؛ حيث تعتبر هذه البدائل كخيار أفضل للأشخاص الذين لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين نهائياً، أو لا يرغبون بذلك. نصيحتي الطبية هي أن القرار الأفضل هو الإقلاع عن التدخين نهائياً وبكافة أشكاله، لكن في حال اللجوء للبدائل، فإن من شروط توفر هذه البدائل هو وجود إثباتات ودراسات وتجارب علمية تثبت أنها أقل ضرراً على الجسم، وأن تساعد المدخنين في تخفيف التدخين، وأن لا تتاح للأشخاص غير المدخنين وغير البالغين. لقد اطلعت على العديد من هذه البدائل مثل السجائر الإلكترونية والبدائل التي تعتمد تسخين التبغ بدلاً من حرقه، وكما أشرت إلى أن عملية الاحتراق هي السبب الرئيس لتكوين المواد السامة، فإن إقصاء هذا العامل واستبداله بالتسخين قد يلعب دوراً في تقليل إنتاج هذه المكونات وتجنيب الآثار الضارة للتدخين.
نستنتج مما سبق، بأن التدخين وعملية احتراق السجائر التقليدية تؤدي إلى العديد من الآثار السلبية على جميع أعضاء الجسم بما فيها اللثة والأسنان، والتي تتزايد مع الاستمرار في التدخين خلال اليوم وعدد سنوات التدخين.