أ.د. محمد الفرجات يكتب : الفرصة نحو وطن ينتج رغيفه وآلته ويشارك الجميع ببنائه
إذن فقد تعهد الملك بأن يكون درب الإصلاح ومنهجيته هذه المرة دأبنا، وعلى ما يبدو فإنها الفرصة الأخيرة قبل الذهاب للثقب الأسود بسرعة الضوء، فالعطش القادم وكلف الطاقة والبنى التحتية والتوسع بالخدمات وتحديثها في العقدين القادمات، مع مديونية عالية وناتج إجمالي يفضي لموازنة لا تكاد تكفي النفقات الجارية، أمام نهج سياسي بحاجة للتحديث على مبدأ “من لا يتطور ينقرض”، وبطالة تهدد شبابنا فأمننا القومي وفقر نخر المحافظات، كلها تؤكد بأن حلول فيزياء الكم باتت مطلوبة لحالتنا وقبل فوات الأوان.
اللجنة الملكية للإصلاح، والتي صدر كتاب تكليفها بالأمس، ووجدت نفسي عضوا مكلفا مع فريقها، عليها وحسب التكليف أن تضع مظلة لنهج سياسي حديث، يمكننا بسلاسة وتكيف وإقتدار من دخول الألفية الثالثة مع العالم، ومئويتنا الوطنية الثانية، والثورة الصناعية العالمية الرابعة في الرقمية والمعلوماتية وأدواتها، عند إنبثاق قانون إنتخاب عصري يلبي طموح ومشاركة الجميع ويحافظ على كيان وكينونة دولتنا الأم بطيف شعبها الرائع، لنرى شعبا ينتج من رحمه أحزابا برامجية تتسابق وتتنافس بطروحاتها الواقعية لخدمة البلاد، فينعكس عن ذلك حكومات برلمانية وفق برامج يراقب تقدم سير عملها الشارع.
مع إعلام دولة نزيه ومهني يقيم ويتابع، فيشكل سلطة رابعة بجانب السلطات الثلاثة، وضمانات تتأتى أوتوماتيكيا لإقتصاد تعاوني يوجد تنمية فيزيائية على أرض الواقع، وإيمان بأهمية التحول للإنتاج والإعتماد على الذات ضمن رؤى مشروع الملك النهضوي، وخلال خمسة أعوام، فليس بعيدا عنا أن ننتج رغيفنا ونصنع آلتنا، ونشغل أجيالنا ونعطيها الأمل، ونصبح دولة تحمل مشروع، ويساهم الجميع ببنائها، بأجواء صحية منفتحة من الحريات.
همنا تحقيق وطن دولته صلبة قوية سياسيا وإقتصاديا، وشعبه يجتمع على الوطن والدولة والقيادة والمصلحة العامة، والإستمرار نحو تحقيق مشروعه، بهدف واضح ومنهجية مدروسة، ومهما عصفت بنا الظروف.
العطش القادم مخيف، والتحديات السياسية الإقليمية ليست سهلة، والجبهة الداخلية ما عادت تحتمل، والفرصة أمامنا، وعلى الجميع التكاتف لإنجاح المهمة الأخيرة قبل دخول جاذبية الثقب الأسود، فإستعدوا للإقلاع وإربطوا الاحزمة، ولنكن جميعا يدا واحدة، فمركبنا ينطلق نحو وطن ينتج ويحقق.