معنيون يدعون إلى مساندة ضحايا التعذيب وتأهيلهم نفسيا وجسديا
إيمان المومني –
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، 26 حزيران من كل عام؛ يوماً دولياً للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب والقضاء التام على التعذيب الذي يهدف إلى فناء شخصية الضحية وإنكار الكرامة الكامنة لدى الكائن البشري.
ونددت الأمم المتحدة بالتعذيب بوصفه أحد أحط الأفعال التي يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان، ويلقى استنكارا من الجميع.
وبحسب الموقع الإلكتروني التابع للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، يعد التعذيب جريمة بموجب القانون الدولي، وهو محظور تماماً وفق جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظل أي ظروف.
وبين الموقع اهمية التعافي من التعذيب الذي يتطلب برامج فورية ومتخصصة، وعمل مراكز إعادة التأهيل والمنظمات في العالم لتمكين الضحايا من الانتقال من مرحلة الرعب إلى مرحلة الشفاء.
معنيون قالوا إن التعذيب جريمة وحشية تهدر الكرامة الإنسانية للبشر، ويجب التصدي لها من خلال الجهات الرسمية وغير الرسمية لمكافحتها.
ودعا المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي إلى تضافر جهود الجهات الرسمية وغير الرسمية كافة، لمكافحة هذه الجريمة عبر الإجراءات التشريعية والقضائية التنفيذية لضمان محاكمة مرتكبيها وحماية ضحايا التعذيب من سوء المعاملة، وإعادة تأهيلهم نفسيّا وجسديّا منها، وضمان عدم تكرارها والاعتذار والتّرضية لمن وقعت عليه.
وشدد على مراجعة التشريعات الوطنية بما يتناسب مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المُعاملة أو العقوبة القاسية وغير الإنسانيّة والمُهينة لسنة 1984 التي صادق عليها الأردن، ونشرت في الجريدة الرسميّة عام 2006، واعتبارها جزءاً من المنظومة القانونيّة الأردنيّة، لتلافي القصور في تجريم جريمة التّعذيب بصورة مجتزأة ضمن المادة 208 باقتصاره على انتزاع الإقرار أو الاعتراف، ويأتي هذا التّجريم خلافاً لشمولية التّعريف الوارد في اتفاقيّة الأمم المتّحدة لمناهضة التّعذيب.
واشار العرموطي إلى أن المادة 208 تدرج جريمة التّعذيب ضمن الجرائم الجنحويّة وعدم تجريم الشّروع بها، إلاّ إذا أفضت هذه الجريمة إلى الوفاة أو إحداث عاهة، وعندها فقط ينتقل الفعل إلى مصاف الجرائم الجنائيّة، موضحا إمكانية شمول جريمة التّعذيب بأحكام التّقادم والعفو.
وطالب بالنص صراحة على تعويض ضحايا التّعذيب فورا وبصورة عادلة وملائمة في القضايا التي تشمل المسؤولية المدنية للدولة الطرف والتشجيع على تنفيذ برامج تأهيلية متخصصة، منها مساعدات طبية ونفسية مناسبة للضحايا وتخصيص الموارد اللازمة لذلك.
محامي الجنايات وقضايا أمن الدولة وسام جباعته، قال إن القانون فرق بين نوعين من التعذيب، هما التعذيب الجسدي المتمثل بالضرب أو الجرح أو حتى الحبس الذي يعد تقييدا للحرية، والآخر النفسي المتمثل بالتخويف أو الترهيب أو الابتزاز أو التهجير من الأوطان.
واضاف، منع الدستور الأردني التعذيب بكل أشكاله ومسمياته عندما نص في المادة الثامنة منه على “كل من يوقف أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز تعذيبه بأي شكل من الأشكال أو ايذاؤه بدنيا أو معنويا، كما لا يجوز حجزه في غير الأماكن التي تجيزها القوانين، وكل قول يصدر عن أي شخص تحت وطأة أي تعذيب أو إيذاء أو تهديد لا يعتد به”.
واشار جباعته إلى النصوص القانونية التي تتحدث عن موضوع التعذيب ضمن التشريعات الأردنية؛ مثل قانون العقوبات الذي جعل التعذيب بكل صوره وأشكاله جريمة يعاقب عليها، بالإضافة إلى توقيع الأردن على العديد من الاتفاقيات التي تناهض التعذيب وتقف ضده، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية جنيف.
رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور رامي حباشنة، قال: إنه يمكن قراءة مشهد ضحايا الجريمة من حيث طرفي المعادلة، وهما الذي يقوم بالتعذيب، والمجني عليه بقاسم مشترك، وهو التنشئة الاجتماعية.
واضاف أن علم الاجتماع يشير إلى أن من يقوم بسلوك شأنه إيقاع ألم جسدي على إنسان آخر يكون قد خضع لآليات ساحبة نحو السلوك المؤذي خلال تنشئته الاجتماعية، فيكون قد نشأ ضمن محيط ومناخ اجتماعي يؤيد استعمال العنف في التعامل، خاصة ضمن الدائرة الأولى في الروابط؛ بحيث يعتقد الفرد أنه يمارس التربية بشكل سليم لأن ثقافته لا تستنكر تلك السلوكيات، مبينا أن ضحايا التعذيب يفتقدون لأبعاد الحماية الاجتماعية.
من جانبه، أكد المدرب في مجال حقوق الإنسان الزميل خالد القضاة أهمية الإعلام في تغطية قضايا التعذيب لما لهذا الدور من تأثير كبير على الرأي العام، داعيا إلى التنبه للمفردات المستخدمة في تغطية تلك القضايا، والا يكون هدف التغطية هو السبق الصحفي فقط.
وأشار إلى أهمية عدم الغوص في تفاصيل الجريمة لما لذلك من اذى نفسي ومعنوي يقع على الضحية بدل الهدف الرئيس، وهو تكوين الرأي العام المساند للضحية.(بترا – ايمان المومني)