الحكم بالإعدام شنقا على أربعينية والمؤبد لعشيقها …بدأت قصتها بالدعارة وانتهت بجريمة قتل
أحمد علي.. شاب قوي البنية مفتول العضلات، من محافظة المنيا، ترك الريف والزراعة، وقصد مدينة جمصة، باحثا على فرصة عمل له، بعيدا عن الزراعة التي أضاع فيها 27 عاما من عمره، غرّته الأماني وبهرته أضواء جمصة.. «أنا مجيتش ليه هنا من زمان؟»، جال بخاطره هذا السؤال.. ولم يعلم أن هنا هو بداية النهاية، حين سلّم نفسه لأول امرأة راودته عن نفسها.
أنا مسافر
ودّع «أحمد» والديه وشقيقه الأصغر «هاني»، قاصدا مدينة جمصة المطلة على ساحل البحر المتوسط.. قطع مسافة جاوزت الـ470 كيلومترا هي المسافة بين المنيا وجمصة، وفور وصوله، بدأ البحث عن عمل يوفر له قوت يومه، ويدخر منه جزءً يرسله لوالديه فى الصعيد.. حتى كان اليوم الموعود.
المعلمة صباح
وعلى طريقة فيلم «شباب امرأة» لتحية كاريوكا وشكري سرحان.. فعلى أحد الكافيهات تقابل «أحمد» مع «صباح» وهي سيدة مُطلقة في العقد الرابع من العمر مفعمة بالأنوثة من مدينة فارسكور بدمياط، رأت فيه فحولة ابن الريف «الساذج» ورأى فيها الأنثى التي كان يراها على شاشات التلفزيون فقط، روادته عن نفسها، وهمّ كل منهما بالآخر، وتعددت لقاءاتهما المحرمة، وأغدقت عليه الأموال والملابس حتى أسرته، ووقع في شباكها، وبات مصدر دخله الوحيد هو الأموال التي يتقاضاها منها بعد كل لقاء محرم يجمعهما.. كل منهما كان بمثابة فأل سيئ على الآخر.. لكنها تعمى القلوب.
لقمة عيش
في إحدى الليالي وبينما كانا سويا، أخبرته أن ما تدخره من أموال على وشك النفاذ، واقترحت عليه أن يساعدها في أعمال الدعارة كي تتمكن من الإنفاق عليه.. وافق دون تردد على ما طلبته منه.. كانت الخطة المعتادة هي أن تتمكن «صباح» من إغواء راغبي المتعة المحرمة، ومقابلتهم في أماكن متفق عليها وتستولى على ما معهم من أموال أو منقولات خلال اللقاء المُحرم، أما دور «أحمد» هو أن يكون متصلا معها لتأمينها، أو التدخل إن لزم الأمر.
5 مرات
تكررت فعلة «صباح» و«أحمد» 5 مرات مع 5 أشخاص مختلفين.. تعاهدوا على استكمال ما بدأوا، فالأموال التي تُدرها عليهما هذه الأفعال، جيدة ومكنتهما من العيش والإنفاق على ملذاتهما.
الضحية الأخيرة
الضحية الأخيرة في سلسلة ضحايا «أحمد وصباح» لم يكن كسابقيه.. كان رجلا فى العقد الخامس من عمره، اعتاد تعاطي المواد المخدرة والكحوليات حتى باتت لا تُسكره أو تغيّب عقله، كانت الساعة تُشير إلى التاسعة من مساء 12 يوليو 2019، فى إحدى شقق مدينة جمصة، كانت «صباح» على موعد مع الضحية الأخيرة لها -أو السادسة كما كانت تظن- الضحية هذه المرة ميسور الحال يمتلك وسيارة فارهة، لكن «أحمد» لا يجيد قيادة السيارات، فأجرى إتصالا بشقيقه الذي حضر من الصعيد، بعدما أخبره بإتاحة فرصة عمل له.
دلفت «صباح» إلى شقته لقضاء سهرة معه، «أحمد» وشقيقه «هاني» كانا موجودين بالقرب من القعار لتأمينها، بدأت السهرة ووضعت «صباح» أقراصا مخدرة للمجني عليه داخل كأس «بيرة» وكانت الأقراص من مادة «الكلوزابين»، ولما همّ بدخول دورة المياه شعر بـ«دوار»، وقال: أنتي عملتي فيا إيه.. عايزة تنوميني ليه؟.
خشيت «صباح» افتضاح أمرها، لم تجد بدا من القضاء عليه، فرطمت رأسه في الحائط عدة مرات، مستغلة عدم اتزانه، حتى سقط الرجل مضرجا في دمه، وفارق الحياة.
كان «أحمد» وشقيقه «هاني» ينتظران إشارة «صباح» فصعدا إلى الشقة، وبدأوا فى سرقة أموال الضحية وهواتفه المحمولة، ومفتاح سيارته، ثم استقلوا السيارة ولاذوا بالفرار من المكان.. لكن كاميرات المراقبة وثّقت كل شيء.
كاميرات المراقبة
تلقت الأجهزة الأمنية في الدقهلية، بلاغا بالحادث، وانتقلت إلى هناك، وتبين وفاة الرجل، وتم إخطار النيابة العامة، التي أمرت بالتشريح، وكلفت المباحث الجنائية بسرعة تحديد وضبط الجناة.. كان الضابط خالد القاضي، رئيس فرع بحث غرب الدقهلية، رئيسا للفريق الأمني الذي كان يبحث في القضية، وبدأ أول الخيوط بالتحفظ على كاميرات المراقبة، والتي وثّقت لحظة دخول «صباح» ثم دخول «أحمد وهاني»، ثم خروجهم جميعا واستقلال سيارة المجني عليه.
مسرح الجريمة مستودع سرها
وعملا بالقاعدة «مسرح الجريمة مستودع سرها»، فقد تحفّظت الشرطة على مسرح الجريمة، وزرعت عناصر شرطة سرية في محيطه ووزعت عليهم صور «صباح وأحمد وهاني».. تحسبا لحضورهم في أي وقت، وقد كان، فبعد مرور يومين على الحادث، مرّت صباح وأحمد من هناك، لجس النبض في الشارع، حتى وقع كلاهما في قبضة الأمن واعترفا بارتكاب الواقعة تفصيليا.
تحقيقات النيابة
أُخطرت النيابة العامة رسميا بالقبض على «صباح وأحمد وهاني»، وباشرت التحقيق معهم، واعترف «أحمد وصباح» تفصيليا خلال التحقيقات بارتكاب الجريمة ومثّلاها بحضور النيابة العامة والأمن، وفي ديسمبر 2019، أمرت نيابة شمال المنصورة الكلية، بإحالة المتهمين الثلاثة إلى محكمة الجنايات، ونسبت لهم، ارتكاب جرائم القتل العمد والسرقة وحيازة عقار الكلوزابين وسلاح أبيض.
المشهد الأخير
كان المشهد الأخير في فصول هذه القضية التي حملت رقم 3921 لسنة 2019 جنايات جمصة، داخل محكمة جنايات المنصورة، في قفص الإتهام أمام هيئة المحكمة برئاسة المستشار وائل كمال صالح، وعضوية المستشارين فاروق محمد فخري، ومحمد سليمان سمره، ورامي منصور عباس، حيث نظرت المحكمة القضية، واستمعت لمرافعة النيابة العامة والدفاع في القضية.
إعدام
وأصدرت المحكمة، حكمها بمعاقبة المتهمة صباح علي محمود بكري بالإعدام شنقا حتى الموت عما نُسب إليها، كما عاقبت المتهم أحمد علي إسماعيل، بالسجن المؤبد، فيما قضت ببراءة شقيقه «هاني» من الإتهامات المنسوبة إليه