انتظرت جثمان ابنها إسماعيل 120 ساعة على الشط
في ثالث أيام عيد الأضحى، وتحديدًا مساء الخميس الخميس، خرج إسماعيل أحمد، 15 عامًا، من بيته بصحبة أصدقائه، وقرروا الذهاب إلى كورنيش المعصرة بمنطقة حلوان التابعة لمحافظة القاهرة، ونزلوا واحدًا تلو الآخر للمياه ليستمتعوا بالاستحمام في مياه النيل، المحظور النزول فيها، وفجأة شاهد أصدقاء «إسماعيل»، المياه وهي تأخذ صديقهم إلى الداخل، دون أن يقدروا على فعل شئ، وتركوه يغرق دون القدرة على إنقاذه.
غادر أصدقاء الطفل الشاطئ شاردين لا يعرفون ماذا يقولون لأهله، ويبدو على وجوههم ملامح الخوف، الذي جعلهم يتأخرون في إخبار أهل «إسماعيل»، بخبر غرقه، حتى جاء الليل، وذهبوا إلى بيته حاملين ملابسه وأعطوها لوالدته، والتي دخلت في حالة من الصدمة بعدما أخبروها بغرقه.
العيد تحول إلى حزن
تحرك البيت كله إلى الشاطئ مناديين: «إنت فين يا إسماعيل»، لم يجيبهم، فقد اختفى تمامًا وابتلعته المياه دون أن يظهر أي شئ منه، سوى ملابسه التي تركها على الشاطئ، بحسب عاصم فخري، ابن عمه.
مر يوم ثم الثاني ثم الخامس، ووالدة «إسماعيل» جالسة على الشاطئ، على أمل رجوع ابنها الصغير إلى حضنها، فهي تخرج يوميًا بعد صلاة الفجر، حتى يرغموها على العودة في المساء، وسط صمود تام وامتناع كامل عن الرجوع، فهي لم تكد تفيق من صدمة وفاة زوجها منذ 5 أشهر، حتى فجعها خبر غرق فلذة كبدها.
تجلس الأم أكثر من 16 ساعة يوميًا، تنتظر رجوع «إسماعيل» دون ملل، وأمامها الغواصين المتطوعين في البحث عنه لمدة أسبوعًا كاملاً، تتحدث مع نفسها أحيانًا، شاردة لا تفكر سوى في آخر وداع لابنها الغريق، أو ذكرى حلوة جمعتهما، أو كلمة قالها حفرت في ذهنها لم تخرج حتى الآن.
أقاربها من حولها، يحاولون إقناعها أنه حي، وسيعود إليها مرة أخرى، وهي مسكينة ليس لديها شيئًا، سوى تصديق كلامهم، الذي قد يخفف شئيًا من الحزن على قلبها.
يحكي «عاصم»، ابن عم الطفل الغريق لـ «الوطن»، قصة أيام عاشتها العائلة على الشاطئ، يغوصون أحيانًا، ويستريحون عدة دقائق أخرى، وخلال وجودهم على الشاطئ، أنقذوا 6 أشخاص من الغرق، من بينهم أطفال صغار يذهبون إلى الشاطئ دون معرفة أهاليهم، مضيفًا: «إسماعيل خرج من البيت كعادته عادي، بس ماقلش هو رايح فين، وبعد ما نزل المياه صحابه شافوه وهو بيغرق بس خافوا يقولوا لأهله، واستنوا لحد ما رجعوا تاني لأمه، ومن يومها مفيش له أي أثر».